المستشار السابق لزعيم "التيار الوطني الحر" استذكر
قول
تاليران "كل حليف خائن عندما تأتي ساعته للخيانة"
فايز
القزي لـ "السياسة": اتفقت مع السوريين على عودة
عون من باريس شرط عدم تحالفه مع الحريري وجنبلاط
بيروت
- من صبحي الدبيسي:
السياسة 19 كانون الثاني
اكد
الحليف والمستشار السابق للنائب العماد ميشال عون المحامي فايز القزي, ان
الجنرال عون عندما بدا رحلة التفاهم مع »حزب الله« كان يعيش في منطقة من
الضباب تكثر فيها الادوات والاشخاص والامكانيات التي تضخ يوميا هذا
الضباب الكثيف بحيث تتعذر عليه الرؤية الصحيحة. ولفت الى ان "الجنرال"
وضع غشاوة على عينيه ابعدته فعلا عن الشعارات التي كان ينادي بها وقد
يستفيق في يوم من الايام ليرفع هذه الغشاوة ويعتذر عن هذا الخطا الذي
ارتكبه مستغربا هذه الغيبة الطويلة للجنرال خارج الاوكسجين الذي كان
يتنشقه.
كلام
القزي اتى في سياق حوار اجرته معه "السياسة" كشف فيه لاول مرة مضمون
الرسالة التي نقلها لعون من القيادة السورية عن طريق الرئيس الحريري تعلن
موافقتها على انتخابه رئيسا للجمهورية, وانه في نهاية العام 2004 قام
بمبادرة مع السوريين باتجاه عودة الجنرال عون الى لبنان مقابل عدم قيام
تحالفات بين عون وكل من رفيق الحريري ووليد جنبلاط لكن مبادرته اصطدمت
بتصلب الرئيس اميل لحود وقتها.
القزي برر
خلافه مع عون بسبب ذهابه بعيدا في علاقته ب¯»حزب الله«, متسائلا اذا كان
الراي والمشورة والامر والطاعة والولاء لايران فانه ماذا بقي لميشال عون,
وكيف قبل الاخير ان يعطي »حزب الله« كل شيء دون ان ينتزع من السيد حسن
نصر الله عفو عن اللبنانيين الذين لجاوا الى اسرائيل بعد تهديد »حزب
الله« لهم بالقتل.
واشار
القزي الى ان عون يعرف بداخله ان »حزب الله« لن يؤيده في معركة رئاسة
الجمهورية, وانه تصرف في هذا الموضوع بعصبية وبردة فعل غير مدروسة, وان
تحالفه مع »حزب الله« اساء لصورته وحوله من قائد سياسي الى رجل سياسي,
لان صورة عون وهو يخطب في الجماهير المحتشدة في رياض الصلح لم تكن صورة
القائد المنتمي لهذه الجماهير.
القزي راى
انه من الخطا ان يتنازل عون عن القيادة لاستبدال نفسه بسياسي بحثا عن
رئاسة الجمهورية.
وفي ما
يلي نص الحوار:
*
بعد ان كنت
من اقرب المقربين للجنرال عون, مستشارا وصديقا ومدافعا عن خطه السياسي...
ما هي اسباب هذه الفرقة ولماذا ابتعدت عنه في هذه الفترة بالتحديد?
في
الحقيقة السبب سياسي, وهناك اسباب اخرى شخصية لا تهم الراي العام, احتفظ
بها لنفسي, اما السبب السياسي فهو الدافع الاساسي, بعد تغير تحالفات
الجنرال عون وبالتحديد موضوع تحالفه مع »حزب الله«..
انا
والجنرال عون كنا متفاهمين في موضوع »حزب الله« ولقد رافقته منذ سنة 1985
وفي كل المحطات التي مر بها لم يحصل بيني وبينه خلاف جذري واساسي, حصل
بعض التمايز في التفكير سواء في المحطات السياسية او الاقتصادية التي مر
بها الجنرال من العام 1985 لتاريخ فبراير 2006. انما ما حصل في السادس من
فبراير 2006 كان اول خلاف جذري بيني وبينه نتيجة تفكيره هو.. وهنا لا بد
من توضيح الامور, انا لم اكن عونيا بالمعنى التنظيمي, كنت صديقا للرجل,
وبما انني سياسي سابق, كنت حليفا لميشال عون وبفترة من الفترات كرست كل
همي السياسي بعد ان انهيت تجارب مختلفة بين حزب البعث ثم التحالف مع كمال
جنبلاط ومع الثورة الفلسطينية. تجربتي الاخيرة مع ميشال عون اعطيتها كل
الزخم بحسب قناعاتي, ليس فقط لمجرد القناعة فقط بل لمجرد نوع من العقيدة
انطلاقا من الايمان الملتزم الذي اعمل فيه, طبعا لم انتم ل¯»التيار
الوطني« ابدا منذ تاسيسه, انما كنت قريبا من الجنرال ولغاية فبراير, حيث
حصل الانشقاق والخلاف بيني وبينه الذي ادى الى انقطاع كلي وشامل, لانه هو
ذهب بعيدا في علاقته ب¯»حزب الله« اني رايتها خطا من جهته. قد تسالني
ماذا كان سيفعل عندما كان مطوقا من الفريق الاخر... انا اشهد هنا لصالح
الجنرال بانه كان مطوقا من الفريق الاخر وتحديدا من الخط السياسي الذي
يمثله رفيق الحريري, ويمثله وليد جنبلاط و"قرنة شهوان" و"القوات
اللبنانية" وكل الطرف الاخر الممثل باكثرية 14 مارس. لم يكن عندهم الرغبة
للتفاهم مع الجنرال عون لان مطالبه كانت بنظرهم كبيرة وغير منسجمة مع
الامكانيات التي باستطاعتهم تقديمها له.. في هذه المرحلة كنت منحازا
للجنرال عون حتى انني قبلت ردة فعله على الفريق الاخر, وتماشيت معه نسبيا
لجهة قيامه بمعركة سياسية ضد وليد جنبلاط و"تيار المستقبل" وكل الاطراف
السياسية الاخرى.
*
يعني انك كنت
مع الجنرال عون ضد الحلف الرباعي?
كنت معه
طبعا ضد الحلف الرباعي الذي نشا في 2005 وكنت متحمسا لطروحاته واخر مقالة
كتبتها في جريدة "السفير" اعتبرت ان الحوار اذا لم ينتج عنه رئاسة لميشال
ينتج عنه الدنس بلا حبل ويكون حوارهم من دون اية نتيجة. الموضوع الاساسي
للخلاف هو موضوع »حزب الله«..
*
لماذا اعترضت
على تحالف الجنرال عون مع »حزب الله«?
لانني
وبكل تواضع اعتبر »حزب الله« الذي نشا من رحم حزب الدعوة العراقي الذي
نشا من الثورة الاسلامية الخمينية وترعرع وعاش في احضان حراس الثورة
الايرانية الذي انشق عن حركة "امل" باسم حركة »امل« الاسلامية ومنع كل
اشكال المقاومة في الجنوب, هذا الحزب بنظري وان كان بكل عناصره شيعة
لبنانيين, انما هو يخضع لعقيدة ويخضع لارادة غير لبنانية, بمعنى انه ينفذ
ارادة ورغبات واوامر القائد الاعلى الذي هو الفقيه الايراني والذي هو
حاليا السيد خامنئي, والفقيه الايراني الذي ليس هو العربي. وولي الفقيه
الذي كان في السابق لبنانيا, هو الان ايراني فارسي. من هنا افهم ما قاله
وليد جنبلاط بالمجوسية والفرس, بهذا المعنى.
هذا
الفريق الايراني الذي يتبع لولاية الفقيه, والفقيه فارسي, هو فريق حتى
داخل ايران وهو في ايران الفريق الاكثر تشددا ياتي بعده الاقل تطرفا في
جناح الوسط من المحافظين (رفسنجاني وجماعته), وياتي بدرجة اعلى تقدمية
انفتاحا وتجددا فريق الرئيس خاتمي. فاذا نحن مع »حزب الله« نلتحق بولاية
الفئة المتطرفة في ايران التي جعلتني بهذه الصورة التحق بحزب عقيدته
(الفقيه الايراني) تمويله بطبيعة الحال واضح بهذا الحجم. تسليحه وتدريبه,
وبهذه الحالة عندما يتبع لولاية الفقيه, وكلنا نعرف بهذا المفهوم الديني
تكون التبعية مطلقة وهي اسوا من التبعية الديكتاتورية في التبعية
الديكتاتورية تجوز المناقشة اما في ولاية الفقيه الامر الهي والاوامر
الهية للفقيه فلا يمكن ان تنفذه ثم تعترض, تنفذ من دون اعتراض لانك تنفذ
اوامر الله. فاذا انا بهذا التحليل اصبحت كمسيحي وكلبناني كميشال عون
-انت المسيحي-انت اللبناني-انت العربي, اكيد لا علاقة لك بتنظيم اسمه
»حزب الله«. ولا تستطيع بناء علاقة من هذا المنطلق, واكثر من ذلك انت
المسلم العادي غير الشيعي لا تقدر ان تقيم معه علاقة, انت المسلم الشيعي
اذا كنت محافظا او كنت متطورا متجددا لا تستطيع ان تقيم علاقة مع هذه
المجموعة... وانا هنا اصفها ولا اذمها.. فلتكن لها دولتها وادارتها
وعقيدتها.. فلتقل كما قالت في شعاراتها سابقا وقراناها في كورنيش المزرعة
وعلى طريق الاوزاعي يافطة كتب عليها: (الراي والمشورة-القرار
والعبرة-الطاعة والولاء لايران) التوقيع »حزب الله«. اذا كان الراي
والمشورة, القرار والامر, الطاعة والولاء لايران, ماذا بقي لميشال عون
ولاي شخص اخر يستطيع ان يبني عليه علاقة سواء كان اسمها ورقة تفاهم
والتفاهم تسمية خطا من الاساس, لا شيء اسمه تفاهم في السياسة, هناك
تحالفات في السياسية خاصة اذا كان من وقع هذا التفاهم رئيس »التيار
الوطني« والامين العام ل¯»حزب الله«. التفاهم يقوم بين مستويات ادنى. لو
جبران باسيل وقع على الورقة مع الحاج خليل نفهم ان هذا التفاهم لم يصبح
نهائيا لانه لم يوقع عليه ميشال عون وحسن نصر الله. اما عندما يحضر نصر
الله وعون ويوقعان عليه يصبح تحالفا وليس تفاهما. كيف يمكن قيام تفاهم
بين فريقين في هذه الصورة.
*
هل ناقشت
الجنرال عون مخاطر هذا التفاهم وماذا كانت ردة فعله?
طبعا حصل
نقاش معه بعد ان تراكمت عدة قصص وعندما وصلنا الى فبراير الماضي كانت
هناك بعض القضايا تشوش العلاقة بيننا واخر جلسة عقدتها معه كانت في 25
فبراير-2006, تحدثنا بموضوع ورقة التفاهم. وبدات من نقطة بسيطة تهمني
وتهمه كثيرا ويومها كان التفاهم موقعا في منطقة حساسة جدا حصل قبلها
الهجوم على الاشرفية في 5 فبراير, وحصول مثل هذا اللقاء يخفف من حدة ما
جرى قبل ان يتسنى لنا التنبه من خطورة الامر. رغم هذا دخلت على الموضوع
وكنت قبل ذلك تحدثت كثيرا مع ميشال عون بالنسبة للعلاقة مع »حزب الله«.
وكانت عملية مناورة على طريقة الكذبة البيضاء.. المناورة مفيدة لمنع
الاحتقان.. وقلت له كيف تسمح لنفسك توقيع ورقة التفاهم بدون الحصول من
»حزب الله« على عفو عن الهاربين الى اسرائيل.. وهؤلاء كانوا يعتمدون بشكل
اساسي على الجنرال عون في معالجة وضعهم. وكانوا يعتبرونه الاقرب اليهم
وهو من سيتبنى قضيتهم.. وانا شخصيا لي وجهة نظر بهذا الموضوع واعتبر نفسي
احد المسؤولين عن تهجيرهم لاسرائيل بشكل او باخر, بما انني كنت مسؤولا عن
مرفا الجية الذي تولى توزيع التموين من قبل الحركة الوطنية. كل المساعدات
انذاك من رز وسكر وطحين ومواد غذائية ومحروقات كانت توزعها الحركة
الوطنية من مرفا الجية. وكنا نرسل الى منطقة الحدود قبل وجود سعد حداد
وقبل تكوين الشريط الحدودي تموين الى الاهالي وكانت السيطرة في تلك
الايام للاحزاب من قوميين وبعثيين ومنظمة عمل شيوعي وفتحاويين وغيرهم.
وكانوا دائما يشتكون من عدم وصول التموين الى قراهم في مرجعيون والقليعة
ورميش وغيرها من القرى الحدودية, وكنا نؤكد باننا ارسلنا لهم كل ما
يحتاجونه وبعد فترة من الزمن وجدنا ان سيارات التموين المتوجهة الى قرى
الحدود تصادر بعد النبطية احيانا من القيادة العامة واحيانا من الصاعقة
ومن سائر المنظمات الفلسطينية الى ان جاء سعد حداد في نهاية 1977 واقام
الجدار الطيب واصبحوا يتوجهون للعمل في اسرائيل..
انا فايز
القزي.. انا وكمال جنبلاط.. ومحسن ابراهيم.. وجورج حاوي.. وكل الحركة
الوطنية, ساهمنا مساهمة اساسية مع ابو عمار وزهير محسن واحمد جبريل, نحن
ساهمنا ودفعنا الناس للذهاب الى اسرائيل.. لا يمكن ان تجوع الناس وتقول
لهم لا تاكلوا.. خاصة اذا ما عرض عليه الاكل من غيرك وهذا ما كنا نستعرضه
مع الجنرال عون من سنة 1985 حتى شباط 2005, كيف يا جنرال تترك هذه
المجموعة دون ان تمد لها يد المساعدة وكان الظرف مؤاتٍ جدا. نصر الله
محتاج اليك للتوقيع على هذا التفاهم فكان باستطاعتك ان تطلب منه مقابل
ذلك العفو عن هؤلاء ولا تقنعني ان العفو ياتي من الدولة. انا اريد عفو
»حزب الله« عفو حسن نصر الله الذي كان سبق وقال (اذبحوهم في فراشهم). هذا
الكلام ولو لم ينفذ كان سببا مباشرا لهروب الناس الى اسرائيل, لانه قالها
قبل خروج اسرائيل من جنوب لبنان في 25 مايو 2000, هؤلاء خافوا من ردات
الفعل.. ولا يقدر احد ان يقول للناس: "لا تخافوا"..
*
ماذا كان
جوابه?
كان يعتبر
ان ما جرى مع »حزب الله« تفاهم مؤقت, وهو يستطيع ان ياخذ تنازلات من »حزب
الله« بالنسبة للمعتقلين في سورية, فلا اخذ من سورية ولا اعاد من اسرائيل
كل هذه الاحلام التي حملها للتفاهم لم يتحقق منها اي شيء..
*
لماذا لم
ينتزع العماد عون وعدا من »حزب الله« لدعم ترشحه لرئاسة الجمهورية?
جوابا على
هذا السؤال اتذكر كلاما قاله تاليران: »كل حليف هو خائن عندما تاتي ساعته
للخيانة«, هذه الانواع من التحالفات تنشا لمراحل معينة, لا اعرف وانا
شخصيا كنت من اقرب الناس لميشال عون وكنت التقيه حيث كان في باريس,
واشتغلت على عودته وانا احد الاشخاص الذين قاموا بدور في هذا الموضوع,
واعتقد ان عون يعرف بداخله ان »حزب الله« لن يؤيده في معركة رئاسة
الجمهورية...
*
ماذا يريد
»حزب الله« من ميشال عون الغطاء المسيحي فقط?
طبعا,
»حزب الله« اذا استطاع تامين غطاءً مسيحي لتحركاته ولو غطاء مؤقتا لكي
يستطيع ان يتمكن من السيطرة على الوضع اللبناني. يستفيد كثيرا من العلاقة
مع ميشال عون, بينما العكس صحيح. »حزب الله« اخذ كثيرا من ميشال عون,
ولكن ميشال عون ما الذي اخذه من »حزب الله«?.. لا ارى تبادلا في هذه
العلاقة, الا بالمعنى المادي, وانا لا اعرف ميشال عون رجلا ماديا في هذا
الموضوع. على الاقل تجربتي معه لا تثبت انه كان ماديا..
*
لماذا لم
يحافظ الجنرال عون على زعامته المسيحية بعد انتصاره في انتخابات 2005
كزعيم مستقل وصاحب هالة كبيرة, وهل وصل الى ما اصيب به السيد حسن نصر
الله بعد الهالة الكبيرة التي ربحها في الحرب ضيعها في رياض الصلح?
اعتقد ان
ميشال عون تصرف بعصبية في هذا الموضوع وبردة فعل غير مدروسة. وانا من
اصحاب النظرية التي تقول كان على ميشال عون ان يقف في منطقة محايدة. خرج
من 14 اذار قد يكون ذلك من حقه, لانه لم يشعر بانه انصف في 14 اذار فخرج
منها انما ذهب خطوة زائدة الى الامام فوقع في التحالف الذي اساء لصورته
الانتخابية القائد, المنتصر.. فتحول عند ذلك ميشال عون من قائد سياسي الى
رجل سياسي وهناك فرق كبير بين القائد السياسي وبين الرجل السياسي كان يجب
على ميشال عون ان يحافظ على قيادته ولو اراد ان يحافظ على قيادته لبقي في
موقعه ولو كان بحجم اقل من توسعه الظاهري كما كان يقول.
اما علاقة
ميشال عون خارج الدائرة العونية التقليدية فهي علاقة مؤجرة وليست ملكا,
ولا اصيلة, يعني ما دمنا نستفيد منك نعطيك الدعم, فصورته يخطب بالجماهير
المحتشدة ل¯»حزب الله« لم تكن صورة القائد المنتمي لهذه الجماهير, عندما
شاهدت ميشال عون يخطب بالمحتشدين في رياض الصلح لم اشعر انه ذاك الراعي
الذي يخاطب رعيته هذه ليست صفات القائد, هذه صفات رجل السياسي, هذه تنطبق
على السياسي, كان حلمي ورايي ان يحافظ ميشال عون على قيادته سواء جاءت
رئاسة الجمهورية او لم تاتِ. القيادة كانت مضمونة له. ان يتنازل عن
القيادة لاستبدال نفسه بسياسي بحثا عن رئاسة الجمهورية هذا ما كان مطلوبا
ان يفعله ميشال عون.
ميشال عون
خسر خسارة اساسية في هذا الموضوع وهو الذي سبق قال واكد عدة مرات في
الاعلام كيف انه رفض العرض الذي قدمته له من حافظ الاسد عبر الرئيس رفيق
الحريري بان سورية توافق عليه رئيسا للجمهورية فيذكرني بعد فترة من الزمن
بقوله عندما قدمت لي عرض القبول بالرئاسة عن طريق رفيق الحريري في اذار
1989 قبل حرب التحرير التي بدات في 14 اذار من السنة نفسه نقلت له هذه
الرسالة وكتبت عنها في كتابي من ميشال عفلق الى ميشال عون قال لي يومها
ميشال عون (انت تنقل لي رسالة ان حافظ الاسد يعرض علي رئاسة الجمهورية,
انا اشكره ولكن اريد اولا الجمهورية) هذا الكلام اعطيته لسركيس نعوم
وكتبه سركيس نعوم في كتابه صفحة 90, نحن اليوم نذكر ميشال عون.. وهذه
مشكلتي مع »حزب الله« وليس مع الشيعة, انا اميز كثيرا بين الشيعة وبين
»حزب الله«.. ليس لدي اي اشكال مع الشيعة اعتبر نفسي شيعيا بقدر ما انا
مارونيا وانا اعتبر نفسي سنيا بقدر ما انا مارونيا.. انا لا اميز وخاصة
شيعة جبل عامل. انما المشكلة هي مع هذا الفريق المتشيع للفقيه, الذي يتبع
ولاية الفقيه ولست وحدي حتى الشيعة في لبنان وعلماء الشيعة الكبار يرفضون
ولاية الفقيه.
*
اين ذهبت هذه
الشعارات السيادية للعماد ميشال عون: استقلال لبنان, سيادة لبنان, قانون
محاسبة سورية, القرار 1559?
خطبه في
فرنسا.. خطبه في بعبدا وكل ما اطلقه من شعارات كيف تحول الى حليف وتابع
للقرار السوري.
حتى الان
رغم انقطاعي عن الجنرال فترة تقارب السنة, لا اصدق بان ميشال عون ترك
فعلا هذه الشعارات, انما وضع غشاوة ابعدته فعلا عن هذه الشعارات, وهو
شخصيا يدرك هذا الواقع وانما بغضبه الشديد على الطرف الذي حمل معه هذه
الشعارات تركها له وهو يضع بينه وبين هذه الشعارات غشاوة او حاجزا مؤقتا
قد يستفيق في يوم من الايام ليرفع هذه الغشاوة ويقول: انا اعتذر عن هذا
الخطا ويعود الى هذه القواعد لانه لا يستطيع ان يعيش اكثر ولفترة طويلة
خارج هذا الاكسجين الذي كان يتنشقه كل يوم مرارا وبجد وليس بتمثيل ويعيشه
فعليا. استغرب للجنرال هذه الغيبة الطويلة عن شعار السيادة والحرية
والاستقلال. وفعليا بينه وبين هذه الشعارات مسافة.
*
لم تكن حرب
تموز غير المنسقة مع الجنرال فرصة له لاسقاط ورقة التفاهم مع »حزب الله«
بعد ان جرت البلد الى هذه الحرب المدمرة, ولماذا لم يستفد الجنرال من هذه
الفرصة?
اعتقد ان
الجنرال عون عندما بدا في رحلة التفاهم مع »حزب الله«, يعيش في منطقة من
الضباب تكثر فيها الادوات والاشخاص والامكانيات الرهيبة تضخ هذا الضباب
يوميا في محيط الجنرال ومنطقته, بحيث انه يتعذر عليه الرؤية الصحيحة. وهو
فعلا اما انه غير محاط بمستشارين اكفاء او انه بات في حالة من رفض
الاستماع الى مستشار. يعني اصبح لديه حسب معلوماتي مصادر تضخه يوميا وفي
كل مناسبة باضاليل وانما تاتي له ببراهين وحجج يستعصي فهمها على من يكون
في عجالة ميشال عون وفي تسرعه امام كل الحلفاء المحتملين الاخرين اعني
بهم اللبنانيين الذين يحبون ان يشاهدوا ميشال عون في استقلاليته وفي
قيادته الذاتية التقليدية الاساسية..
*
هل صحيح ان
الحلفاء الذين تخلى عنهم ميشال عون وكانوا معترضين على الوجود السوري من
وليد جنبلاط الى سعد الحريري و"قرنة شهوان" وزاروه في باريس وتمنوا عليه
العودة الى لبنان, كانوا غير صادقين معه? لماذا فشلت في مهمتك لعودته?
وكيف نجحت وساطة اميل لحود وعاد الجنرال الى لبنان بتوليفة لبنانية
سورية? ولماذا انفصل مباشرة عن فريق 14 اذار بدءا من تغيير الشعارات الى
التغيير بالمواقف?
صحيح كنت
حاضرا في هذه المرحلة وفي ديسمبر 2004 وضعت صيغة نشرتها في بعض الصحف ان
التفاهم الذي حصل مع السوريين حول عودة الجنرال عون الى لبنان وتم
التوافق على هذا الموضوع يعود الجنرال الى لبنان ولا يتحالف لا مع وليد
جنبلاط ولا مع رفيق الحريري, لانهما بدا تشكيل عصب المعارضة للوجود
السوري مقابل قبول السوري بالعودة وبفرض على حلفائه عدم ازعاج ميشال عون
في تحالفاته ويطلب من السلطة اللبنانية الغاء مذكرة التوقيف وملف
الاتهامات ضده واعادة كل المستحقات المالية والتعويضات المترتبة له
ولباقي الجنرالات الذين خرجوا معه.
ما حصل من
تفاوض بين الجنرال عون وبين ال الحريري ووليد جنبلاط بعد ديسمبر 2005
وبعد هذا الاتفاق الذي وضعته فاستمرت العلاقة والزيارات حتى الى ما بعد
اغتيال الحريري ويبدو انها كانت من الطرفين بحسب معلوماتي, لانني ابتعدت
في تلك المرحلة. وتجدر الاشارة بانني زرت الرئيس لحود وابلغته مضمون
الاتفاق ووضعته في الصورة وعندما لمست عدم موافقته اثرت الابتعاد وعدم
التدخل.
*
برايك حذر
العماد ميشال عون من اقامة تحالف مع جنبلاط والحريري ما زال قائما حتى
اليوم هو تنفيذا لنصيحة السوريين?
بتصوري
هذا ممكن. وربما تكون هذه المعلومات قد تسربت الى بعض افرقاء 14 اذار,
لانني لم اكن وحدي المهتم بموضوع العماد عون, السوريون تكلموا في هذا
الموضوع وكل الذين زاروا سورية في تلك الفترة على علم به.. وربما وليد
جنبلاط ورفيق الحريري و"قرنة شهوان" علموا بهذه المبادرة, فعملوا على
تطويقها. وكنت توقفت عن متابعة مهامي لانني بعد ان انهيت الاتفاق مع
السوريين واثناء زيارتي لاميل لحود لوضعه في صورة ما اتفقنا عليه مع
السوريين وجدته متصلبا بشكل غير طبيعي بالنسبة لمذكرة التوقيف واعادة دفع
الرو اتب في وقت اعطى السوري موافقته وما عدت اعرف لماذا كان السوري مرنا
والرئيس لحود متصلبا ولم اعرف كيف حيكت هذه المناورة الا فيما بعد. لكنني
وقتها رفضت طلب الرئيس لحود تقديم طلب خطي لاستعادة مذكرة التوقيف على ان
يقدم الجنرال عون طلبا خطيا الى وزارة الدفاع لصرف تعويضاته فاتخذت
مبادرة مني بالرفض, عندها يبدو ان اميل لحود استغل هذا الموقف لا سيما
بعد ان كنت صرحت لجريدة "السفير" ان ميشال عون عائد بدون اية مقايضة
والكرة في ملعب السلطة وما كنت اعرف ان هذا التصلب وهذه المناورة كان
سببها ان الرئيس لحود سيوفد رسلا الى ميشال عون منهم الوزير السابق يوسف
سلامة ورئيس حزب الكتائب كريم بقرادوني ونجله اميل اميل لحود. هؤلاء
زاروا عون بعد ان تصلبت في موقفي. تصلب لحود انتج زيارات قام بها سلامة
وبقرادوني ولحود في وقت كان ميشال عون يفاوض الطرف الاخر الذي اصبح فيما
بعد 14 اذار. ربما في ذلك الوقت كان ميشال يفاوض اكثر من فريق لتحقيق
مشروع العودة الى لبنان.
*
بعد كل الذي
حصل لبنان الى اين?
نحن
الان... في القانون الجريمة ما دامت فكرة في راس الانسان لا يمكن ان
تحاكم عليها الى ان تبدا بالتحضيرات العملية لها.. تحضير السلاح تحضير
الفخ... حتى قبل ارتكاب الجريمة لا بد من عمليات تحضيرية.. نحن اليوم في
حالة متقدمة من العمليات التحضيرية والجريمة هي الصراع العنفي في لبنان,
نحن دخلنا المعركة في لبنان, غير صحيح, ان ما يجري هو لمنع المعركة,
فالقيادات اصحاب القلوب الطيبة بامكانها تحضير اطفائية لكن هل الاطفائية
وحدها تكفي.. لبنان يوميا مصاب في اقتصاده... كل يوم يسقط شهداء.. كل يوم
تحصل مشاكل في القرى.. وهناك الكثير من الامور التي تحصل يوميا..
اعلان
الحرب لا يقوم قبل الحرب تنشا الحرب وبعدها ياتي الاعلان عنها.. نحن لم
نعلن الحرب لكننا نسير اليها.. وما يجري اليوم هوحالة حرب باركانها
الرئيسية بين ايران واميركا. سورية تابع وكل الاخرين يتبعون, لذلك انا لا
اتوقف كثيرا عند الدور السوري في هذا الموضوع, انا اتوقف عند الخطر
الايراني. ومن هنا مهمة »حزب الله« الاساسية, وهو مستعد لتقديم كل
التنازلات الظاهرية مع اي طرف كي يربح معركته على اميركا. هذا ما قرره
الفقيه..
*
لماذا يستمر
الجنرال عون بالهجوم على الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو في القبر?
اعرف الاسباب وهي قديمة جدا ولم يكن بينه وبين الرئيس الحريري علاقة ود,
وكنت ازور الشام وكنت التقي مع الرئيس الحريري وميشال المر. وفي الوقت
الذي كان البعض يسعى لوصول ميشال عون الى رئاسة الجمهورية كان الرئيس
الحريري عنده مرشح اخر وكان التنافس بين الرجلين قائما هذا بالاضافة الى
ان الرئيس الحريري كان اقرب ل¯"القوات اللبنانية" ثم ان الحريري فيما بعد
اخذ الدور القابل لهجرة ميشال عون واستمر في اخذ المواقف والتهديد بملفات
ميشال عون الى ان استقر العداء خصوصا بالنسبة لعلاقة رفيق الحريري بشيراك
وموقف فرنسا شيراك من ميشال عون وللاسف كان الحريري يلعب دور مساعد
لسورية ضد ميشال عون. عجبا كيف تنقلب الامور, لقد عوقب ميشال عون لانه
كان ضد سورية واصبح اليوم رفيق الحريري يشتم لانه ضد سورية, هنا اسمي
الفرق بين ان يكون ديغول.. حتى ميتران عندما سئل عن عظمة ديغول فاجاب:
العظمة الوحيدة عند ديغول انه لم يكن يقبل المساومات, صورة القائد عندي
الرجل الذي لا يقبل المساومات. دخلنا للاسف في مرحلة العمل السياسي بقبول
المساومات, فالصورة التي كانت مطلوبة بعدم التحالف مع وليد جنبلاط ورفيق
الحريري هو الذي شوش كل الصورة الحقيقية. وفي فترة من الفترات كانت عباءة
ميشال عون اوسع, كنا نتكلم عن "التيار العوني" من اقصى اليسار الى اقصى
اليمين, اليوم تقلصت العباءة لكنها ما زالت عباءة وللاسف كل الذين حول
العماد عون اليوم علاقتهم بالحريري غير جيدة باستثناء نائب واحد اسمه
نبيل نقولا كان على علاقة طيبة برفيق الحريري |