الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

العقل الماروني والانضباط

"لا يرحم التاريخ الجماعة التي تنقسم على ذاتها"

فرنسوا ميتران 22 شباط 1984

النهار، لأربعاء آذار   2006

 المشهد الماروني سوريالي. الدكتور سمير جعجع يقول من الارز ما كان ينطق به الرئيس العماد عون من "قصر الشعب" في بعبدا. ورئيس التيار الوطني الحر يعلن من الرابية ما كان يتحدث به قائد القوات اللبنانية من غدراس. وبينما يقف جعجع في ساحة 14 آذار هاتفاً "هنا كنا وهنا سنبقى اسياداً احراراً"، ينكب رئيس كتلة الاصلاح والتغيير على خريطة ساحة الشهداء في عملية حسابية لمعرفة حجم التظاهرة وعدد الجموع المسيحية فيها. واذا ما شدّ رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية على ايدي زعيم تيار المستقبل سعد الحريري والزعيم الدرزي الاكبر وليد جنبلاط امام مئات الوف الحناجر الفتية يسبقه "قائد حرب التحرير" الى المصافحة والعناق الحار مع سماحة الامين العام لحزب الله في كنيسة مار مخايل الشياح وما ترمز اليه هذه الكنيسة. فكلمة مخايل تعني بالآرامية "من مثل الله". والآرامية هي ام السريانية، لغة الجماعة المارونية الاصلية. واذا كان جبريل رئيس الملائكة الديبلوماسيين فان مخايل هو رئيس الملائكة المقاتلين ولذلك يحمل كثير من كنائس الموارنة اسمه بينما لا يطلق اسم جبريل على واحدة منها!

يعرف سماحة الامين العام الملاك جبريل الذي دخل في حلم الرسول الاعظم واخبره ان الحسين العظيم سيستشهد في كربلاء وحمل اليه تراباً منها كي يثبت الحلم الكابوس: يومها بكى الرسول الاعظم يقول الحديث الشريف. وقد يكون العماد عون الذي يحمل اسم شفيعه مخايل (ميشال) قد تذكر المعارك الطاحنة التي استشهد فيها المقاتلون الموارنة في الدفاع عن كنيسة الشياح في مطلع الحرب اللبنانية. ان الرموز التي جمعها لقاء القطب الماروني وقائد "الثورة الاسلامية في لبنان" كافية لوصف الاجتماع بانه جيد جداً وانه يتفوق بغزارة على كل ما كتب في "وثيقة التفاهم" وان دار حولها نقاش كبير. فليس احلى واغلى من ان يتلاقى القادة اللبنانيون اياً تكن المناسبة.

ثم كان التوافق الميمون على زميلنا العزيز الدكتور دكاش بارقة امل لجمع الشمل الماروني ولكن سرعان ما تبخر هذا الامل وعادت "النبرة المارونية المقلقة" تسيطر على الخطاب السياسي عند فتح معركة اسقاط ما تبقى من رئيس الجمهورية. ويعود الجميع الى خشبة الخلاص في بكركي بعد ان افرنقع القادة الموارنة في اتجاهات مشتتة ومتناقضة وفي غياب ما يسمى "الرابطة المارونية" الغارقة في ادبيات الالتباس والهروب الى الامام. وكان احدهم قد هدد يوماً بانه سيرمي بقامته امام الدبابة الغريبة ان هي انسحبت من لبنان!... لعل لقاء الوزيرة نايلة معوض والوزير السابق سليمان فرنجية، برعاية بكركي، ينير شمعةً في النفق الماروني المظلم امتداداً الى طاولة حوار الرئيس نبيه بري من اجل لبنان. يحاول غبطة البطريرك رأب الصدع. فالقادة الموارنة يذهبون اليه بعد كسر الجرة وتحويلها حطاماً ثم يطلبون اليه لملمتها واصلاحها ثم يعودون الى كسرها. وقد قال غبطته لهيام القصيفي ("النهار"-الخميس 24 تشرين الثاني 2005) ان الموارنة هم كالمهاجرين الفرنسيين. ان غبطة السادس والسبعين قارىء كبير ومثقف "انسيكلوبيدي". فالمهاجرون الفرنسيون هم اقرباء وحاشية الملك لويس السادس عشر الذي اعدمته الثورة الفرنسية واطلقت الجمهورية الاولى. كان اول المهاجرين شقيق الملك الاصغر مع حاشيته ثم لحق به الشقيق الاكبر وحاشيته. وعند سقوط نابليون الاول عادا الى فرنسا واصبح الشقيق الاكبر ملك فرنسا لويس الثامن عشر الذي فشل في ادارة المملكة فاستقال ليحل محله الشقيق الاصغر الملك شارل العاشر الذي فشل بدوره لأنهما، مع حاشيتهما، "لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً" كما هي حال القادة الموارنة في لبنان.

كان بامكان صاحب الغبطة، وهو الضليع في تاريخ الموارنة، ان يحضر الى ذاكرته مقولةً سريانية عتيقة. نعطي هذه المقولة المأثورة بالكتابة اللاتينية لتعذر الحرف السرياني في الصحافة اللبنانية: Morounoyeh lo mtakseh  والترجمة هي: "الموارنة لا ينضبطون في صف واحد". هذا يجعل القلق دائماً على الطائفة الملعونة في الوطن الملعون.

طبيب جراح

انطوان الرهبان
المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها