للمرة الاولى منذ وصول المراقبين الدوليين الى سورية استهدفهم امس انفجار لدى مرور موكبهم المؤلف من ست سيارات عند مدخل مدينة درعا. وكان بين اعضاء الفريق رئيسه الجنرال روبرت مود. وبينما لم يتعرض المراقبون الدوليون لأذى، افيد بان ستة جنود سوريين كانوا يرافقون الفريق اصيبوا بجروح. وكان المراقبون عبروا موقع الانفجار قبل ثوان من انفجار العبوة. ويأتي هذا الهجوم بعد يوم على احاطة المبعوث الدولي -العربي كوفي انان مجلس الامن بالوضع في سورية منذ بدء تطبيق خطته في 12 نيسان (ابريل) الماضي. واتهم انان اتهم الحكومة السورية بتحمل «المسؤولية الكبرى» عن استمرار القصف واعمال العنف وانتهاكات حقوق الانسان، وأكد ان «مستوى الانتهاكات وكثافتها غير مقبولين».
وأكدت مصادر الأمم المتحدة إن المنظمة الدولية تنتظر من السلطات السورية إجراء تحقيق في الانفجار. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «الاعتداء، الى جانب استمرار العنف في المدن السورية، يدعو الى مساءلة الأطراف عن التزامها وقف العنف وقد يكون له تأثير مباشر على مستقبل عمل بعثة المراقبين». وحذر من أن بعثة المراقبين وجهود أنان «الفرصة للسير بسورية نحو الاستقرار وتجنب حرب أهلية». ونقلت مصادر الأمم المتحدة عن الجنرال مود أن «حادث الانفجار غير مقبول لكن استمرار العنف في سورية غير مقبول على المستوى نفسه». وقال ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن إن «القرار ٢٠٤٣ جعل مهمة سلامة البعثة وأمنها من مسؤولية السلطات السورية، وهي المعنية بتطبيق التزاماتها» في هذا الصدد.
وأجرى بان اتصالاً بالجنرال مود بعد الانفجار «وشكره على أداء البعثة عملها في ظروف خطرة»، بحسب الناطق باسم الامين العام مارتن نيسركي. وقال بان، في بيان، إن «ليس من أدلة على أن الانفجار استهدف موكب بعثة المراقبين (أنسميس)، لكنه يدل على الصعوبات والتحديات التي تحيط بعمل» هؤلاء. وأكد قلقه البالغ حيال ازدياد التفجيرات بعبوات ناسفة على امتداد سورية وكرر إدانته القوية للاعتداء، داعيا كل الأطراف الى التزام وقف العنف والتعاون مراقبي البعثة وحمايتهم ودعمهم.
وأكدت مصادر الأمم المتحدة أن الانفجار «لن يعيق عمل بعثة المراقبين أو يؤخر وتيرة انتشارها وتطبيق ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن». وأكد مود أن وتيرة نشر المراقبين تسير بسرعة وأن عدد المراقبين العسكريين سيصل غداً الجمعة الى ١٠٠ إضافة الى ٤٣ موظفاً مدنياً». وشدد بيان لـ «أنسميس» على أن البعثة «تستقبل المزيد من المراقبين العسكريين والموظفين المدنيين بشكل يومي فيما توسع وجودها على امتداد سورية». وأضاف أن البعثة تضم حتى الآن ١١٣ عنصراً من ٣٨ دولة، وهم ٧٠ مراقباً عسكرياً و٤٣ موظفاً مدنياً، وأنها تعمل الآن من خمسة مراكز في مناطق مختلفة من سورية الى جانب مقرها في دمشق، وأن ٨ مراقبين عسكريين وثلاثة مدنيين متمركزون في حمص، إضافة الى ٤ مراقبين عسكريين في كل من حماه وإدلب ودرعا وحلب.
وبحسب بيان «أنسميس»، وقع الانفجار قرب موكب الجنرال مود «بعيد عبوره حاجزاً عسكرياً في الطريق من دمشق الى مدينة درعا». وأوضح أن الموكب كان «بمرافقة الجيش السوري، وفريق من الصحافيين السوريين والأجانب»، وأنه وقع قرب «الجزء الخلفي للموكب وأوقع عدداً من الإصابات بين الجنود السوريين، ولم يصب أي من المراقبين الدوليين بأذى».
واعتبرت مصادر في مجلس الأمن أن «الانفجار يطرح أسئلة حول سلامة وأمن بعثة أنسميس ومسؤولية السلطات السورية عن تأمينهما». وقالت إن المناقشات مستمرة مع السلطات السورية في شأن الاتفاق على البروتوكول النهائي لوضعية عمل البعثة في سورية «ولم يتم التوصل الى اتفاق بعد على الجانب المتعلق بالقدرات الجوية لأنسميس».
وبحسب مصادر في مجلس الأمن فقد طرح السفير الروسي فيتالي تشوركين الثلثاء على رئيس قسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة إيرفيه لادسوس «أن تتولى الحكومة السورية تأمين المروحيات للمراقبين الدوليين على أن تطلى باللون الأبيض، لكن لادسوس رد عليه بأن ذلك قد يقوض استقلالية البعثة وأن قدراتها يجب أن تكون مستقلة».
وأوضحت المصادر أن «عدم التوصل الى اتفاق مع الحكومة السورية في شأن بروتوكول وضعية البعثة لن يعيق انتشار المراقبين بأي حال». وأوضحت أن ثمة اتفاقاً أولياً وقعته الحكومة السورية مع الأمم المتحدة ويمكن أنسميس أن تعمل بموجبه، وهو يمنحها قدرة تحرك جيدة ويلزم السلطات السورية كفالة حريتها».
وتمهلت مصادر الأمم المتحدة وصف انفجار أمس بالاعتداء وقالت ان «التفجيرات تتم بشكل يومي في مناطق عديدة من سورية ولن نتسرع في اعتبار الانفجار المذكور هجوماً على بعثة أنسميس». لكنها أضافت أن «المسؤولية الآن تقع على الحكومة السورية لإجراء التحقيق وإبلاغ الأمم المتحدة بنتائجه». وقالت إن «الخطر كبير على مراقبي البعثة لأنهم غير مسلحين ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، لكننا نتخذ الاحتياطات اللازمة قبل أي تحرك وهذا لن يحد من تصميم البعثة على أداء ولايتها لأن الخطر سيبقى قائماً». وعما إذا كانت البعثة على تنسيق مستمر مع السلطات السورية في شأن وجهة تحركاتها، قالت المصادر «إن الموكب أمس كان متجهاًَ الى درعا بمرافقة الجيش السوري، ونحن نبلغ السلطات السورية بوجهة تحركنا وكذلك نبقى على تواصل مع كل الأطراف الأخرى في هذا الشأن» في إشارة الى مجموعات المعارضة المسلحة.
وكان «المجلس الوطني» اتهم النظام السوري بتدبير الانفجار «لابعاد المراقبين عن الساحة» ولتثبيت «مزاعمه بوجود اصولية وارهاب في سورية». وقال سمير نشار عضو المكتب التنفيذي في المجلس «ان سياسة النظام من خلال هذه التفجيرات هي ابعاد المراقبين عن الساحة وسط المطالبات الشعبية بزيادة اعدادهم».
من جهة اخرى أبلغ الرئيس باراك أوباما الكونغرس أمس بتجديد حال «الطوارئ الوطنية» بالنسبة الى سورية والتي تتضمن هيكلية قانونية «لاستمرار العقوبات واعتبار سورية تهديد استثنائي وغير عادي».
وبعث أوباما برسالة للكونغرس تطلب تجديد حالة الطوارئ حول سورية والتي يتم العمل بها وتجديدها سنويا منذ عام ٢٠٠٤ وبأمر من الرئيس السابق جورج بوش. واشار في رسالته الى قيام الأسد «بقتل المدنيين ودعم الارهاب».
وجاء التجديد في وقت يعقد فيه وفد من الأكراد السوريين اجتماعات في العاصمة الأميركية . ويترأس الوفد رئيس الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي عبد الحكيم بشار، واجتمع مع السفير الأميركي لدى سورية روبرت فورد ومنسق الشأن السوري في الخارجية فريديريك هوف. كما يعقد اجتماعات في مجلس الأمن القومي مع المسؤولين عن الملف السوري.
وأشار السناتور جون كيري المقرب من البيت الأبيض الى أن هناك “حاجة لتغيير الديناميكية الحالية في سورية... يجب أن نزيد الضغوط ونغير الحسابات». وقال في حديث لمجلة «فورين بوليسي» أن فكرة المناطق العازلة تحتاج الى بحث. كما تحدث عن تقارب أكبر مع الجانب الروسي حول سورية، ورأى أن الاعلان عن فشل مهمة أنان من الأفضل أن «يأتي من أنان نفسه» وليس من الولايات المتحدة أو غيرها.