أوباما يريد تأجيل الثورة السورية إلى ما بعد الانتخابات
الخميس ٣ مايو ٢٠١٢
سيسعى القائمون على الحملة الانتخابية لإعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما لولاية ثانية، إلى إبعاد مسائل السياسة الخارجية، سيما تلك التي قد تورط الولايات المتحدة في نزاعات وحروب. سيعملون على إبراز قتل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن بصفته أهم انجاز للرئيس أوباما، أقله من ناحية الأمن القومي الأميركي، وبصفة العملية بحد ذاتها شهادةً على شخصيته وقيادته. ما عدا ذلك من أمور سيدخل في خانة إدارة الأزمات إذا كان في قدرة حملة أوباما ضبط الصراعات واحتواؤها وإبعادها الى ما بعد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) موعد إجراء الانتخابات الرئاسية. هذه الإستراتيجية لها مبرراتها، نظراً لانزواء الناخب الأميركي في شبه انعزالية، وإيلائه الأولوية القاطعة لما يؤثر في معيشته وحالته الاجتماعية وديون الدولة ونسبة البطالة ومستقبل الاقتصاد. الا ان مخاطر هذه الإستراتيجية جدية، كما أنها ليست مُصانة بسبب طبيعة الحدث، سيما في منطقة الشرق الأوسط واحتمال انزلاقه الى مرتبة لن يكون في المستطاع تجاهلها، فالرئيس الأميركي أعلن من أفغانستان هذا الأسبوع ان دور الولايات المتحدة في الحرب الأفغانية يقترب من نهايته، لكن الولايات المتحدة لن تتخلى عن هذا البلد ولا عن استكمال الحرب على «القاعدة». قال إن التغلب على «القاعدة» بات في متناولنا. خاطب مواطنيه من كابول بعد أكثر من عقد من الحرب في أفغانستان، التي زارها لست ساعات بصورة سرية ومفاجئة بمناسبة الذكرى الأولى لمقتل بن لادن. لكن الحرب على «القاعدة» لم تعد حصراً في أفغانستان، فـ «القاعدة» تملك قواعد في باكستان واليمن -وكلا البلدين في وضع قابل للانفجار-. إدارة أوباما ليست غائبة عن ملاحقة «القاعدة» في باكستان أو داخل اليمن، إنما اليمن يتطلب معالجة أعمق، إذ إنه يقترب من التحول الى دولة مارقة مُصدِّرة لنوع جديد من التطرف والإرهاب قد يجعل منه صومال أو أفغانستان اخرى. السودان أيضاً قنبلة مؤقتة ستتطلب إزالة فتيل التفجير منه إجراء حديث معمق وجدي بين الصين والولايات المتحدة، حيث للاثنتين أدوار تمتد من المصالح النفطية الى لعب واشنطن دور عرّاب تقسيم السودان. العراق ليس حدثاً مضى، وإنما مازال مهدَّداً بالتقسيم والحرب الطائفية الأهلية.
مصر تدخل مرحلة تاريخية خطيرة لن يفيد فيها أسلوب الإنقاذ عبر ضخ المال بعد فوات الأوان. إيران تشكل خنجراً في خاصرة الولايات المتحدة تخشى إدارة أوباما سحبه وتبذل قصارى جهدها لإبقائه على قدر عمقه، ففي إيران تضيع إدارة أوباما بين الترغيب والتهديد، ونحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعرّي إدارة أوباما نفسها، فهي لا تريد عملاً عسكرياً ضد ايران، وهي لا تريد تكبيل الجمهورية الإسلامية عبر مسمار العجلة الأساسي لها، أي حليفها السوري. أما في سورية، فإن ما يحدث هناك قد يرتد على إستراتيجية كل من القائمين على حملة إعادة انتخاب أوباما، وكذلك على إستراتيجية القائمين على إبقاء حكم بشار الأسد ونظام البعث، فمن هناك ربما يأتي الحدث الذي قد يجبر أوباما على الكف عن الهروب الى الوراء. أما إطالة الوضع الراهن، بكل ما فيه من تمادي النظام السوري في سياسة إنهاك المعارضة وإنهاك الأسرة الدولية، فإنه سيسفر في نهاية المطاف عن تنمية التطرف ونموه وحشاً خطيراً في هذه المنطقة المهمة إستراتيجياً، ولن تفيد عندئذ سياسة دفن الرؤوس في الرمال.