الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

بري لفيلتمان: لبنان كله مع سليمان إلا عون.. إنه أمر لا يُصدّق

 الاربعاء 12 تشرين الأول 2011

كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ 10/12/2007 ومنشورة في موقع "ويكيليكس" تحت الرقم 1931 أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي يصرّ على تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، عبر الالتفاف حول حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، مشيراً إلى أن رئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب ميشال عون يشكل مشكلة "سياسية" حقيقية.
وأكد بري للسفير الأميركي آنذاك جيفري فيلتمان، خلال لقاء في مكتبه في عين التينة في 8 كانون الأول 2007، أن لبنان كله هو مع العماد ميشال سليمان، ما عدا شخص واحد. هذه هي القضية الحقيقية، هناك مشكلة سياسية مع عون، إنه أمر لا يصدق!". وحذر من مطالب عون، مؤكداً أنه يعارضها وهي ضد مصالح المسيحيين، لاسيما عندما طلب تقليص مدة ولاية سليمان في الرئاسة لمدة سنة واحدة وسبعة أشهر، وبرفضه تولي الرئيس سعد الحريري الحكومة المقبلة.
وذكّر السفير بري بالاقتراح الذي طرحه الأخير في الماضي وهو سهل ودستوري عبر عودة أحد الوزراء المستقيلين إلى الحكومة المؤقتة لإزالة أي تساؤلات حول شرعيتها، مما يسمح للحكومة أن تلعب دورها الدستوري في تعديل الدستور، فنفى بري بدايةً مناقشة الأمر، ثم ألقى اللوم على "حزب الله"، قائلا بأنه يمكن القيام بالأمر إن كان نصر الله مسافراً فحسب.
وجاء في الترجمة الحرفية لنص البرقية بالإنكليزية، وتحمل الرقم "07Beirut1931" تحت عنوان: "بري يطالب بالاجماع على كيفية تعديل الدستور"، كالآتي:
"يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية عبر الالتفاف حول حكومة السنيورة. ويلوم برّي كعادته الجميع على الأزمة القائمة من دون تحميل نفسه أي مسؤولية، مشيراً إلى أن رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون يشكل مشكلة "سياسية" حقيقية. في حين أن المكاسب السياسية الملموسة التي يأمل بري بحصدها لا تبدو واضحة بعد، خاصةً وأنه يحاول وضع العقبات القانونية لانتخاب ما يبدو حتى الآن مرشحاً توافقياً غامضاً، نشتبه بأن التأخير الحالي قد يكون محاولة أخرى لانتزاع تنازلات من حيث مجلس الوزراء القادم وبرنامج عمله".
وأشارت البرقية إلى أن "السفير ويرافقه نائب رئيس البعثة والمسؤول السياسي والاقتصادي التقوا الرئيس بري ومستشاره علي حمدان في مكتبه في عين التينة في الثامن من كانون الأول. وصرّح بري في بداية حديثه أنّه لم يعد شديد التفاؤل بعد تأجيل جلسة مجلس النواب المقرّرة في السابع من كانون الأول إلى الحادي عشر من الشهر لمتابعة الجهود لانتخاب رئيس الجمهورية. وبدا مقتنعاً بأن تعديل الدستور سيكون أمراً سهلاً، واقترح طريقتين للقيام بذلك (وأشار إلى أن الاقتراحين ليسا من رأسه)، لكنّه أضاف أن فريق 14 آذار لن يوافق على اقتراحاته. وكان الاقتراح الأول أن تستقيل حكومة السنيورة، وبالتالي تتحول تلقائياً إلى حكومة تصريف أعمال. (ملاحظة: المعارضة تعتبر أن الحكومة فاقدة للشرعية منذ 11 تشرين الثاني 2006، بعد استقالة 6 وزراء، من ضمنهم الوزراء الخمسة الشيعة، مما جردها من التوازن الطائفيّ. تابع الوزراء المعنيون أعمالهم ولكنهم رفضوا حضور أي من اجتماعات الحكومة. ولم تقبل الاستقالات رسمياً من قبل السنيورة)".
وأضافت البرقية "على الرغم من أنه اعترف أن حكومة تصريف الأعمال لن تتمكن من اتخاذ قرارات مهمة كتعديل الدستور، لفت بري إلى أنه في حال التوافق على الأمر، فباستطاعة الحكومة الحصول على الحق بإقامة تعديلات تلمس بشكل طفيف أي مخالفات دستورية، مضيفاً أن السنيورة قال مسبقاً إنه سيقدم استقالته لرئاسة الجمهورية، فلماذا لا يقوم بالأمر قبل ذلك بحوالي نصف ساعة (أي قبل الانتخابات)، وبالتالي يصبح تطبيق اقتراح بري ممكناً؟ وبحسب بري، يمكن عندها القيام بتعديل الدستور وانتخاب الرئيس الجديد في غضون ساعتين. (ملاحظة: استقالة رئيس مجلس الوزراء اوتوماتيكية في حال انتخاب رئيس جديد).
في محاولة للالتفاف حول هذا الاقتراح، رأى بري أن حكومة السنيورة ستعتبر حكماً مستقيلة إن قام وزيران إضافيان بتقديم استقالتهما. (ملاحظة: يجب أن يحافظ مجلس الوزراء على الثلثين، أي 16 من أصل 24 وزيرا أصلياً، للبقاء في السلطة. بعد استقالة وزراء المعارضة الستة، واغتيال وزير الصناعة بيار الجميل، الحكومة الحالية قائمة على 17 وزيراً فقط). أما اقتراح بري الثاني، على افتراض أن الوزراء الشيعة لن يعودوا الى الحكومة وهي نفسها لن تستقيل، فهو أن يتقدم عشرة نواب لتوقيع عريضة اقتراح التعديل الدستوري، ويمرر بعد ذلك مجلس النواب التعديل من دون إحالته إلى الحكومة (على النحو المطلوب وفقاً للدستور). وسيكون من نوع "القانون الذي يطبق على الفور"، وبالتالي لن يكون هناك ضرورة للحصول على موافقة الحكومة. وقال بري إنه بموجب هذا السيناريو، يمكن أن يتم التعديل وانتخاب الرئيس في ساعة ونصف فقط.
وقال بري، بعد عرض قرارات قانونية قديمة تدعم حجته، أن هناك ما يسمى بـ"ظروف استثنائية" و"مصالح الدولة"، ويمكن التذرّع بهذه الحجج لتبرير عدم الالتزام الصارم بالإجراءات الدستورية. وكما كان قال لزعيم الاغلبية سعد الحريري، أن الفراغ الرئاسي والمشكلة المستمرة مع زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، وخطر نشوب نزاع بين السنة والشيعة، جميعها حجج لتبرير هذا النهج. وشبّه الوضع بما حدث بعد أحداث 11 أيلول، عندما اتخذت الولايات المتحدة الإجراءات التي تعدت على الحريات المدنية باسم الأمن القومي. علاوة على ذلك، خلص بري إلى أن الدستور اللبناني يستند على الدستور الفرنسي، والقانونيون الفرنسيون يتفقون مع هذا النهج".
وتابعت البرقية "أشار السفير إلى أنه في الماضي قال بري إن حلاً سهلاً ودستورياً سيكون على الأقل عبر عودة أحد الوزراء المستقيلين إلى الحكومة مؤقتاً لإزالة أي تساؤلات حول شرعيتها، مما يسمح للحكومة أن تلعب دورها الدستوري في تعديل الدستور. ونفى بري هذا، قائلاً انه "لم يدخل في تفاصيل" إجراءات تعديل الدستور. لكن بري اعترف أنه تمتّ مناقشة هذا الاحتمال. وكان النائب بهيج طبارة أخبر بري، ووزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير والرئيس الحريري أنه على الرغم من أن الحكومة الحالية غير دستورية، فبإمكان الوزراء الشيعة أن يبدوا تحفظاتهم عن الحكومة في مجلس الوزراء. وتمت مناقشة المسألة مع "حزب الله"، وقال وزير الطاقة المستقيل محمد فنيش إن "حزب الله" لن يوافق على الأمر إلا إذا تمت مراجعة جميع المراسيم التي مرت خلال العام الماضي من قبل حكومة السنيورة الـ"غير شرعية" من الحكومة التي ستستعيد الدستورية بالكامل. وناقش الحريري المسألة مع بري ورئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد، الذي قال إنه سيسأل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن الأمر. وقال بري للسفير إنّه سيقف بعيداً في حال أعطى نصرالله الضوء الأخضر. واقترح السفير أنه بإمكان حكومة السنيورة أن تقبل استقالة الوزراء الستة وتقوم بتعيين وزراء شيعة جدد، وبالتالي إبعاد الشكوك عن شرعية الحكومة. وقال بري الذي بدا أنه لم يأخذ هذا الحل في عين الاعتبار "يمكننا أن نتكلم بالأمر".
ولفتت البرقية إلى أن بري "زعم بأنه طلب من النائبين بهيج طبارة وروبير غانم أن يحضرا عريضة للبدء بالعملية. وقال إن العريضة لن تشير إلى الطريقة التي سيعدّل بها الدستور، إنما ستشير فقط إلى ضرورة تعديله. وسيوقعها خمسة نواب من كل جهة (خمسة نواب من فريق قوى 14 آذار، اثنان من "حزب الله"، اثنان من حركة "أمل" وميشال المرّ ممثلاً كتلة عون النيابية). وقال إنه حثّ "حزب الله" والحريري لتوقيع العريضة في 7 كانون الأول، طالباً من نواب "حزب الله" أن يوقّعوا على العريضة أوّلاً، ومن بعدها استشارة نصر الله. وقال إن الرئيس الحريري وافق في بداية الأمر، ثم قال إنه يريد الانتظار لكي يكون مرتاحاً للعملية برمّتها. وتدخل حمدان قائلاً إن الشائعات تشير الى أن وزير الاتصالات آنذاك مروان حمادة نصح الرئيس الحريري بالتريث. وقال بري إن هذا كان خطأً فادحاً لأنه كان سيشكل ضغوطات هائلة على عون".
وبحسب البرقية "أصر السفير على أنه منذ كان هناك توافق في الآراء بشأن سليمان ونظراً للحاجة الملحة لملء الفراغ الرئاسي، ينبغي على البرلمان عقد جلسة للتصويت على الفور. وحقق فريق 8 آذار فوزاً عن طريق دفع فريق 14 آذار إلى اقتراح مرشح من خارج كتلته. "أي انتصار؟؟" هتف بري، معرباً عن دهشته. وقال إن الولايات المتحدة كانت أول من ذكر سليمان، وقامت بإعطاء الضوء الأخضر عند القول إنها لا تعارض التعديل الدستوري. وأضاف أنه حتى مع التوافق، فالحديث عن الذهاب إلى البرلمان أمر مختلف عن القيام به فعلياً، مضيفاً أنه لا بد أولاً من الاتفاق على كيفية تعديل الدستور". وأوضح أن لبنان كله هو مع العماد ميشال سليمان، ما عدا شخص واحد. هذه هي القضية الحقيقية، وليس كيف يمكننا تعديل الدستور. هناك مشكلة سياسية مع عون، قال وهو يهزّ رأسه، "إنه أمر لا يُصدّق!".
وتابع قائلاً إن عون يريد أمرين: شراكة في الحكومة وقانون انتخابي جديد. في إشارة الى البيان الفرنسي المقترح، وقال إن الحريري لن يقبل الكلام على حساب ضرورة وجود حكومة "النسبية"، الذي كان يدعي عون أن الفرنسيين أكدوا له إدراجها، مشيراً إلى أن عون يقول إنه يضمن التطمينات الفرنسية من "55/45" لتشكيل مجلس الوزراء (تشكيلة تعكس تركيبة الأغلبية/الأقلية في البرلمان). وادعى أن الأوروبيين وعدوه بقانون انتخابي جديد من شأنه أن يرجح "القضاء" على نظام التصويت. (ملاحظة: يعتقد عون أن إقامة انتخابات على "مستوى القضاء" سوف تؤدي إلى تحقيق مكاسب انتخابية لحزبه، ويلقي باللوم على القانون الانتخابي غير العادل لعدم حصوله على حصة عادلة من المقاعد في انتخابات العام 2005). وتابع بري: " بالإضافة إلى ذلك، يصر عون على أن سليمان سيبقى فقط في منصبه لمدة "سنة واحدة وسبعة أشهر" (أي حتى موعد الانتخابات التشريعية 2009)، وأن سعد الحريري لن يصبح رئيسا للوزراء. مدعيا أنه يعترض على كل المطالب، وأضاف أنه قد قال ذلك لأمل و"حزب الله"، محذراً من أن مطالب عون ضد مصالح المسيحيين (لأنها ستضعف موقع الرئاسة المسيحي)، و"نحن لا يمكن أن نعارض طائفة بأكملها".
وأشار السفير إلى أن تشكيل الحكومة يجب أن يكون من صلاحيات الرئيس الجديد، وإلا سيتم حرمانه من دوره الدستوري. وقال السفير انه بدأ بالفعل بإخطار نواب عون أنهم يعرضون البلاد إلى مخاطر محتملة من عقوبات مالية وحظر على السفر إلى الولايات المتحدة إن استمروا في عرقلة الجهود المبذولة لانتخاب الرئيس".
واختتمت البرقية بتعليق أشار فيه السفير إلى أنه "لأشهر عدة، أصرّ بري على ضرورة اكتمال نصاب الثلثين لانتخاب رئيس توافقيّ. أما وقد بات هناك مرشح توافقي، رفع بري سقف المطالب، مشيراّ إلى أن التوافق لا يجب أن يكون على الرئيس فحسب، إنما أيضا على كيفية تعديل الدستور. وعندما سئل لماذا لا يتم اللجوء إلى حلول بسيطة كإعادة وزير شيعي مستقيل إلى الحكومة، نفى بري بدايةً مناقشة الأمر، ثم ألقى اللوم على "حزب الله"، قائلا بأنه يمكن القيام بالأمر إن كان نصر الله مسافراً فحسب. مرة أخرى، يملك الرئيس الزلق اللسان الإجابة عن كل شيء، ولكن إجاباته بدأت تفقد مصداقيتها وإثارة شكوكنا حول أهدافه الحقيقية. ماذا سيكسب بري في حال استقالت حكومة السنيورة أو في حال تم استبعادها عن عملية تعديل الدستور؟ الرضى لرؤية السنيورة مغادراً السراي الحكومي (كما يشعر فريق 14 آذار بالرضى حين يغادر لحود القصر الرئاسي)، والاقتراح الضمني بأن حكومة السنيورة باتت فعلاً فاقدة للشرعية في البداية. وعلى الرغم من تضخم الأنا التي لا تخطئ لبري، الأمر لا يشكل أي إجابة، إلا إذا كان رئيس مجلس النواب يراهن على أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى انهيار الإنجازات التي حققتها حكومة السنيورة. وعلى الرغم من أن المحكمة الخاصة بلبنان آمنة بعدما صدرت الأوامر بخصوصها من قبل الأمم المتحدة، لكن القرارات المتعلقة بخصخصة الاتصالات (المسألة التي يعارضها فريق 8 آذار ويعتبر أنها تعم بالفائدة على فريق 14 آذار، ناهيك عن وجود تهديد لشبكة اتصالات "حزب الله" الخاصة والمستقلة) ربما تكون الهدف الأول.
هل ستعزز استقالة السنيورة مكانة بري عند "حزب الله" وحلفائه، سواء عون أو سوريا، بعد الكثير من الانحناء في مهب الريح على مدى الأشهر الماضية في محاولة لارضاء جميع الاطراف؟ مرة أخرى، قد لا يكون هذا التفسير مُرضياً. على الرغم من جهود بري لوضع كل اللوم على عتبة عون، نحن نعتبر ذلك ذريعة مناسبة لعدم المضي قدماً في الانتخابات. بعد كل شيء، هناك نصاب ثلثي أعضاء البرلمان من دون عون (واثنين من نواب كتلته ظهرا للتصويت يوم 7 كانون الأول).
وبما أن "حزب الله" قد يخسر غطاءه المسيحي إن انفصل عن عون، ربما يكون بري بصدد القيام بكسب الوقت لضم عون كما يدعي. ولنفترض أن المعارضة (ورعاتها السوريون والايرانيون) يريدون رئيساً بالفعل، فقد يكون بري، في محاولة للتأكد من أن مصالح فريق 8 آذار محفوظة، يحاول تحقيق مكاسب ملموسة متعلقة بتشكيل الحكومة وبرنامجها. لا يزال غير واضح تماماً كيف يقوم بري بوضع العقبات أمام التعديل الدستوري، ولكن لا شك أن التفافاته الأخيرة جزء من لعبة التأخير والتأخير، والتي أصبح مشهوراً بها بالنسبة لنا، كما أنه ينتظر تعليمات من دمشق ولكي يكون تحول الرياح أكثر حسماً في صالحه.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها