الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

الاعتداءات شملت كنيسة مار مارون والقوى الامنية لزمت الدفاع عن النفس

الأشرفيــة "دار حــرب" من التباريس الى العكاوي: قتيل و28 جريحاً المتظاهرون أحرقوا مكتباً لسفارة الدانمارك ودمروا ما صادفهم

الاثنين 6 شباط 2006

كتب عباس الصباغ:

تحولت المنطقة الممتدة من التباريس الى محيط مقر وزارة الخارجية في نزلة العكاوي مرورا بشارع مار نقولا ومحيطه "دار حرب" امس، في مناسبة تظاهرة الاحتجاج على الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها صحيفة في الدانمارك وتبعتها صحف اخرى في اوروبا. وهي كانت في الحقيقة حربا من طرف واحد، فالاهالي لزموا منازلهم واقفلوا ابوابها بإحكام  فيما بدت القوى الامنية في حال دفاع مضن عن النفس امام جحافل فوضوية دمّرت كل ما صادفت في طريقها من سيارات ومتاجر على وقع هتافات دينية شديدة الغضب والصخب.

ولكن صودف ان ابناء رعية كنيسة مار مارون كانوا يشاركون في قداس الاحد عندما اخذ المتظاهرون يحطمون نوافذها بالاحجار والعصي، فساد المحلة توتر كبير. ولم يحل بعد الظهر قبل ان يكونوا قد احرقوا المبنى الذي يضم المكتب الاداري التابع للسفارة الدانماركية في دمشق، ولم يتمكنوا من احراق المكتب نفسه لانه كان محكم الاقفال او انهم اضاعوا هدفهم. علما ان عدد الموظفين فيه يقتصر على سيدة لبنانية من آل حرب ومتزوجة من دانماركي.

المتظاهرون الذين لم تعرف شوارع الاشرفية مثيلا لاشكالهم، الى درجة يخال الناظر اليهم انهم آتون من تظاهرات "حماس" في غزة او التنظيمات الاصولية في المخيمات جابوا طويلا الزواريب والطرق المتفرعة من جادة شارل مالك، بعدما اخترقوا الحواجز الحديدية التي اقامتها القوى الامنية لمنعهم من التقدم.

وهي حاولت من دون جدوى تفادي الصدام مع المتظاهرين الذين قدر عددهم بنحو 30 الفا لبوا دعوة "الحملة العالمية لمواجهة الاساءات الدانماركية"، واحتشدوا في منطقة التباريس – الاشرفية اعتبارا من العاشرة قبل الظهر، يتقدمهم عدد من المشايخ من دار الافتاء، و"الجماعة الاسلامية" (التي اعلنت لاحقا انسحابها من التظاهرة)، و"حركة التوحيد الاسلامي" و"حزب التحرير"، وما سمي بـ"الجماعة السلفية في لبنان"، وغيرها من الجماعات الاسلامية، اضافة الى حشد من الشبان الغاضبين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية وخصوصا من البقاع والشمال وبيروت، وحملوا اعلاما خضراء وسوداء كتب عليها: "لا اله الا الله، محمد رسول الله"، وعصبوا رؤوسهم برايات سوداء حملت شعارات: "فداك يا رسول"، "لبيك يا رسول".

بداية المواجهة فيما كانت الحشود تتوالى الى مكان التجمع، كان عدد من المشايخ ومنظمي التظاهرة يتفاوضون مع القوى الامنية التي اقامت الحواجز الحديدية امام مبنى القنصلية، من اجل السماح لهم بالوصول اليها، وبعد فشل المفاوضات اقتحم عدد من الشبان تلك الحواجز، مما دفع القوى الامنية الى اطلاق النار في الهواء ومن ثم استخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم لكنها لم تفلح، فتراجعت امام زحفهم المتواصل، وعجز رجال الدفاع المدني عن صدهم باستخدام خراطيم المياه، واضطروا الى ترك آليات الاطفاء بعدما هاجمها المتظاهرون بالحجارة ثم استولوا على خمس منها، وهاجموا سيارات تابعة لقوى الامن الداخلي بالحجارة وحطموها مستخدمين العصي والآلات الحادة. ثم اضرموا النار فيها، كذلك احرقوا سيارة "جيب" للجيش.

"الغزوة الكبرى" لم يكتف المتظاهرون بالغنائم التي استولوا عليها "موقتا" فواصلوا زحفهم في اتجاه مبنى المكتب التمثيلي الذي بحثوا عنه طويلا وكان سؤالهم الدائم: "وين السفارة؟"، وعندما يرشدهم البعض الى المبنى كانوا يردون: "اكيد هونيك؟ بحثنا في كل مكان ولم نجدها"، لتعلوا مجددا صيحات التكبير، وهتافات "لبيك يا رسول"، وتسير الحشود في اتجاه الهدف المنشود، محطمة في دربها واجهات الكنائس والمباني والمتاجر وكذلك السيارات المتوقفة على الطرق الفرعية.

وبالهرج والمرج وصلوا الى المبنى حيث المكتب التابع لسفارة الدانمارك، وعلى وقع صيحات "لبيك يا رسول"، اخذوا يحطمون واجهات المبنى الزجاجية بالعصي والآلات الحادة والحجارة. وحمل شبان السلالم التي استولوا عليها من آليات الاطفاء وصعدوا بها الى الطبقة الثانية في المبنى الذي يضم مكاتب لشركات تجارية واعلانية واخذوا يلقون محتوياتها الى الارض، ومنها اجهزة كومبيوتر وملفات ومستندات، ثم اضرموا النار في المبنى.

والقى بعض المتظاهرين مفرقعات نارية فيما كان زجاج النوافذ يتطاير بسبب شدة الاشتعال.

وتاه احدهم في المبنى ويدعى خضر محمد الحاج (مواليد 1989) مما ادى الى اغمائه، ولم يعثر عليه الا بعد رحيل رفاقه، فنقل الى المستشفى وما لبث ان فارق الحياة.

وبعد نحو عشرين دقيقة انتقل بعض المتظاهرين الى المبنى المجاور للمكتب وحطموا واجهاته الزجاجية وحاولوا الصعود اليه، فتصدى لهم احد سكانه، وحاول افهامهم ان لا سفارة ولا قنصلية فيه، وما لبث ان اجهش في البكاء وصرخ: "ما في الا اطفال ومدنيين بالبناية (...)". وبعد لحظات هرع رجل الى المبنى وحمل اطفاله وغادر مسرعا. وعلت هتافات: "هون في قنصلية"،

وتوجه عدد من الشبان الى المبنى الملاصق (التابع لمبنى التباريس) واضرموا النار فيه بعدما القوا بمحتويات المكاتب الى الارض، وحمل بعضهم اجهزة كمبيوتر من احدى الطبقات، ثم علا صراخ ان هناك مدنيين محاصرين في ا حدى الطبقات، فتوجه عدد من "ابطال الشغب" الى سيارة الاطفاء وحاولوا مد الخراطيم من اجل اطفاء الحريق الذي اشعلوه وسط دعوات المشايخ التهدئة، ولكن من غير جدوى، الى ان حضر رجال الدفاع المدني وعملوا على اخماد الحرائق.

وبعدما اطمأن الشبان المتظاهرون الى تحقيق غاياتهم بدأوا بالتراجع الى نقطة الانطلاق قرب جسر فؤاد شهاب، وبدأت عناصر القوى الامنية والجيش باستعادة السيطرة على المنطقة وسط ذهول الاهالي الذين صدموا بحجم الاضرار التي اصابت ممتلكاتهم وسياراتهم عدا الاعتداء على الكنائس.

الانتصار وبعد نحو ساعتين انهى المتظاهرون مهمتهم "بنجاح كبير"، اذ تمكنوا  من احراق المكتب الاداري لسفارة الدانمارك، تماماً كما فعل بعضهم في دمشق قبل يومين، لكنهم تفوقوا عليهم في الاعتداء على الاملاك العامة والخاصة ودور العبادة.

وعلق احد المتظاهرين، وهو من طرابلس ورفض الكشف عن اسمه: "شاركت في اضرام النار في القنصلية (المكتب) لانهم (الدانماركيون) اعتدوا على كرامة الرسول والاسلام، واضطررنا للقيام بذلك لان القوى الامنية لم تسمح لنا بالوصول الى القنصلية". اما رفيقه الذي يضع شارة "الانضباط" على كتفه فقال: "ثأرنا للرسول الذي نفديه بدمنا. جئنا من البقاع للتعبير عن التضامن مع الحملة الوطنية للدفاع عن النبي محمد"، ووقف الى جانبه امام "مسجد الدعوة" التابع لدار الافتاء الشيخ عمر زكريا الذي حاول استعادة احد الموقوفين من القوى الامنية، ومن ثم تبين انه من الجنسية السورية واسمه خلدون الزعبي، فتركه وقال: "يلا يا شباب، الاعتصام انتهى، خلص دوركم". وكان حاول خلال التظاهرة منع اقتحام المباني واضرام النار فيها، من دون جدوى.

واصيب في المواجهات 28 بين متظاهرين ورجال أمن نقلتهم سيارات الاسعاف التابعة لـ"الاسعاف الشعبي" والصليب الاحمر اللبنانية الى المستشفيات.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها