الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

القرار 1559 وعد لبنان بالاستقلال

 2007 الخميس 4 أكتوبر

النهار اللبنانية


علي حماده  

قيل الكثير عن القرار 1559، وجعله النظام السوري واتباعه في لبنان مادة يتحججون بها للزعم انه قرار اسرائيلي، ويشكل تدخلا في الشؤون الداخلية اللبنانية. ورأى فيه "حزب ولاية الفقيه" في لبنان "شيطانا اكبر" وجب قتله ودفنه، جاعلا الامر شرطا مسبقا للقبول باي مرشح جدي للرئاسة. فأكثر من مسؤول من الحزب المذكور حدد دفن القرار 1559 بوابة عبور اجبارية للوصول الى الموقع الرئاسي. وبعضهم ذهب الى حد القول ان القرار بشقيه المتعلقين بالانتخابات الرئاسية، وسلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية هو تدخل في الشؤون اللبنانية. اما بعضهم من اصحاب الـ"انا" المتورمة فيزعم ان القرار دفن في حرب تموز 2006 بالقوة، ليقفز الى اشتراط ان يكون رئيس الجمهورية "فهم جيدا معنى تجربة المقاومة وامكاناتها وقدراتها، واهل لان يكون امينا على قوة لبنان باتخاذه المقاومة سندا ويضع في برنامجه ان لا حماية للبنان من دون ان تكون المقاومة جزءا من منظومته الدفاعية".
الى هذه المواقف صبوا جام غضبهم على النائب وليد جنبلاط الذي وجّه رسائل الى المجتمع الدولي ليطالبه بالاضطلاع بمسؤولياته في حماية لبنان في المرحلة المقبلة، والمساعدة في اتمام تنفيذ القرارات الدولية ولا سيما القرارين 1559 و1701، فرأوا ان في تلك الرسائل استدعاء للخارج، لا بل استقواء به على الداخل، في مرحلة من ادق المراحل التي يمر بها لبنان.
والحال ان الاشارة الى القرار 1559 بوصفه قرارا شيطانيا، يكشف الكثير مما تخفيه الجهة المتمسكة بمشروعها المناقض لمشروع قيام الدولة في لبنان، فالاصرار على القول ان دعوة المجتمع الدولي الى سحب جميع الجيوش الاجنبية من لبنان، وتفكيك جميع الميليشيات غير الشرعية، لبنانية كانت ام غير لبنانية، وإتمام الانتخابات من دون تدخل خارجي – كالذي حصل بقوة الاكراه للتمديد – وان هذه الدعوة تمثل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية، لا يعفي الجهة المبرمة من مساءلتها عن استمرارها في الاحتفاظ بسلاح غير شرعي يمثل بقاؤه على هذا النحو وضمن آليات استخدامه والامرة عليه تهديدا مباشرا لكل اللبنانيين. فالسلاح المذكور هو سلاح طائفي بامتياز، لا بل انه سلاح مذهبي منقاد الى ايديولوجيا انتي – عربية، وصار معلوما انه يشكل ذراعا امنية – عسكرية للنظام في ايران يساهم مساهمة حقيقية في مشروع الهيمنة على المنطقة العربية التي تنفذه تارة بسلاح المذهبية، وطورا بسلاح الامن والسلاح، واثارة القلاقل داخل المجتمعات العربية. ولعل اخطر ما في سلاح "حزب ولاية الفقيه" في لبنان انه، فضلا عن كونه سلب اللبنانيين والدولة الشرعية قرارا مصيريا كقرار الحرب والسلم (ومثال تموز 2006 خير شاهد)، ورّط لبنان بأسره في مواجهة دولية – اقليمية، بعدما كان خروج الجيش النظامي السوري من لبنان فرصة ذهبية لاستنقاذه من سياسة المحاور، والحروب بالواسطة التي لطالما جرت عليه ويلات وكوارث، فيما كان الجوار كله ينبني اقتصاديا وتنمويا من دون اطلاق رصاصة واحدة اللهم الا بالميكروفونات! والاشد مضاضة ان السلاح الذي ادعوا انه لن يستخدم في الداخل، صار غطاء لاوسع عملية تسليح وتدريب يقوم بها الحزب لميليشيات تابعة لسوريا في كل المناطق اللبنانية محاولا نقل المشكلة الى قلب المجموعات الطائفية الاخرى واختراقها.
لقد كان القرار 1559 قرار الاستقلال اللبناني. وهو بمثابة "وعد" المجتمع الدولي لبلاد الارز باعادة استقلالها وسيادتها وحريتها. ولذلك ما من لبناني حر يخجل بتأييده القرار 1559، القرار الذي يتعين على اهل ما يسمى "المقاومة" ان يقرأوه بتمعن لانه لم يأت من عدم انما استنسخ من نص الطائف في كل كلمة من كلماته.
ومن هنا قوة مشروعيته في الداخل. ومن هنا ايضا اعتبار اشتراط "حزب ولاية الفقيه" تخلي رئيس لبنان المقبل سلفا عن القرار 1559 امرا منافيا لمنطق بناء الدولة الذي لن يكون لرئيس، مهما علا شأنه، ان يمضي فيه بنجاح ما لم يأخذ بيده في شكل او في آخر امر الانتصار لمشروعها، فيضعها فوق كل المجموعات اللبنانية بما فيها تلك التي تعتبر نفسها من طينة فوق طينة البشر!
هكذا يكون لبنان او لا يكون!

   
ali.hamade@annahar.com.lb   

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها