الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

تقرير رود – لارسن عن الـ1559 يطالب الأحزاب بوقف التسلح
ويحذّر من فراغ على المستوى الرئاسي وقيام حكومتين متنافستين

071025

اعتبر المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة تيري رود – لارسن المكلف تنفيذ القرار 1559، في تقريره نصف السنوي السادس الذي رفعه امس الى الامين العام للمنظمة الدولية بان كي – مون الذي رفعه بدوره الى مجلس الامن، ان الفرصة متاحة حالياً للبنانيين بعد انسحاب القوات السورية واجهزتها المخابراتية، لاجراء عملية انتخاب رئاسي حر ونزيه وفقاً لقواعد الدستور اللبناني من دون اي تدخل اجنبي. وحذّر من الوصول الى فراغ دستوري في مستوى الرئاسة ومن قيام حكومتين متنافستين، مشدداً على ضرورة احترام الدستور احتراماً كاملاً.
واعرب المبعوث الدولي عن قلقه من رؤية غالبية الاحزاب السياسية في لبنان لاحتمال حصول تدهور جديد في الوضع، وطالبها بالكف عن التسلح واجراء التدريبات العسكرية. وقال انه يتلقى معلومات على نحو مستمر تفيد ان "حزب الله" اعاد بناء قدرته العسكرية مقارنة بما كانت قبل تموز وآب 2006، واعتبر ان ذلك يتعارض مع بنود القرار 1559.
في ما يأتي ترجمة غير رسمية لـ "التقرير نصف السنوي السادس للأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق القرار 1559 (2004):
 

I. الخلفية
 

1. في الأشهر الستة الماضية، ظلّ لبنان يشهد أزمة سياسية وعدم استقرار، مما وضع عراقيل مهمة امام متابعة تطبيق قرار مجلس الأمن 1559. وقد تركّز التشنج السياسي خصوصاً على مطالبة المعارضة المؤلّفة من "أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" بتأليف حكومة وحدة وطنية، وعلى خلافة الرئيس (اميل) لحود الذي تنتهي ولايته الممدّدة في تشرين الثاني 2007. واستمرت أمام مقر رئيس مجلس الوزراء الاحتجاجات التي تشلّ الحياة السياسية المنتظمة في لبنان منذ كانون الأول 2006.
2. حصل عدد كبير من التفجيرات والاغتيالات خلال المرحلة التي يشملها التقرير. في 20 أيار، وهو اليوم الذي بدأ فيه القتال الطويل بين القوات المسلحة اللبنانية والمجموعة الإسلامية القتالية "فتح الإسلام"، أدّى انفجار في منطقة الأشرفية في بيروت إلى مقتل شخص وإصابة 12 آخرين. وفي 24 أيار، أصيب 12 شخصاً بانفجار في عاليه. وفي 5 حزيران، أصيب عشرة أشخاص بانفجار في بيروت. وبعد يومين، انفجرت قنبلة قرب بلدة شمال بيروت، فقُتِل شخص وأصيب ثلاثة آخرون بجروح.
3. في 13 حزيران، أدّى انفجار سيّارة مفخّخة إلى مقتل القاضي السابق والنائب وليد عيدو من “تيار المستقبل” ونجله وثمانية آخرين. أجري انتخابان فرعيان لخلافة النائبين اللذين تعرّضا للاغتيال وليد عيدو (بيروت/”تيار المستقبل") وبيار الجميل (المتن/حزب الكتائب) في 5 آب وسط مناخ مشحون وعلى رغم رفض الرئيس لحود توقيع القانون. في بيروت، فاز محمد الامين العيتاني من تيار المستقبل؛ وفي المتن فاز كميل خوري من "التيار الوطني الحر" بالمقعد الذي كان يشغله من قبل حزب الكتائب، وذلك في سباق متقارب جداً ضدّ رئيس الحزب أمين الجميل، الرئيس الأسبق للجمهورية اللبنانية ووالد بيار الجميل الذي اغتيل.
4. في 19 أيلول، قُتِل النائب أنطوان غانم من حزب الكتائب وسبعة آخرون بانفجار سيارة مفخخة. وجاء اغتيال النائب غانم بعد يومين من عودته من الإمارات العربية المتحدة التي كان لجأ إليها لبضعة أسابيع. وأدّى اغتياله، إلى جانب الاغتيالات السابقة لأعضاء في الائتلاف الحاكم، إلى خفض عدد الأكثرية الحاكمة إلى 68 من أصل 128 نائباً، ولم يثر شبح حصول مزيد من التدهور فحسب بل بدا أيضاً كأنه يشير إلى محاولة منظّمة لتغيير التوازن السياسي القائم منذ الانتخابات النيابية في أيار 2005.
5. إلى جانب هذه الهجمات على السياسيين والمدنيين، استهدف اعتداءان أيضاً “اليونيفيل” – في 24 حزيران مما أدّى إلى مقتل ستّة جنود من قوة حفظ السلام، وفي 16 تموز مما ألحق ضرراً بآلية تابعة لـ"اليونيفيل" - بالإضافة إلى الهجوم الصاروخي من جنوب لبنان على شمال إسرائيل في 17 حزيران. وقد جرى إعلام مجلس الأمن بهذه الهجمات.
II. تطبيق القرار 1559 (2004)
6. على الرغم من الظروف العامة للأزمة السياسية وعدم الاستقرار، استمرّت الحكومة اللبنانية في تحقيق تقدّم لبسط سلطتها على كل الأراضي اللبنانية، ونزع سلاح الميليشيات وتفكيكها، وفرض سيادتها وسلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي، وخصوصاً من خلال المعركة الناجحة ضدّ "فتح الإسلام" في مخيم نهر البارد للاجئين، واحتواء التنظيم.
7. غير أنّ بروز "فتح الإسلام" والوضع الأمني الهش والمأزق السياسي المستمرّ تسلّط الضوء أيضاً على التحدّيات المطروحة على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي والتي لم تتقلّص. بناءً عليه، لم يطبق القرار 1559 تطبيقاً كاملاً بعد.

 

أ. سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي
 

8. في تقارير سابقة حول تطبيق القرار 1559، أشرت إلى أنّ القرار يركّز في شكل أساسي على سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي في ظل السلطة الوحيدة والحصرية لحكومة لبنان على كل الأراضي اللبنانية، وإلى أنّني أوليت هذه المسألة الأولوية القصوى في جهودي الرامية إلى المساعدة في تطبيق القرار.
9. في تقريري نصف السنوي الثاني في 26 تشرين الأول 2005 (S/2005/673)، استطعت أن أؤكّد أنّه على رغم العمل المستمرّ والضروري لضمان حرية العمليات الانتخابية وصدقيتها على نطاق واسع في لبنان، جرت تلبية المقتضى العملاني المنبثق من القرار 1559 والمتعلّق بإجراء انتخابات حرة وتتمتع بالصدقية. وتوصلت إلى الاستنتاج نفسه بالنسبة إلى انسحاب القوات والأعتدة العسكرية والاستخبارات العسكرية السورية من لبنان.
10. ومنذ ذلك الوقت، واصلت جهودي الرامية إلى التشجيع على الشروع المبكر في عملية بين لبنان وسوريا، بالاستناد إلى جدول أعمال متفق عليه، تقود في نهاية المطاف إلى إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة، تطبيقاً للأحكام ذات الصلة في قرار مجلس الأمن 1680 (2006). لم يجرِ تحقيق أيّ تقدّم نحو هذا الهدف. كما تابعت عملي من أجل إتمام الترسيم الكامل للحدود بين لبنان وسوريا، وفي مسألة مناطق مزارع شبعا. وحتى الآن لم يتوصل الأفرقاء إلى أي اتفاق حول هذه المسائل. أحضهم على معالجة هذه النقاط، وسوف أتطرق إليها، وكذلك إلى الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للسيادة اللبنانية، بالتفصيل في تقريري المقبل حول تطبيق قرار مجلس الأمن 1701.
11. منع خروق حظر السلاح المفروض عنصر أساسي لتأمين الاحترام الكامل لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت السلطة الوحيدة والحصرية للحكومة اللبنانية في كل أنحاء البلاد، كما هو منصوص عليه في القرار 1559. وقد تلقّيت مجدداً معلومات من دول أعضاء في المنطقة يبدو أنّها تثبّت المزاعم أن سوريا تسهّل تدفق الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود السورية-اللبنانية.
12. استمرت سوريا في إنكار أي تورط في خروق حظر السلاح. في الرسالتين المتطابقتين المؤرختين 16 تموز 2007 الموجّهتين من المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية إليّ وإلى رئيس مجلس الأمن، أعادت سوريا تأكيد "عدم صحة المزاعم والادعاءات" الواردة في تقريري الأخير حول تطبيق القرار 1559 وفي ما أورده مبعوثي الخاص أمام مجلس الأمن.
13. هناك مؤشرات الى أن سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي لا تزال تتعرض لمزيد من الخروق. في رسالة وجهها إلي في 8 تشرين الأول 2007، زودني رئيس الوزراء اللبناني معلومات حصلت عليها السلطات اللبنانية من استجواب عناصر "فتح الإسلام" الموقوفين ومن بيانات إلكترونية جرت مصادرتها. وكتب رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة أن هذه المعلومات "تشير بوضوح إلى مؤامرة محكمة وتبلغ أبعاداً خطيرة جداً، وتتضمن السيطرة على منطقة واسعة في شمال لبنان، ونشر الاضطراب في كل البلاد، وتفجير مقرات حكومية ومؤسسات خاصة، والوصول بالهجمات إلى القوة المتعددة الجنسية في الجنوب لإخافة الدول المشاركة فيها، وتهديد بقاء تلك القوة الآتية بمقتضى القرار الدولي 1701 وعملية تنفيذ هذا القرار". كما كتب رئيس مجلس الوزراء السنيورة أن المعلومات "تشير بوضوح إلى أن عصابة "فتح الإسلام" كان من أهدافها إسقاط الحكومة اللبنانية المشكلة ديموقراطيا والحائزة ثقة مجلس النواب، ومنع إجراء انتخابات رئاسية في شكل ديموقراطي، وخلق ظروف تؤدي إلى إعاقة تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري والذين قضوا اغتيالاً وتفجيراً في ما بعد". لا تملك الأمم المتحدة الوسائل للتثبّت في صورة مستقلة من المعلومات الواردة في رسالة رئيس مجلس الوزراء.
14. بحسب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، تشير المعلومات التي حصلت عليها السلطات اللبنانية من استجواب موقوفي "فتح الإسلام" ومن البيانات الإلكترونية التي جرت مصادرتها، إلى أن عناصر "فتح الإسلام" "الذين أتوا من سوريا إلى لبنان في صورة غير مشروعة، فقد تسربوا من خلال معسكرات "الجبهة الشعبية-القيادة العامة" (أحمد جبريل) و"فتح - الانتفاضة"، وهي المعسكرات القائمة على الحدود اللبنانية-السورية وداخل الأراضي اللبنانية. والمعروف أن هذين التنظيمين أقاما معسكرات على الحدود داخل الأراضي اللبنانية، وهم يتلقون تموينهم وأسلحتهم وذخائرهم من سوريا مباشرة وفي صورة شبه يومية".
15. من خلال رسالة رئيس مجلس الوزراء وبالاستناد إلى المعلومات التي حصلت عليها السلطات اللبنانية من استجواب موقوفي "فتح الإسلام" والبيانات الإلكترونية التي جرت مصادرتها، أكّدت الحكومة اللبنانية أيضاً أنّ ظروف إطلاق شاكر العبسي من السجون السورية "وطرائق تحركاته وتحركات مجندي عصابة "فتح الإسلام" إلى لبنان، وما لقيه هؤلاء من تسهيلات من "فتح الانتفاضة" في سوريا، ومن سوريا إلى لبنان، وفي داخل لبنان، والاستيلاء "السلمي" الذي تحولت بمقتضاه "فتح - الانتفاضة" وحولت مراكزها ومواردها إلى عصابة "فتح الإسلام"، كل ذلك يؤكّد أنه كانت هناك خطة محكمة لا يمكن أن تنسج بدون علم قادة "فتح - الانتفاضة" ومن ورائهم رعاة "فتح الانتفاضة" أي الاستخبارات السورية". وتلفت رسالة رئيس مجلس الوزراء أيضاً إلى أنّه "كانت هناك اتصالات مباشرة من بعض قادة هذا التنظيم مع ضباط من المخابرات السورية، مما يشير إلى أن المخابرات السورية إنما استخدمت عصابة "فتح الإسلام" أو بعضها لأهدافها السياسية والأمنية في لبنان".
16. وجاء أيضاً في رسالة رئيس مجلس الوزراء ان "هناك معلومات وتقارير عن كميات كبيرة من السلاح أتت من سوريا خلال حرب تموز عام 2006، وربما أيضاً بعد تلك الحرب – قد جرى توزيعها على مجموعات ذات علاقة وثيقة بها" داخل لبنان في سياق المزاعم المنتشرة عن إعادة تسلّح أحزاب وميليشيات لبنانية.
17. في رسالة وجّهها إلي نائب وزير الخارجية السوري في 19 تشرين الأول 2007، رفضت حكومة الجمهورية العربية السورية بقوة تأكيدات رئيس الوزراء اللبناني في رسالته إلي، ووصفتها بـ"التضليل". وأكّدت سوريا في الرسالة احترامها الكامل لسيادة لبنان واستقلاله، ووجوب عدم التدخل في شؤونه الداخلية. كما أعربت سوريا عن "استعدادها لمساعدة الأشقاء اللبنانيين لردم الهوة بين مواقفهم المختلفة وأكدت حرصها على إقامة أفضل العلاقات بين الدولة اللبنانية وسوريا على مختلف المستويات".
18. وأكدت الحكومة السورية أيضاً في رسالتها أن "أكثر ما يقلق سوريا البلد العربي الجار للبنان هو ما يشهده لبنان من توتر وصل إلى مستويات غير مقبولة تهدد حاضر لبنان ومستقبله. وفي هذا المجال، نشير إلى التدخل الأجنبي السافر المعروف من قوة دولية كبرى والذي قاد حتى الآن إلى تعميق الخلافات بين اللبنانيين وحال دون توصلهم إلى حل للمشاكل التي يواجهها بلدهم. (ان هذا التدخل) يشكل خطراً مباشراً على أمن لبنان واستقراره لأنه ينحاز بوضوح معلن إلى طرف لبناني ضد طرف لبناني آخر في حين يرفق ذلك بشن حملة إعلامية مضللة لوضع اللوم على أطراف لبنانيين آخرين وعلى سوريا كل مرة يفشلون فيها في فرض توجهاتهم المشبوهة على لبنان".
19. ولفتت سوريا أيضا إلى أنها "لاحظت بكل أسف أن بعض اللبنانيين قام بدعم خارجي معروف باتخاذ مواقف متطرفة لا تخدم إقامة مثل هذه العلاقات، وقد وصل الأمر ببعض هؤلاء المسؤولين إلى استغلال زياراتهم للأمم المتحدة أخيراً لهدف وحيد هو تشويه صورة سوريا وتحريض مجلس الأمن ضدها وتوجيه رسائل إلى المنظمة الدولية وجهات أخرى لا تنم عن الحد الأدنى من الرغبة في إقامة علاقات طبيعية بين البلدين". وتابعت الرسالة السورية "كما شنت هذه الجهات حملات إعلامية مضللة شوهت فيها الحقائق وأساءت إلى روح العلاقات التاريخية بين شعبي البلدين الشقيقين سوريا ولبنان. إن هذه التصرفات التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الأدب السياسي والأخلاقي لم تترك أي فرصة لإجراء حوار جدي في لبنان. وقد شارك في هذه الحملة مسؤولون على أعلى المستويات في الحكومة اللبنانية وقادة بعض الميليشيات الذين سفكوا دماء اللبنانيين خلال الحرب الأهلية والممثلون في هذه الحكومة. وفي هذا الإطار جاءت الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة اللبنانية إلى الأمين العام للأمم المتحدة في تاريخ 8 تشرين الأول 2007 والتي حفلت بمختلف أشكال التضليل وقلب الحقائق بهدف التغطية على فشل الحكومة ومسؤوليها ومن يقف خلفهم في تحمل مسؤولياتها أمام مختلف أطياف الشعب اللبناني". وأكملت الرسالة "إن سوريا تعالت في مواجهة ذلك متخذة موقف عدم الرد على هذه الافتراءات وحملات التحريض ضدها واستمرت في اتباع سياساتها المتمثلة بالوقوف إلى جانب لبنان، كل لبنان، لمواجهة التحديات الكبرى التي تعصف بلبنان والمنطقة".
20. ونقلت الرسالة السورية أيضاً موقف سوريا من أنها "قامت بتنفيذ كل ما يرتبط بها من القرار 1559 عبر سحب قواتها العسكرية والأجهزة الأمنية المتصلة بها من لبنان". وتابعت سوريا أن "موضوعي إقامة العلاقات الديبلوماسية وترسيم الحدود بين سوريا ولبنان هما مسألتان تتعلقان بسيادة الدول وسيتم حلهما بالاتفاق بين الحكومة السورية وحكومة لبنانية لا تنصب نفسها عدواً لسوريا. وليكن معلوماً لكل من يهمه الأمر في لبنان وخارجه ولجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن سوريا على استعداد تام لإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة مع حكومة لبنانية تؤمن بعلاقات ودية مع سوريا وليست معادية لها كما هي حال حكومة السنيورة الآن".
21. أكّدت الرسالة أن سوريا اتخذت جميع الإجراءات لضمان عدم التهريب عبر حدودها مع لبنان حيث ضاعفت عناصر حرس الحدود على الجانب السوري. كما أن الاتصالات بين الجانبين السوري واللبناني لضبط الحدود المشتركة لم تنقطع، وقد وافينا الأمين العام ورئيس مجلس الأمن بقائمة مفصلة عن هذه الاجتماعات".
22. ألفت إلى أن الأمم المتحدة لا تملك الوسائل للتثبّت في صورة مستقلة من المعلومات الواردة في رسالة الجمهورية العربية السورية.
23. ليست الأمم المتحدة أيضاً في موقع يخوّلها التثبّت من التهم التي وجّهها الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصرالله، في خطابه في "يوم القدس"، حيث اتهم إسرائيل بالوقوف وراء سلسلة الاغتيالات في لبنان1.

 

ب. بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية
 

24. كرر مجلس الأمن في بيانه الرئاسي في 11 حزيران 2007 (S/PRST/2007/17) وفي 3 آب 2007 (S/PRST/2007/29) دعمه الكامل للحكومة اللبنانية الشرعية والمنتخبة ديموقراطياً، ودعا إلى الاحترام الكامل للمؤسسات الديموقراطية في البلاد، بما ينسجم مع دستورها، ودان أي جهود ترمي إلى زعزعة استقرار لبنان.
25. في الأشهر الستة الماضية، وفي سياق الأزمة السياسة المستمرة في لبنان، ظلّت الحكومة مقيّدة في قدرتها على بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية. وظلّت الشرعية الدستورية للحكومة محط تشكيك من المعارضة والرئيس لحود. وأرغمت الأوضاع الأمنية الهشة في الأشهر الستة الماضية عدداً كبيراً من النواب على الإقامة في الخارج في شكل دائم أو الابتعاد عن ناخبيهم، مما يقوّض المؤسسات الديموقراطية في لبنان والممارسة المستمرة للوظائف السياسية من جانب ممثلي الشعب اللبناني المنتخبين ديموقراطياً. وقد عرقلت سلسلة الاغتيالات السياسية العمل المنتظم والفعال لكل مؤسسات الدولة.
26. كما كتبت في تقريري الأخير حول تطبيق القرار 1559، فإن حل الأزمة من خلال المصالحة والحوار الوطني، وخصوصا حول موضوع الرئاسة الآن، شرط مسبق ضروري لبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كامل الأراضي اللبنانية، واحتكار الحكومة للاستعمال الشرعي للقوة.
27. على رغم هذه القيود، حقّقت الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية تقدماً كبيراً نحو بسط سلطة الحكومة على كل الأراضي اللبنانية ونحو نزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلّها من خلال المعركة الناجحة ضد "فتح الإسلام". في 20 أيار، اندلع القتال بين "فتح الإسلام" والقوات المسلحة اللبنانية داخل مخيم نهر البارد للاجئين في شمال لبنان وحوله. شكلت "فتح الإسلام" التحدي الأكبر أمام بسط سيطرة الحكومة اللبنانية أكثر فأكثر على كل الأراضي اللبنانية خلال المرحلة التي يشملها التقرير؛ وشكّل القتال جولة العنف الأقوى في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية.
28. بعد 15 أسبوعاً – 105 أيام – انتهى القتال في الثاني من أيلول عندما أعلنت القوات المسلحة اللبنانية النصر على المجموعة الإسلامية القتالية. وقد لقي 168 عنصراً من القوات المسلحة اللبنانية ونحو 222 مقاتلاً حتفهم؛ وأصيب مئات الجنود والمقاتلين والمدنيين بجروح. أوقف 202 مقاتلين؛ واعتُقِل عدد إضافي منذ انتهاء القتال رسمياً. غير أنّ زعيم المجموعة شاكر يوسف العبسي ومقاتلين آخرين لاذوا بالفرار. وقد أصدرت السلطات اللبنانية مذكرات توقيف في حقهم.
29. في الرسالة التي وجهها إلي رئيس مجلس الوزراء السنيورة في 8 تشرين الأول، عرضت الحكومة اللبنانية تفاصيل إضافية عن "فتح الإسلام" وأكّدت أنها تمارس أقصى درجات اليقظة في ملاحقة عناصر "فتح الإسلام" التي لا تزال طليقة السراح، والعناصر الأخرى التي قد تكون على صلة بها. لكن، وكما كتب رئيس مجلس الوزراء السنيورة أيضاً في رسالته "لا شك في أن واقع عدم قدرة الأجهزة الرسمية اللبنانية على شمول سائر الأراضي اللبنانية بالمراقبة وبالملاحقة والتتبع، وبالذات داخل المخيمات الفلسطينية التي خرجت منها القوى الأمنية الرسمية منذ العام 1969، يضيف تعقيدات بارزة إلى إمكانات العمل في هذا الاتجاه".
30. أكدت لي الحكومة اللبنانية مراراً وتكراراً أن لديها مصلحة حيوية في ضبط حدودها لمنع تهريب السلاح والذخائر والأشخاص إلى أراضيها. غير أن الحكومة والقوات المسلحة اللبنانية لا تزال مقيّدة في قدرتها على بسط السيطرة الحكومية في شكل فعال على كل الأراضي اللبنانية بسبب الأزمات الأمنية المختلفة في البلاد، الأمر الذي ألقى بعبء ثقيل على القوات المسلحة اللبنانية التي كان عليها في الأشهر الستة الماضية أن تحارب المقاتلين في نهر البارد وتحافظ على انتشارها الواسع في جنوب لبنان، وتفرض الأمن الداخلي ولا سيما في ضوء الحصار المستمر لوسط العاصمة حيث اختلّت الحياة الاقتصادية إلى حد كبير، والاستعداد للدفاع التقليدي عن الأرض، والاضطلاع بنشاطات مكافحة التهريب.
32. في هذا السياق، أجدد دعوتي البلدان المانحة للتحرك ومساعدة القوات المسلحة اللبنانية على الاضطلاع بواجباتها في ما يتعلق ببسط سيطرة الحكومة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية واحتكار الحكومة المنتخبة ديموقراطياً للاستعمال الشرعي للقوة في مختلف أنحاء لبنان، تطبيقاً لأحكام القرار 1559. وتعزّز المعركة المطولة في نهر البارد الطابع الملح لندائي، فقد سلّطت الضوء على الحاجات المهمّة للقوات المسلحة اللبنانية في التدريب والأسلحة والذخائر، وزادت حدّتها.
33. تسلّط تأكيدات الحكومة اللبنانية بأن الأسلحة والذخائر والعناصر تصل إلى هذه المجموعات من سوريا، الضوء مرّة أخرى على أهمية الترسيم الكل للحدود السورية - اللبنانية. لكنني أخذت علماً أيضاً بموقف الحكومة السورية في رسالتها إليّ في تاريخ 19 تشرين الأول 2007.
34. في سياق الأزمة السياسية الطويلة والتحدي الذي تطرحه الميليشيات والمزاعم عن إعادة تسلح وتدريب شبه عسكري منتشرين على نطاق واسع، تظل سلطة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها مقيّدة ومحط خلاف، وكذلك الأمر بالنسبة إلى احتكار الحكومة للاستعمال الشرعي للعنف.
ج. حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها
35. في حين حققت الحكومة اللبنانية تقدماً مهماً في حل "فتح الإسلام" ونزع سلاحها في معركة حاسمة، تواجه تحدّيات مستمرة في ما يتعلق بوجود ميليشيات لبنانية وغير لبنانية أخرى وبقوتها.

 

"فتح الإسلام"
 

36. خلال المواجهة بين القوات المسلحة اللبنانية و"فتح الإسلام"، دفع لبنان ثمناً باهظاً لإعادة تأكيد سيطرة الحكومة وللجهد الناجح لاحتواء ميليشيا معادية انخرطت في أعمال إرهابية في البلاد، واستئصالها.
37. في رسالته في 8 تشرين الأول 2007، لفت رئيس الوزراء اللبناني، بالاستناد إلى المعلومات التي حصلت عليها السلطات اللبنانية من استجواب موقوفي "فتح الإسلام" ومن البيانات الإلكترونية التي تمت مصادرتها، إلى أن العديد من عناصر "فتح الإسلام" هم جهاديون "حقيقيون" اعتقدوا أنهم يتدربون للذهاب إلى العراق. وبحسب الرسالة، دخل معظم العناصر غير اللبنانيين براً من سوريا وبطرق غير شرعية، على رغم أن عدداً قليلاً من دون سوابق وصل من طريق مطار بيروت. ويعتقد أن وصول مقاتلي "فتح الإسلام" هو نتيجة الضغوط لوقف تسلل هؤلاء المقاتلين إلى العراق. فبحسب الحكومة اللبنانية، لم يمر عدد كبير من عناصر "فتح الإسلام" عبر معسكرات "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" على الأراضي اللبنانية فحسب بل خضعوا أيضاً للتدريب العسكري هناك. وبحسب السلطات اللبنانية ودول أعضاء أخرى في المنطقة، هناك روابط بين "فتح الإسلام" و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" و"فتح - الانتفاضة"، وكانت الأخيرة في شكل خاص مسهِّلة ل"فتح الإسلام" في سوريا ولبنان.
37. لا تملك الأمم المتحدة الوسائل للتثبت في صورة مستقلة من المعلومات الواردة في رسالة رئيس الوزراء اللبناني أو المعلومات التي حصلت عليها من الدول الأعضاء في المنطقة. في ردها على المسائل المحددة التي أثارها رئيس مجلس الوزراء اللبناني في رسالته إلي في 8 تشرين الأول، أكّدت سوريا أنّ "رئيس الحكومة اللبنانية يعرف أكثر من غيره أن سوريا هي التي قدمت المساعدات السخية إلى الجيش اللبناني خلال تصديه للإرهابيين في نهر البارد وأغلقت حدودها دعماً لعمليات الجيش اللبناني. وخلافاً لما جاء في هذه الرسالة من أكاذيب، فإن سوريا أكدت أن تنظيم "فتح الإسلام" هو عدو لسوريا بقدر عداوته للبنان، وفي هذا الصدد نحيل رئيس الحكومة اللبنانية على التصريحات التي أدلى بها كبار قادة الجيش اللبناني الذين أكدوا أن تنظيم "فتح الإسلام" هو فرع من تنظيم "القاعدة" ولا علاقة له بالمخابرات السورية". وأشارت الرسالة السورية أيضاً إلى أنه "من المعروف أن قوات الأمن السورية اصطدمت مرات عدة مع أعضاء في هذا التنظيم ونجحت في قتل عدد منهم بمن في ذلك نائب رئيس التنظيم المدعو محمد طيورة قرب الحدود السورية-العراقية خلال اندلاع معارك نهر البارد".
38. اتهمت السلطات اللبنانية أكثر من 330 مقاتلاً على صلة بالقتال داخل مخيم نهر البارد للاجئين وحوله.
39. بحسب الحكومة اللبنانية، اعترف عناصر من فتح الإسلام أيضاً بوضع متفجرات في حافلتين على مقربة من بلدة عين علق شمال شرق بيروت في 13 شباط 2007. وفي حزيران، وجهت النيابة العامة اللبنانية تهماً الى 16 مشتبهاً بهم من فتح الإسلام على خلفية التفجير؛ وتسعة من المدعى عليهم قيد الحجز. وتشير التقارير إلى أن المجموعة تتألف من تسعة سوريين ولبنانيَّين وثلاثة فلسطينيين وسعودي. أكدت الجمهورية العربية السورية في رسالتها إلي في 19 تشرين الأول 2007 أنه "في الوقت الذي حدد فيه رئيس مجلس الوزراء اللبناني جنسية بعض هؤلاء الإرهابيين، لم يتجرأ على تحديد الجنسيات الأخرى التي شكلت غالبية إرهابيي "فتح الإسلام" لأسباب لا تخفى على أحد". أجدد القول أن الأمم المتحدة لا تملك الوسائل للتثبت بصورة مستقلة من المعلومات التي حصلت عليها من السلطات اللبنانية أو من سوريا أو من دول أعضاء أخرى في المنطقة.
40. أظهر تورط "فتح الإسلام" في التفجير بحسب رسالة رئيس مجلس الوزراء السنيورة إلي في 8 تشرين الأول 2007، الطابع "غير الجهادي" لمعظم أعمال ذلك التنظيم وأهدافه. كما كتب رئيس مجلس الوزراء "إن قتل الجنود اللبنانيين وهم خارج الخدمة، وعدد من المدنيين الأبرياء، بالإضافة إلى أعمال السرقة والسطو على بعض المؤسسات التجارية والمصارف، كل ذلك لا يتلاءم والأهداف الجهادية المدعاة من جانب ذلك التنظيم. وقد أدى ذلك بكل التنظيمات الفلسطينية تقريباً للابتعاد بنفسها عن التنظيم. ومن اللافت أيضاً أنه حتى "القاعدة" لم ترد أن تربط نفسها بالتنظيم أو أعماله. وهناك الاعترافات التي أدلى بها الموقوفون المتهمون بجريمة عين علق، والتي جاء فيها أنهم كانوا مأمورين بإحداث التفجيرات خصيصاً عشية الذكرى السنوية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط وما جرى فيها من تظاهرات ومسيرات، مما تؤكد أنه كانت لهؤلاء دوافع وأهداف سياسية وغير أيديولوجية من وراء الكثير من تصرفات عصابة "فتح الإسلام".
41. أعلمتني الحكومة اللبنانية أيضاً أنه في حين جرى استئصال "فتح الإسلام" من نهر البارد، هناك روابط موثَّقة بينها وبين مجموعات متطرفة أخرى في أجزاء أخرى من لبنان. أشارت تقارير في تشرين الأول الجاري إلى أن السلطات اللبنانية اعتقلت نحو ثلاثين مقاتلاً إسلامياً يقال إنهم كانوا يخططون لتفجير مقر قوى الامن في بيروت والاعتداء على ديبلوماسيين عرب وأوروبيين في لبنان. وقد جرى توقيفهم في صيدا وجوارها في آب الماضي. وينتمي بعضهم إلى فتح الإسلام بينما ينتمي الباقون إلى مجموعة أخرى تستلهم أفكارها من تنظيم "القاعدة". وهناك مزاعم عن وجود صلة بين بعض هؤلاء العناصر والاعتداء على "اليونيفيل" في 16 حزيران.
42. تشير معلومات أطلعتني عليها دول أعضاء أخرى في المنطقة، إلى أن التهديد من ميليشيات تستلهم من تنظيم القاعدة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، لم يتضاءل. ففي حين جرى كبح "فتح الإسلام"، لا تزال مجموعات أخرى مماثلة تنشط وربما تستمد دروساً من أخطاء فتح الإسلام وإخفاقاته.

 

الوضع في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين
 

43. لا تزال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تشكل تحدياً أساسياً للاستقرار والأمن في لبنان. ازداد التشنّج بين اللاجئين الفلسطينيين وأجزاء من الشعب اللبناني. علاوة على ذلك، يبدو أن مجموعة من المجموعات التابعة لتنظيم "القاعدة" أو المستوحاة منه تمركزت في المخيمات. إلى جانب "فتح الإسلام"، تنشط مجموعات مثل "جند الشام" و"عصبة الأنصار" في المخيمات، ولديها تجربة عسكرية وروابط مع "القاعدة". وبحسب معلومات حصلت عليها من دول أعضاء في المنطقة، تستقطب هذه المجموعات مقاتلين يُجنّدون في الأصل للانضمام إلى التمرد في العراق. غير أن منظمة التحرير الفلسطينية و"فتح" تحتفظان إلى حد كبير بالسيطرة على معظم مخيمات اللاجئين وتكبحان تأثير هذه المجموعات ونشاطاتها.
44. في 4 حزيران، اندلع العنف في مخيم اللاجئين في عين الحلوة. ويبدو أن المجموعة المتطرفة "جند الشام" المعروفة بتبني أيديولوجية موجهة نحو "القاعدة" وبالعمل أيضاً في سوريا، كانت متورطة في الحادث. رغم المخاوف من أن يكون الحادث مؤشراً الى تفشي العنف من نهر البارد إلى مخيمات أخرى للاجئين، جرى احتواء الحادث الذي ظل منعزلاً.
45. في المعركة بين "فتح الإسلام" والقوات المسلحة اللبنانية كانت المرة الأولى التي تدخل فيها هذه القوات مخيماً للاجئين الفلسطينيين. وفي استثناء لبنود اتفاق القاهرة 1969 التي تمتنع القوى الأمنية اللبنانية بموجبها عن دخول مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في شكل عام، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية في شكل كامل على تدخل القوات المسلحة اللبنانية ودعمته. وبقيت المنظمة من خلال ممثلها في لبنان ورئاستها، على اتصال وثيق بالسلطات اللبنانية طوال الأزمة، ولا تزال. ووسّعت منظمة التحرير الفلسطينية أيضاً تمثيلها في لبنان كي تكون فعالة في الظروف الحالية. ومن خلال منسقي الخاص في لبنان، واصلت أيضاً الحوار مع ممثل منظمة التحرير الفلسطينية هناك.
46. خلال المعارك بين القوات المسلحة اللبنانية و"فتح الإسلام"، نزح أكثر من 32 ألف فلسطيني من نهر البارد. ونزحت الغالبية الساحقة إلى مخيم البداوي المجاور الذي تضاعف عدد سكانه تقريباً، وجرت تلبية حاجات اللاجئين النازحين، وبطريقة بدائية في بعض الحالات. ونزح نحو خمسة آلاف لاجئ من نهر البارد إلى مخيمات في صور وبيروت وأماكن أخرى في لبنان. وفي 29 حزيران، اندلعت احتجاجات في صفوف اللاجئين النازحين إلى مخيم البداوي حيث طالب نحو ألف منهم بالعودة إلى مخيم نهر البارد. ومع توجه نحو مئة منهم نحو حواجز القوات المسلحة اللبنانية ومحاولتهم اختراقها، بدأ إطلاق النيران. قُتل ثلاثة محتجين وأصيب نحو 32 بجروح.
47. يبقى الوضع داخل المخيمات الفلسطينية هشاً. وقعت صدامات مسلحة من وقت الى آخر بين الميليشيات الفلسطينية، وخصوصاً على خلفية العنف الفلسطيني الشديد في قطاع غزة، ولا سيما بين "فتح" من جهة و"حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" اللتين تتخذان من دمشق مقراً لهما من جهة أخرى. وفي مطلع تشرين الأول الجاري، أصيب شخصان بجروح في تبادل لإطلاق النار ليلاً بين مناصرين مسلحين لـ"فتح" وآخرين تابعين لـ"حماس" في مخيم المية ومية قرب صيدا.
48. لكن لا تزال هناك مخاوف من أن هشاشة العلاقات الفلسطينية الداخلية والفقر والمعاناة المستمرَّين داخل المخيمات الفلسطينية وبروز مجموعات مقاتلة جديدة في تلك الأجواء من شأنها، أن تؤدي إلى تجدد العنف داخل المخيمات وخارجها. نظراً إلى التأثيرات السيئة الواضحة لظروف العيش في المخيمات على الوضع الأمني الأوسع نطاقاً في لبنان، من الضروري تحقيق تقدم ليس نحو حل الميليشيات الفلسطينية في لبنان ونزع سلاحها فحسب إنما أيضاً نحو تحسين ظروف عيش اللاجئين من دون إلحاق الضرر بتسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين في سياق اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني محتمل.
49. جرت تلبية النداء العاجل الذي أطلقته وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (الأونروا) للحصول على 12.7 مليون دولار، في شكل كامل في حزيران الماضي. وتعهد عدد من الدول الأعضاء أيضاً بتقديم مساعدات للحكومة كما قدّم إليها مساعدات مهمّة لتحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين المنكوبين. ومنذ ذلك الوقت، جرى إعداد خطة من ثلاثة عناصر للإغاثة والمعافاة وإعادة الإعمار. العنصر الأول هو نداء عاجل من الأونروا للحصول على 55 مليون دولار مع تركيز على تأمين الخدمات الأساسية للاجئين من نهر البارد، والملاذ الموقت، ورفع الركام والأنقاض من داخل المخيم القديم قبل المباشرة بإعادة تأهيل البنى التحتية. والجزء الثاني من الخطة هو نداء طارئ للحصول على 28 مليون دولار للمساعدة الاقتصادية والاجتماعية أطلقته الهيئة العليا للإغاثة التابعة للحكومة اللبنانية، من أجل النظر في حاجات العائلات اللبنانية المنكوبة والأعمال التي تأثّرت في محيط نهر البارد. والعنصر الثالث هو إنشاء صندوق ائتماني للمانحين الدوليين برعاية البنك الدولي لإعادة إعمار البنى التحتية المادية في المخيم ووضع برامج لاستحداث الوظائف للفلسطينيين. أدعو كل الدول الأعضاء إلى دعم الحكومة اللبنانية في جهودها الآيلة إلى إعادة إعمار نهر البارد وتحسين ظروف العيش في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في شكل عام. وأحض المانحين في شكل خاص على التجاوب مع النداء العاجل الأخير للأونروا. وفي الأثناء، باشرت العائلات الأولى بالعودة إلى منازلها في مخيم نهر البارد.

 

الميليشيات الفلسطينية الأخرى
 

50. في تقريره الأخير أمام مجلس الأمن، أطلع مبعوثي الخاص لتطبيق القرار 1559 المجلس على معلومات كثيفة قدّمتها الحكومة اللبنانية بعد رفع تقريري الأخير عن تطبيق القرار 1559. وأشير أيضاً إلى الرسالتين المتطابقتين المؤرختين 12 حزيران 2007 اللتين وجههما القائم بالأعمال اللبناني بالوكالة إلي وإلى رئيس المجلس، واللتين تنقلان أيضاً هذه المعلومات بالتفصيل. بحسب هذه المعلومات، ظلت ميليشيات "الجبهة الشعبية-القيادة العامة" و"فتح - الانتفاضة" ناشطة خلال مرحلة إعداد هذا التقرير، وعزّزت مراكزها في لبنان، بمساعدة من سوريا كما يُزعَم. لقد رفضت سوريا المزاعم، وأحدث تعبير لها عن هذا الموقف كان في رسالتها إلي في 19 تشرين الأول 2007. لا تملك الأمم المتحدة الوسائل للتثبت بصورة مستقلة من المعلومات المتضاربة التي حصلت عليها من الحكومة اللبنانية والحكومة السورية.
51. حصلت أيضاً على معلومات إضافية من دول أعضاء في المنطقة تشير إلى أن "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" قدمت دعماً لوجستياً لـ"فتح الإسلام" خلال معركتها ضد السلطات اللبنانية، ولا تزال في حال تأهب، وتستعد لعمليات محتملة. وبحسب هذه المعلومات، لا تزال "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" تقيم روابط وثيقة جداً مع سوريا ومع "حزب الله"، وتتلقى معدات وتدريباً من إيران.
52. خارج معركة الحكومة الناجحة ضد "فتح الإسلام"، لم يُحرَز تقدم نحو نزع سلاح الميليشيات الفلسطينية بموجب الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الحوار الوطني اللبناني عام 2006 والذي قضى بنزع سلاح الميليشيات الفلسطينية خارج المخيمات. أحض كل الأطراف في لبنان على استئناف الحوار السياسي وإعادة تأكيد التزامهم نزع سلاح الميليشيات الفلسطينية في لبنان، تماشياً مع أحكام القرار 1559.

 

"حزب الله"
 

53. زودت الحكومة اللبنانية الأمم المتحدة معلومات عن مصادرة شاحنة محملة بصواريخ "غراد" وقذائف هاون وذخائر للرشاشات والبنادق الأوتوماتيكية تعود إلى "حزب الله"، وقد تمت مصادرتها في 5 حزيران 2007 عند حاجز للقوات المسلحة اللبنانية في دورس قرب بعلبك في سهل البقاع على بعد بضعة كليومترات من الحدود. كانت هذه الأسلحة تُنقَل داخل البلاد. وبدا أن هذه الحادثة مشابهة لما حصل في 8 شباط 2007.
54. في بيانه الرئاسي المعتمد في 3 آب 2007، أعرب مجلس الأمن عن قلقه من المزاعم عن إعادة تسلح ميليشيات ومجموعات مسلحة لبنانية وغير لبنانية، وأكد من جديد حظر بيع الأسلحة والمواد ذات الصلة إلى لبنان أو تزويده إياها إلا بإذن من حكومته. وفي هذا الإطار، أعرب عن قلقه من إعلان "حزب الله" أنه لا يزال يمتلك القدرة العسكرية لضرب كل أجزاء إسرائيل، ودعا كل الأطراف إلى الامتناع عن التصريحات والنشاطات التي تهدد وقف الأعمال الحربية.
55. تلقيت معلومات متجددة من الحكومة الإسرائيلية ودول أعضاء أخرى عن أن "حزب الله" أعاد بناء قدرته العسكرية وعزّزها مقارنة بما كانت عليه قبل حرب تموز وآب 2006. بحسب هذه المعلومات وتصريحات لقادة في "حزب الله"، تدعي المجموعة أن "عدد الأشخاص الذين يتسجلون للتدرب قد تضاعف"2.
وقد حققت اليونيفيل، بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية، على الفور في أي مزاعم عن انتهاكات للقرار 1701 ضمن منطقة عملياتها عند الحصول على معلومات وأدلة محددة.
56. تشير المعلومات التي حصلت عليها أيضاً إلى أن "حزب الله" عوّض عن كل الخسائر التي تكبدها العام الماضي خلال الحرب، وأنشأ شبكة محكمة من الاتصالات. تترتب عن احتفاظ "حزب الله" ببنية تحتية من الأسلحة والاتصالات
لا تزال منفصلة عن الدولة، آثار سلبية على جهود الحكومة اللبنانية لبسط سيطرتها الحصرية على كامل الأراضي اللبنانية، بما يتماشى مع أحكام القرار 1559.
57. لا يزال نزع سلاح "حزب الله" في إطار اكتمال تحوّله حزباً محض سياسي، بما ينسجم مع مقتضيات اتفاق الطائف، يشكل عنصراً أساسياً من أجل الاستعادة الكاملة لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي. ما زلت أعتبر، كما سبق وان أشرت، أن نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية يجب أن يتم من خلال عملية سياسية تؤدي إلى فرض سلطة الحكومة اللبنانية كاملةً على كل أراضيها. ما زالت الأزمة السياسية المستمرّة تمنع الأطراف في لبنان من استئناف الحوار الوطني وتحقيق تقدم في تطبيق خطة النقاط السبع التي أقرّتها الحكومة في 27 تموز 2006 قبل بدء الأزمة الحالية. مجدداً أحض كل الأفرقاء السياسيين في لبنان معاودة الحوار السياسي في لبنان وتأكيد التزامهم نزع سلاح الميليشيات اللبنانية في لبنان، ولا سيما حزب الله، تطبيقاً للقرار 1559.

 

الميليشيات اللبنانية الأخرى
 

58. في حين تُبذَل محاولات مستمرة لحل الأزمة السياسية الحالية، والتي تتمحور الآن في شكل أساسي على الرئاسة، وذلك من خلال الحوار والتسوية، ما زالت هناك تقارير ومزاعم على نطاق واسع أن الأطراف والمجموعات في كل جوانب الطيف السياسي، يستعدون لاحتمال فشل هذه المفاوضات من خلال التسلح والتدريبات العسكرية التي تشير التقارير إلى انتشارها على نطاق واسع.
59. أعلمتني الحكومة اللبنانية من خلال رسالة رئيس الوزراء إلي في 8 تشرين الأول، أنه على خلفية انتشار الشائعات والانطباع العام عن التدريبات العسكرية وإعادة التسلّح، وعن إقدام بعض الأطراف على توزيع السلاح على مناصريهم، عقد مجلس الوزراء جلسة خاصة في 24 أيلول. كما أعلمتني الحكومة اللبنانية أن الاستخبارات والأجهزة الأمنية اللبنانية أكّدت التدرب على استخدام السلاح الفردي في بعض أجزاء البلاد. وأكّدت هذه المعلومات تقارير حصلت عليها من دول أعضاء أخرى في المنطقة.
60. أكدت الحكومة اللبنانية أيضاً "وفي النتيجة هناك على الأرجح تدريبات للحماية والأمن لسائر المجموعات السياسية تجري بدافع التحسب. وهناك معلومات عن توزيع السلاح والتدريب المنظم على استخدام السلاح من جانب قوى المعارضة". وتتلقى بعض المجموعات المعنية السلاح والتدريب من "حزب الله"، بحسب الحكومة.
61. أعلمتني الحكومة اللبنانية أنها تنظر بالكثير من الهم والاهتمام إلى هذه التقارير عن التسلح والتدريب، وأنها طلبت من الأجهزة الأمنية أن تفعل كل ما في إمكانها، وفي حدود القانون، أن تتصدى لهذه الظاهرة قبل أن تنتشر أكثر وتبدأ بخلق بيئة تقود إلى النزاع الداخلي. كما طلبت الحكومة من الأجهزة التنفيذية لديها التعامل مع سائر الفئات السياسية على قدم المساواة في عمليات تنفيذ القانون في ما يتعلق بالتسلح والتدريب.
62. لا شك في أن بروز الميليشيات مجدداً هو من التطورات الأكثر إثارة للقلق في الأشهر الستة الماضية، في ضوء الأزمة السياسية المستمرة، ويثير شبح حدوث صدامات مسلحة لتقييد عمل مؤسسات الدولة أكثر فأكثر. تقلقني المزاعم المستمرة عن عودة الميليشيات في مختلف جوانب الطيف السياسي، بما يتناقض مع اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب الأهلية في لبنان وأدّى إلى حل معظم الميليشيات اللبنانية ونزع سلاحها، والقرار 1559.

 

عام
 

63. أثني على الحكومة لليقظة التي تبديها والمساعي التي تبذلها لمنع حصول المزيد من التدهور. وأدعو أيضاً كل الأفرقاء اللبنانيين إلى وقف فوري لكل جهود إعادة التسلح والتدريب على استعمال السلاح، والعودة بدلاً من ذلك إلى الحوار من خلال المؤسسات السياسية الشرعية ولا سيما مجلس النواب، بوصفه الوسيلة الوحيدة القابلة للحياة من أجل معالجة المسائل المختلفة وإيجاد حل للأزمة السياسية المستمرة.
64. أكرر مرة أخرى اقتناعي الراسخ بوجوب أن يتم نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من خلال عملية سياسية تؤدي إلى التأكيد الكامل لسلطة الحكومة اللبنانية على كل أراضيها. تفترض هذه العملية السياسية مسبقاً، وفي المقام الأول، احتراماً واضحاً للدستور من كل الأطراف، وكذلك حواراً وروحاً من التعاون بين القوى السياسية المختلفة في لبنان. إن العودة إلى الحوار السياسي وتسوية الأزمة السياسية الحالية في لبنان - ولا سيما مسألة الرئاسة اللبنانية - شرط مسبق أساسي لهذه العملية السياسية المترامية الأبعاد.

 

د. عملية الانتخابات الرئاسية
 

65. جرى اعتماد القرار 1559 في 2 أيلول 2004 في سياق الاستعدادات للتمديد للرئيس لحود. وسوف يتذكر المجلس أنه بعد يوم واحد من اعتماد القرار، صوّت البرلمان لتعديل الدستور ب96 صوتاً مقابل 29 وغياب ثلاثة نوّاب، لتمديد ولاية الرئيس لحود ثلاث سنوات إضافية عن مدة الست سنوات المنصوص عليها في الدستور.
66. في التقرير الأول حول تطبيق القرار 1559 الذي رفعته في الأول من تشرين الأول 2004، أشرت إلى اعتقادي الراسخ بأنه لا ينبغي على الحكومات والقادة أن يحتفظوا بمنصبهم لفترة أطول مما هو منصوص عليه.
67. منذ أيلول 2004، بقيت ولاية الرئيس لحود الممدّدة موضع خلاف، كما عكست التقارير الدورية حول تطبيق القرار. في تقريري نصف السنوي الرابع حول تطبيق القرار 1559، أخذت علماً بالمناقشات حول مسألة الرئاسة اللبنانية في جولات عدّة من الحوار الوطني إلى أن اتفق المشاركون في الحوار على عدم الاتفاق على المسألة في جولة المشاورات السابعة. وتذكرت أيضاً كلمة رئيس الوزراء السنيورة أمام مجلس الأمن في 21 نيسان 2006 والتي قال فيها "تعتبر الغالبية في مجلس النواب أن تمديد ولاية الرئيس لحود في أيلول 2004 لثلاث سنوات إضافية جاء نتيجة التدخل والإكراه من جانب سوريا – التي كان لها تأثير كبير على البرلمان اللبناني في ذلك الوقت – وخلافاً لكل النصائح بوقف هذا التدخل الشديد الوطأة".
68. في تقريري الأخير حول تطبيق القرار 1559، أشرت مجدداً إلى أن الغالبية النيابية الممثلة بتحالف 14 آذار لا تزال تصر على أن وجود الرئيس لحود في منصبه غير شرعي. وأخذت علماً أيضاً بعريضة وقعها سبعون نائباً من أجل عقد جلسة نيابية للمصادقة على النظام الداخلي للمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان، والتي برر فيها الموقعون لجوءهم إلى توقيع عريضة ب"موقف رئيس الجمهورية الذي مُدِّدت ولايته خلافاً لأحكام القرار 1559، والذي يمعن في محاولته عرقلة الصلاحيات الدستورية لحكومة لبنان الشرعية". وأشرت أيضاً إلى أنه بينما تشارف ولاية الرئيس لحود الممددة نهايتها، يجب انتخاب رئيس جديد في عملية انتخابية حرة وعادلة تجرى بحسب الدستور اللبناني من دون تدخل أو تأثير خارجي، وبما يتماشى مع القرار 1559. وأعربت عن اعتقادي بأن من شأن هذه الانتخابات أن تساعد في إعادة إحياء العملية السياسية العادية والدستورية في لبنان".
69. انتخاب رئيس جديد أساسي حالياً لحل الأزمة السياسية في لبنان. يجب أن يُشغَل المنصب ما إن تنتهي الولاية الممددة للرئيس الحالي، خشية أن تبقى الوظائف الأساسية للمؤسسات السياسية معطّلة.
70. في 25 أيلول، حاول رئيس مجلس النواب نبيه بري عقد جلسة نيابية أولى للتصويت لانتخاب رئيس جديد. لكن وفي حين حضر جميع نواب الأكثرية، لم تُفتتَح الجلسة لأن عدد النواب لم يصل إلى نصاب الثلثين المطلوب لفوز مرشح في الجولة الأولى، بحسب ما ينص عليه الدستور. وفي اليوم نفسه، دعا بري المجلس إلى الانعقاد للتصويت لرئيس جديد في 23 تشرين الأول. وجرى إرجاء هذه الجلسة إلى 12 تشرين الثاني. ولكن في 16 تشرين الأول، انعقد مجلس النواب اللبناني للمرة الأولى خلال الدورة النيابية الحالية، لانتخاب اللجان النيابية وكذلك شاغلي المناصب المختلفة لتسهيل التصويت في حال إجرائه.
71. يجب أن يسعى القادة السياسيون اللبنانيون إلى الوحدة والاتفاق. من الضروري معاودة الحوار السياسي. أنا مقتنع بأنه يجب انتخاب الرئيس الجديد في عملية انتخابية حرة وعادلة تتقيّد تقيداً كاملاً بأحكام الدستور اللبناني من دون أي تدخل أو تأثير خارجي، ومن ضمن المهلة المنصوص عليها في الدستور، بما يتماشى مع أحكام القرار 1559، ومع حصولها على أوسع موافقة ممكنة. يجب ألا يحدث فراغ سياسي في موقع الرئاسة.
72. أثني في شكل خاص على رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، لإطلاقه حواراً مع كل الأفرقاء المعنيين بهدف التوصل إلى اتفاق حول مسألة الانتخابات الرئاسية. لقد مهّدت هذه المبادرة الطريق لحوار مهم بين المعارضة والأكثرية النيابية. أدعم بقوة مواصلة هذا الحوار. وتلقيت بإيجابية أيضاً الجهود التي يبذلها البطريرك الماروني لإطلاق حوار بين القادة المسيحيين. ولكن على رغم هذه الجهود الجديرة بالثناء، تسود مخاوف على نطاق واسع في لبنان من انقضاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد في 24 تشرين الثاني من دون التوصل الى حل للأزمة. وستكون النتيجة إما فراغاً دستورياً وإما بروز حكومتين متنافستين تشكّك كل منهما في الشرعية الدستورية للأخرى. تظهر السابقة المؤسفة لشغور منصب الرئاسة بسبب غياب الحوار والاتفاق عام 1988، الأخطار المترتبة عن هذا الأمر والتي من شأنها أن تقود إلى بروز حكومتين متنافستين وإلى موجة جديدة من المعاناة والدمار على يد القوى المتناحرة.

 

IV. ملاحظات
 

73. منذ اعتماد القرار 1559، لا يزال لبنان يواجه انتكاسات في معركته من أجل إعادة تأكيد سيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي. أحيّي من جديد اللبنانيين الشجعان وقادتهم السياسيين الذين يصمدون في هذه المعركة. وتظل الأمم المتحدة ملتزمة مساعدتهم في تحقيق الانتقال التاريخي الذي يشهده لبنان منذ أيلول 2004. ولهذه الغاية، بقيت على اتصال وثيق مع كل الأطراف المعنيين في المنطقة وخارجها.
74. في الأشهر الستة الماضية، عاش لبنان فصلاً صعباً آخر في إطار جهوده الرامية إلى تأكيد سيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي، وبسط سيطرة الحكومة على كل الأراضي اللبنانية والحؤول دون وجود سلاح خارج سيطرة الحكومة. في موازاة ذلك، أظهرت التفجيرات والاغتيالات والحوادث في جنوب لبنان والمعركة الطويلة بين القوات المسلحة اللبنانية و"فتح الإسلام"، هشاشة الوضع الأمني في لبنان. اجتمعت الظروف الأمنية مع المأزق السياسي لخلق مناخ من الأزمة المستمرة مع ما يترتب عن ذلك من آثار سلبية على المجتمع والاقتصاد اللبنانيَّين في شكل عام. يمضي عدد كبير من النواب الجزء الأكبر من وقتهم في الخارج. على سبيل المثال، عاد النائب غانم قبل يومين فقط من اغتياله، من إقامة طويلة في الخارج. في شكل عام، ليست الظروف السائدة في لبنان مناسبة لتأكيد سيادته وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي.
75. في سياق الأزمة السياسية الطويلة، والتحديات من الميليشيات والمزاعم عن انتشار إعادة التسلح والتدريبات شبه العسكرية، ظلت الحكومة اللبنانية مقيدة ومحط خلاف، وكذلك الأمر بالنسبة إلى احتكارها الاستعمال الشرعي للقوة. وكان التحدي الأبرز في هذه الفترة من "فتح الإسلام". أهنّئ، وأثني على لبنان حكومةً وشعباً وعلى القوات المسلحة اللبنانية لتجاوزهم بنجاح اختباراً حرجاً على الطريق نحو بناء لبنان حر وسيد بكل معنى الكلمة.
76. ولكن ما زالت هناك تحديات كثيرة كي يتحرر لبنان في شكل دائم من مخلفات ماضٍ بات رهينة له. قبل كل شيء، أدعو إلى معاودة الحوار السياسي في لبنان حول كل المسائل ذات الصلة وخصوصاً مسألة الرئاسة اللبنانية ونزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلها.
77. عقب الانتصار على "فتح الإسلام"، من الضروري حالياً أن تواظب الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة على اليقظة وبذل الجهود من أجل خير وأمن كل من يعيشون في لبنان. ومن الضروري أيضاً أن تعاود المناقشات السياسية بين جميع الأطراف اللبنانيين، فتقودهم إلى إعادة تأكيد التزامهم نزع سلاح الميليشيات الفلسطينية في لبنان، تطبيقاً للقرار 1559.
78. أعي تماماً الظروف التي تسود مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والتحديات الناجمة عنها. من الضروري أن يستمر التعاون الوثيق الذي أنشئ بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطات اللبنانية، من أجل خير اللاجئين الفلسطينيين الذين غالباً ما دفعوا ثمن ارتكابات الآخرين. وأثني على الحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية لدورهما في إعادة إرساء الأمن في المخيمات، لكنني أدعوهما إلى اتخاذ خطوات ملموسة الآن لإدخال تحسينات مهمة في ظروف عيش اللاجئين من دون إلحاق ضرر بتسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين في سياق اتفاق سلام إسرائيلي - فلسطيني محتمل. أسرة الأمم المتحدة جاهزة للعمل مع شركائنا اللبنانيين والفلسطينيين نحو هذا الهدف، بينما نبذل أيضاً كل الجهود الممكنة للمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام إسرائيلي - فلسطيني بأسرع وقت ممكن.
79. المعلومات التي ما زلت أتلقاها وتشير إلى أن "حزب الله" أعاد بناء، وحتى عزز قدرته العسكرية مقارنةً بالمرحلة السابقة لحرب تموز وآب 2006، مقلقة جداً وهي في تعارض شديد مع أحكام القرار 1559. أكرّر اقتناعي بأن نزع سلاح "حزب الله" في سياق إتمام تحوله حزباً محض سياسي بما ينسجم مع أحكام اتفاق الطائف، عنصر ذو أهمية أساسية كي يتمتع لبنان في المستقبل بكامل سيادته ووحدته واستقلاله السياسي. أحض على معاودة الحوار السياسي في لبنان لتأكيد التزام كل الأطراف نزع سلاح الميليشيات اللبنانية في لبنان، بما في ذلك "حزب الله"، تطبيقاً لأحكام القرار 1559. وأتوقع أيضاً تعاوناً لا لبس فيه من كل الأطراف الإقليميين المعنيين الذين يملكون القدرة لدعم هذه العملية، وخصوصاً الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية اللتين تجمعهما روابط وثيقة بالحزب، وذلك من أجل أمن لبنان والمنطقة واستقرارهما ورفاههما.
80. منذ انتهاء الحرب الأهلية، لم تُجرَ قط في لبنان انتخابات رئاسية بحسب أحكام الدستور، من دون أي تعديلات دستورية ومن دون تدخل أجنبي. عام 1989، انتخب الرئيس الياس الهراوي في شتورة بعيداً جداً من مبنى مجلس النواب، ليحل مكان رينيه معوض الذي تعرض للاغتيال وكان تم تعيينه رئيساً في مطار عسكري شمال لبنان. وعام 1995 جرى تمديد ولاية الرئيس الياس الهراوي ثلاث سنوات إضافية زيادة عن مدة الست سنوات المحددة في الدستور. وانتخب الرئيس لحود عام 1998 بعد تعديل الدستور للسماح لقائد الجيش السابق بالترشح للانتخابات. وجرى تمديد ولايته ثلاث سنوات إضافية عام 2004 بموجب تعديل دستوري. هكذا وعقب انسحاب القوات والأعتدة والمخابرات العسكرية السورية، يملك اللبنانيون هذه المرة فرصة لإجراء انتخابات حرة وعادلة بحسب أحكام الدستور اللبناني ومن دون أي تدخل أجنبي للمرة لاولى منذ انتهاء الحرب الأهلية. من شأن هذه الانتخابات أن تشكل ركيزة أساسية على الطريق نحو إعادة التأكيد الكاملة لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي، بما ينسجم مع هدف القرار 1559.
81. أنا على أشد الاقتناع بأنه ينبغي على الشعب اللبناني وممثليه السياسيين أن يكونوا على قدر الفرصة التي تتيحها الانتخابات الرئاسية المقبلة ويقلبوا صفحة صعبة في تاريخهم. يجب ألا يحدث فراغ دستوري في موقع الرئاسة والا تكون هناك حكومتان متواجهتان. يجب احترام أحكام الدستور احتراماً كاملاً. وتالياً يجب أن يسمح الحوار السياسي بانتخاب رئيس جديد قبل انقضاء المهلة الدستورية في 24 تشرين الثاني. أحض الأطراف السياسيين اللبنانيين على الشروع في حوار بناء والسعي إلى الاتفاق، في إطار الاحترام الكامل لاتفاق الطائف. يجب أن يتمتع الرئيس بأوسع قدر ممكن من الموافقة.
82. ما زلت أشعر بقلق عميق من الأوضاع الأمنية السائدة في لبنان. ومن غير المقبول أن ترغم عدداً كبيراً من النواب على الإقامة في شكل دائم في الخارج أو على الانعزال في ظل حراسة أمنية مشددة في بلدهم. ولا يمكننا أيضاً إلا أن نلاحظ أن اغتيال النائب أنطوان غانم، إلى جانب الاغتيالات السابقة لأعضاء في الائتلاف الحاكم، أدّت إلى خفض عدد الأكثرية إلى 68 نائباً من أصل العدد الحالي للنواب الذي يبلغ 127، ولم تثر شبح حدوث مزيد من التدهور وحسب بل أيضاً حصول خلل في التوازن السياسي القائم منذ الانتخابات النيابية في أيار 2005. يشير نمط الاغتيالات السياسية في لبنان بقوة إلى جهود مدبّرة لتقويض المؤسسات الديموقراطية في لبنان والممارسة المستمرة ومنع ممثلي الشعب اللبناني السيّد المنتخبين ديموقراطياً من ممارسة وظائفهم السياسية في صورة مستمرّة.
83. من المقلق أيضاً أن نرى أن معظم الأطراف السياسيين في لبنان يستعدون على ما يبدو لاحتمال تدهور الأوضاع أكثر فأكثر. تتعارض إعادة التسلح والتدريبات العسكرية في شكل مباشر مع الدعوة المضمنة في القرار 1559 لنزع سلاح كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلها. اثني على الحكومة اللبنانية والأجهزة الأمنية اللبنانية ليقظتها المستمرة في هذا الإطار وجهودها الآيلة إلى تهدئة الوضع. كما أكرر دعوتي الملحة إلى كل الأطراف اللبنانيين كي يوقفوا في الحال كل جهود إعادة التسلح والتدريبات على استعمال الأسلحة، ويعودوا بدلاً من ذلك إلى الحوار والتوافق باعتبارهما الوسيلة الوحيدة القابلة للحياة من أجل معالجة المسائل المختلفة وتسوية الأزمة السياسية الحالية.
84. من الواضح أن العودة إلى الحوار السياسي بين الأطراف اللبنانيين ضرورية في الظروف الحالية، وهي السبيل الوحيد لحل كل المسائل ذات الصلة. يجب أن يحافظ لبنان على إطاره السياسي الشامل، والأهم من ذلك، التوافقي، كما هو معبّر عنه في اتفاق الطائف.
85. لا شك في أنني ادرك تماماً أن إطار العمل هذا يطلب دعماً وانخراطاً متجددين من كل الأطراف والداعمين الخارجيين المعنيين للبنان. فمن دون ذلك، لن يتمكن لبنان من اتخاذ خطوات إضافية نحو إعادة تأكيد سيادته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، أو من الحفاظ على هذا التقدم في المدى الطويل. لكنني مقتنع أيضاً بأن التدخل الخارجي الكبير في لبنان لم يساهم في الحد من التوتر في ذلك البلد. على النقيض، زاد الاختراق والتدخل الخارجيان في لبنان من حدة الأزمة. حان الوقت ليتوقف التدخل الخارجي ويحدد الشعب اللبناني وممثلوه السياسيون دون سواهم مصير لبنان.
86. في هذا السياق، أعرب من جديد عن أملي في أن تتعاون سوريا في شكل خاص في كل المسائل ذات الصلة المتعلقة بالتطبيق الكامل لكل أحكام القرارات 1559 و1680 و1701. أرحب بالتأكيدات والتعهدات الواردة في الرسالة الأخيرة التي وجهتها سوريا إلي، وأتوقع أن ينعكس التزام سوريا سيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي، مزيداً من الخطوات الملموسة في المرحلة المقبلة.
87. أدرك تماماً الترابط بين النزاعات المختلفة في المنطقة. ولدي اقتناع شديد بوجوب بذل كل الجهود الممكنة لبلوغ سلام عادل وشامل ودائم لكل شعوب المنطقة. سيظل تحقيق هذا السلام في منطقة الشرق الأوسط بكاملها، بما ينسجم مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرارين 242 و338، رهناً باستعادة لبنان لكامل سيادته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي، والعكس.
88. سأواصل جهودي الرامية إلى مساعدة كل الأطراف في السعي إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، والتطبيق الكامل للقرارات 1559 و1680 و1701. وأجدد أيضاً دعوتي كل الأطراف والفاعلين المعنيين إلى دعم إعادة إعمار لبنان وتحوّله السياسي، وإلى المبادرة سريعاً إلى اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لهذه الغاية؛ كما هو منصوص عليه في اتفاق الطائف والقرارات 1559 و1680 و1701.

هوامش
1. في خطابه لمناسبة يوم القدس في 5 تشرين الأول، قال حسن نصرالله "في لبنان شهدنا في المرحلة الأخيرة عمليات اغتيال وكان آخرها اغتيال النائب أنطوان غانم. وجرت العادة عندما تحصل عمليات اغتيال من هذا النوع لأي شخصية من فريق 14 آذار أن يقوم هذا الفريق وفي الدقائق الأولى باتهام سوريا والبعض يذهب أبعد من ذلك باتهام أو تحميل مسؤولية أيضاً لحلفاء سوريا في عمليات الاغتيال [...] أنا لا أقول إن قوى 14 آذار تقتل قادتها وشخصياتها، إنما أقول إن الإسرائيليين هم الذين يقتلون شخصيات 14 آذار وقياداتها".
2. مقابلة مع مسؤول رفيع المستوى في حزب الله، “الفايننشال تايمس"، 26 حزيران 2007.
 

نيويورك – من سيلفيان زحيل     
( ترجمة نسرين ناضر )   

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها