استمرت اعمال العنف والمواجهات في مختلف المناطق السورية امس، رغم وجود فريق المراقبين الدوليين برئاسة العقيد احمد حميش، وفي الوقت الذي أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال زيارته لبكين ان حكومته تحترم وقف اطلاق النار وانها قامت بسحب قواتها وآلياتها الثقيلة من المناطق السكنية. وذكرت مصادر المعارضة ان عدد القتلى امس بلغ 35 على الاقل اكثرهم في حمص حيث تعرض حي الخالدية مجدداً للقصف وفي ادلب. فيما قالت وكالة «سانا» الرسمية ان قوات الامن تعرضت لمتفجرتين في ادلب وحمص سقط فيهما 10 من هذه القوات وعدد من المدنيين.
وكان فريق المراقبين قام امس بجولة في مدينة عربين قرب دمشق استقبلته فيها تظاهرة ضمت المئات كانوا يهتفون بسقوط النظام، ونجح بعضهم في لصق ورقة كبيرة على الزجاج الخلفي لاحدى سيارات الفريق التي تحمل شعار الامم المتحدة كتبوا عليها «السفاح مستمر بالقتل المراقبون مستمرون بالمراقبة والشعب مستمر بثورته». وقال ناشطون ان التظاهرة تعرضت لاطلاق نار من قوات النظام خلال وجود المراقبين. واظهر شريط فيديو تم بثه على الانترنت المتظاهرين وهم يتفرقون ويركضون بسرعة فيما تسمع في الخلفية اصوات اطلاق رصاص، من دون مشاهدة اي اثر لوفد المراقبين.
ورفض حميش التعليق على هذا الحادث لدى عودته الى الفندق مساء، وقال للصحافيين: «تقريرنا سنقدمه الى الامم المتحدة وهو سري ولا نقدم اي تقرير للصحافة».
وكان «مجلس قيادة الثورة» في ريف دمشق اصدر بيانا اعلن فيه ان قوات النظام اقدمت على «سحب دباباتها من مدينة عربين تزامنا مع قدوم اللجنة الدولية الى المدينة». وذكر ان اهالي عربين علموا بقدوم وفد المراقبين «فاغلقوا محالهم وتوجهوا الى منطقة المسجد الكبير حيث اللجنة وقاموا بتظاهرة حاشدة جدا، فجن جنون الامن... الذي بدأ باطلاق النار».
وفي موازاة ذلك، خرجت سلسلة تظاهرات امس نددت باستمرار العنف وطالبت باسقاط النظام، ابرزها في بلدتي الركايا والتمانغة في ادلب. كما سارت تظاهرة طلابية في حي المنصور في دمشق، واخرى في التل في ريف دمشق. وشهدت مدينة حلب تظاهرة في حي الاذاعة.
في هذا الوقت اعلن في الامم المتحدة في نيويورك عن الاستعداد لتوقيع وثيقة اتفاقية برتوكول نشر بعثة المراقبين مع الحكومة السورية الذي كان متوقعاً ليل أمس (الأربعاء). واتُخذت الاستعدادات للتوقيع عند التاسعة من مساء أمس بتوقيت دمشق بحسب ما أكد أحمد فوزي المتحدث باسم أنان لـ»الحياة». ومن المقرر أن يستمع مجلس الأمن اليوم الى جان ماري غوينهو نائب أنان بعد رسالة كان مفترضاً أن يتسلمها مساء أمس من الأمين العام بان كي مون تتضمن توصياته حول ولاية بعثة المراقبين وعديدها ومهماتها. وقالت رئيسة مجلس الأمن السفيرة الأميركية سوزان رايس إن أنان سيقدم إحاطة الى المجلس مطلع الأسبوع المقبل. وستفتح هذه العناصر مجتمعة الطريق أمام مجلس الأمن لمناقشة مشروع قرار تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا على وضع مسودته يجيز نشر بعثة المراقبين في سورية ويحدد مهماتها وولايتها «تحت الفصل السادس»، بحسب رايس.
وشددت رايس بعد جلسة مداولات مغلقة في المجلس أمس على «ضرورة المساءلة حول الظروف التي تسمح بانتشار كامل البعثة وننتظر من الأمين العام أن يقدم تصوره عن المطلوب للبعثة لتعمل بفعالية». وأضافت أن المجلس سيستمع صباح اليوم الى غوينهو والمسؤول في قسم عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة إدموند موليت عند التاسعة صباحاً (بتوقيت نيويورك)، على أن يستمع الى أنان مطلع الأسبوع المقبل «لمعرفة تقويمه للوضع على الأرض، وفي ضوء التقويمات مجتمعة سيحدد المجلس موقفه» ووجهة تحركه. ومن وجهة النظر الأميركية فان أي بعثة للأمم المتحدة يجب أن تعمل باستقلالية وحرية تحرك لتقوم بعملها بفعالية.
وأضافت رايس أن «المراقبين لن يوقفوا العنف في سورية بغض النظر عما اذا كانوا ٣٠ أو ٢٥٠ أو ٢٠٠٠ لأنهم غير مسلحين وسيعملون تحت الفصل السادس، وسيقدمون تقريراً عما يجري على الأرض بناء على مراقبتهم». وقالت: «لهذا نحن واضحون في شأن مسؤولية الحكومة السورية عن وقف العنف، ومن ثم المعارضة». وقالت إن «عدد المراقبين صغير الآن في سورية ورغم ذلك هم يعانون صعوبة العمل كما هو مطلوب».
وأكد فوزي لـ «الحياة» أن الاجتماع بين أنان ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل اتسم «بالاحترام الشديد» إذ أنهما «تبادلا الآراء وبحثا مصادر القلق وركز الأمير سعود على التخوف من استمرار الوضع الراهن في سورية سيما أن القتل لم يتوقف بعد رغم موافقة الحكومة السورية على خطة أنان بنقاطها الست، ووصول المراقبين الى دمشق». وقال فوزي أن أنان، إضافة الى اجتماعه مع وزراء الخارجية العرب في الدوحة، عقد لقاءات ثنائية مع الأمير سعود الفيصل ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم، وأن الوزراء العرب «ناشدوه السرعة والضغط على الحكومة السورية لتنفيذ الخطة على الأرض». ووصف فوزي المحادثات في الدوحة بأنها كانت «جيدة وبناءة» وأن أنان قدم تقريراً «حول تفاصيل ما فعله في الأسابيع الماضية منذ أن التقى بهم وبالأمين العام نبيل العربي». وبحسب فوزي، «أعطى أنان الوزراء العرب تقريراً حول زياراته الى موسكو وبكين وتركيا وإيران ومباحثاته مع القادة الإيرانيين». وقال إن جلسة أنان مع الوزراء العرب كانت «جلسة حوار طرحت خلالها أسئلة وحدث نقاش حول خطة النقاط الست». وأضاف أن الوزراء العرب عبروا عن «قلقهم من بطء التحرك بالنسبة الى وقف النار ووقف العنف بجميع أشكاله».
ويعقد مساء اليوم في باريس اجتماع دولي لمناقشة الوضع في سورية يشارك فيه تسعة وزراء خارجية من مجموعة «اصدقاء الشعب السوري» برئاسة وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه. وتشارك في الاجتماع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون والامير سعود الفيصل والشيخ حمد بن جاسم ووزراء خارجية مصر والاردن والمغرب وتركيا والمانيا.
وقال جوبيه عشية الاجتماع «ان العراقيل التي تضعها دمشق امام انتشار بعثة مراقبي الامم المتحدة واستمرار القمع من جانب النظام السوري في تناقض مع التزاماته، تستدعي ردا قويا من المجتمع الدولي». واوضح ان الاجتماع يهدف الى «توجيه رسالة شديدة اللهجة الى دمشق ورسالة دعم لكوفي انان»، مشددا على ضرورة التعبير عن «العزم على عدم حرف عملية سياسية اساسية بالنسبة الى الشعب السوري عن مسارها».
وانتقد البيت الابيض «عدم صدق» حكومة الرئيس السوري، نظرا الى استمرار قصف المعارضين، محذرا من «خطوات مقبلة» من جانب المجتمع الدولي ما لم تتوقف الهجمات. كما حذرت كلينتون الرئيس الاسد من انه سيواجه اجراءات اكثر شدة اذا اهدر «فرصته الاخيرة» المتمثلة في تطبيق خطة انان لوقف العنف في سورية. واضافت ان سورية تقف «عند منعطف حرج» بين التقدم نحو السلام او تعميق النزاع. مؤكدة ان استمرار العنف مع انتشار المراقبين الدوليين «امر مقلق للغاية».