الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

من عهد الوصاية السورية إلى عهد وصاية السلاح

مسلسل حرب الإلغاء ضد الحريري 1998 ـ 2011 كشف لـ "المستقبل" ما لا يقوى على نسيانه عن الحقبة السوداء

حمادة: رفيق الحريري لم يكن يطمئن إلا على ارتفاع 32 ألف قدم

الثلاثاء 26 تموز 2011

حاوره: عمر حرقوص

يشهد "الشهيد الحي" مروان حمادة على مراحل الانقلاب الجديد القديم على لبنان بكثير من الخوف على مستقبل الوطن الذي يتعرض لهجمة شرسة اليوم، تستعيد حقبة سوداء، كلفته بحراً من دماء الشهداء، وخير مثال صيغة "القمصان السود" السائدة هذه الأيام بدلاً من صيغة "المواطن الصالح" التي راجت في تلك الأيام الغابرة.
ولأنه اعتاد السير عكس سياسة الـ"دكتيلو" التي تذكر بأيام "المكتب الثاني" في الستينات، ما زال النائب والوزير السابق يحرص على عدم مواربة الأمور أو التعمية على حقبة تسير على النهج الكيدي نفسه، منذ أعلنت الحرب على الرئيس الشهيد رفيق الحريري مرة بتهديده، وتارة بهز العصا المالية أو الأمنية في البلد الذي ما زال يشهد "بروفات" مطبوخة على أيدي النظام السوري والمخبرين.
في واحدة من قصص الرحلات "المعبرة" إلى دمشق يكشف حمادة أن رفيق الحريري كان يطلب من الجميع الصمت و"عدم الحديث في السياسة" حين تقلع طائرته من مطار دمشق، ومتى تصل الطائرة إلى ارتفاع اثنين وثلاثين ألف قدم، أي فوق منطقة "القريتين" هناك وفي الجو كان يبتسم ويقول "الآن صار بإمكاننا أن نحكي".
يحكي مروان حمادة مستفيضاً في نبش السنوات العشر الأخيرة على أمل نهضة "المواطن الصالح" الحقيقية مجدداً كرمى لوطن لطالما حلم أبناؤه بالعيش فيه من دون تهديد أو وعيد عسى أن تسمع "الجارة" هذه المرة فتتعظ.
يقول "الشهيد الأول" إنه يوم وقوع الانفجار الذي استهدفه وصل إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت نائب الرئيس السوري يومها عبد الحليم خدام، فبدأ التجمع الشعبي الغاضب الموجود على باب المستشفى يرفع صوته بالقول "تريدون المشي بجنازة القتيل"، ولكن وليد جنبلاط هدّأ الناس واقترب من خدام وأدخله إلى المستشفى للاطمئنان إلى صحة حمادة. يومها قال خدام إنه آتٍ إلى بيروت بطلب من بشار الأسد، ولكنه أخبر جنبلاط ومن كان متواجداً من السياسيين أنه لحظة سماعه خبر الانفجار توجه بشكل شخصي إلى بيروت من دون طلب من أحد.
يروي أنه بعد خمسة أيام من محاولة اغتياله، حضر رئيس فرع الأمن والاستطلاع للقوات السورية العاملة في لبنان العميد رستم غزالي (أبو عبده) ومعه وزير العدل يومها عدنان عضوم والنائب ناصر قنديل. زوجة حمادة حاولت منعهم من دخول غرفته، ولكن حمادة طلب منها أن تتحمل "ابو عبده". وبعد دخوله قال لحمادة إن خدام لم يأتِ بإيعاز من بشار الأسد، وأضاف "أنقل لك تنديد السيد الرئيس بمحاولة اغتيالك".. ويتابع حمادة "أما عضوم فقال إن القضاء سيأخذ إفادتك، وبعد شهرين أراد سجني عندما قلت إنه صار هناك تلاعب بالتحقيق".
في قراءة النائب حمادة لمجريات الأمور الأخيرة، فإن الكثير مما حدث في نهاية القرن الماضي مع الرئيس الشهيد الحريري وتياره السياسي العريض، يحدث الآن. هو يشبّه اليوم بالبارحة، ولكنه يرى بأن هناك فروقاً بين المرحلتين، أبرزها تحوّل القيادة من النظام السوري وحده إلى شراكة بين النظام السوري و"حزب الله". فبين عامي 1998 و2000 تعرض تحالف الرئيس الحريري لهجوم سياسي وأمني وإعلامي لإقصائه عن الحكم وإقصاء البرنامج الاجتماعي - الاقتصادي الذي كان يحمله.
يلفت حمادة إلى أن الجهاز الأمني اللبناني - السوري المشترك في تلك المرحلة كان "راكباً" على "سيبة" ثلاثية الأرجل أو "ثلاثي الدكتيلو" كما يسميه: الأمن العام بقيادة اللواء جميل السيد، ومقرا المخابرات السورية في البوريفاج وعنجر، فيما كانت بعض وكالات الأنباء الخاصة تقوم بالدور الذي تقوم به بعض المواقع الإلكترونية اليوم والتي ورثها "حزب الله" في هذه المرحلة بتغذية الحملات السياسية على الرئيس سعد الحريري، في إعادة للتاريخ مرة كمأساة ومرة كمهزلة.
لم يحتج حمادة الى الكثير من الوقت كي يتذكر تلك المرحلة القاتمة في تاريخ لبنان. كيف ينسى وجراحها وآثارها الجسدية والمعنوية يتعايش معها، وهو أول ضحايا حقبة إلغاء الرئيس رفيق الحريري، عبر محاولة اغتياله، والتي بدأت من خلال حملة صحافية ضخمة تناولت موضوع الفساد، مهاجمة الرئيس الشهيد، وخصوصاً بملف الإعمار، مع أن الإعمار كان في كل مكان من لبنان، وتوضح بسرعة أن الذي غذى الحملة على الفساد "كانوا هم الفاسدون الأساسيون والذين برزوا في تحالف العام 1998 لإبعاد الحريري عن الحكم، وهم سفراء المخابرات السورية الدائمون في لبنان، وفي كل يوم كانت هناك قصة كقصة الزيت التي حصلت قبل اغتياله".
يسترجع حمادة تلك المرحلة: "إذا عدنا وجدنا صحفاً معينة ساهمت في تلك الحملة، وصولاً إلى مرحلة تم فيها فرض اميل لحود رئيساً للجمهورية وفرضه على النواب باستثناء نواب "اللقاء الديموقراطي" الذين رفضوا انتخابه، إضافة إلى أن جماعة "السيبة الثلاثية" اخترعوا بدعة المادة 53 من الدستور لإزاحة الحريري، حيث قام عدد من النواب المحسوبين على النظام الأمني بوضع تصويتهم عند إميل لحود ليقوم هو بالاختيار، بدلاً من أن يقوموا بتسمية مرشحهم لرئاسة الحكومة وهو أمر مخالف للدستور". فالانقلاب بدأ من الممارسات الكيدية على الرئيس الحريري، وهذا ما دفعه إلى الاعتكاف ومن ثم الاستقالة بعد مجموعة حملات إعلامية وتشهيرية وتهديد متواصل، والفترة التي سبقت ذلك شهدت "تركيب" المنظومة الأمنية التي تولت بداية حملة تشويه اتفاق الطائف وتحوير بعض مواده والإعداد للإتيان بإميل لحود، ولم يكن التمديد للرئيس الياس الهراوي في العام 1995 إلا تأخيراً لمجيء إميل لحود إلى رئاسة الجمهورية، بانتظار تبدل ما.
ويعتبر حمادة أن كل الكيدية في تلك المرحلة التي استهدفت الرئيس الحريري بدأت عبر مهاجمة الرئيس فؤاد السنيورة الذي كان وزيراً للمالية، وفتح ملف محرقة برج حمود "مع أن السنيورة كان البريء الأول منها، بينما يمكن القول إن كل الحكومات كانت متواطئة في هذه القصة التي لعبت فيها الاعتبارات المتنية دوراً كبيراً، وخصوصاً مع تحضيرات إميل لحود ليضع نفسه رقماً في تلك المنطقة".
يؤكد حمادة أنه بعد الانقلاب السياسي في العام 1998، قام حلفاء النظام الأمني السوري في لبنان بالاعتماد على السياسة المالية التي عمل بها الرئيس الشهيد "ولكنهم بدلاً من زيادة حجم الإعمار وتحسين مستويات النمو الاقتصادي في لبنان، زاد معهم الدين العام بنمو تصاعدي كبير، فتراجع النمو وزاد التضخم المالي والديون العامة التي كانت بحدود 18 مليار دولار في 1998 صارت 30 ملياراً عام 2000، من دون إنجازات اقتصادية ولا عمرانية ولا حتى إنهاء لملفات عالقة، بينما 18 ملياراً أتت جراء أعمال جبارة مثل بناء المطار، وتحسين شبكة الكهرباء التي وصلت في العام 1996 إلى 24 ساعة على أكثر من تسعين في المئة من الأراضي اللبنانية، وتطوير شبكة المياه، وتوسيع الاوتوسترادات والطرق إلى كل المناطق اللبنانية، وزيادة قدرات الجيش اللبناني، أي أن الدين العام أو الـ18 مليار دولار أتت آنذاك بسبب إعادة ترتيب الدولة وبنائها بعد الحرب".
بين الـ98 واليوم
يربط حمادة بين مرحلة 1998 واليوم: "كما بدأوا الآن عملية التحضير لقانون انتخابي يطيح بالحريري وقوى 14 آذار، وقعوا في الحفرة نفسها التي حفروها قبل أحد عشر عاماً، يومها قسموا بيروت على أساس أن يؤمنوا فوز قطب لكل حي من أحياء العاصمة ويحولوا رفيق الحريري إلى زعيم حي ومعه كذا "غواصة" سورية بلائحته نفسها، فوقعوا بالحفرة وأطاح بهم. وتقاتلوا يومها على شكل النظام الانتخابي، كما سيتقاتلون اليوم على قانون الانتخاب بين النسبية وبين الأكثرية حيث لن يجدوا في أي من القوانين فرصة لفوزهم لأن الإرادة الشعبية كما في الأعوام 2000 و2005 و2009 ستعطي أصواتها لمن يمثلها. فالانتخابات النيابية عام 2013 ستكون مثل الانتخابات النيابية السابقة، وستكون الهزيمة الشعبية لهذا الخط الانقلابي الذي لم يترك شيئاً إلا وقام به في تلك المرحلة، وسيقوم به في هذه المرحلة".
يقول حمادة: "إنهم حاولوا بعدة طرق التخلص من رفيق الحريري، بالمال وقانون الانتخاب وبالكيدية على فؤاد السنيورة وعبدالمنعم يوسف ومهيب عيتاني، وتصنيع فبركات وتركيب ملفات ظهر لاحقاً كذبها في القضاء، وتشكيلات في القضاء والأمن والإدارات، واليوم سيعيدون خطة جميل السيد نفسها للتخلص من "تيار الحريري"، فيما كان النظام السوري يومها هو الأم و"حزب الله" الملحق أو الجزء التابع له، والآن تغيرت الظروف بعد خروج الجيش السوري، وصار "حزب الله" هو الأم وهو صاحب القرار والآمر الناهي بالشراكة مع النظام السوري.
سياسة فرّق تسد
يلفت حمادة إلى أن الكيدية والمؤامرة في الوقت الحالي على تيار الرئيس سعد الحريري تشبه الكيدية نفسها التي تعرض لها والده. يومها استعملوا ملف زيت الزيتون في العام 2005، وفبركوا ملف هروب عبدالمنعم يوسف بعدما أخذته المخابرات إلى مركب بحري وصوّرته، ثم عاد وتمت تبرئته، وكذلك بالنسبة لمهيب عيتاني باتهامه بجنزير حديدي في المرفأ. تهم وفبركات ودسائس، لا يتصورها عقل. ويرى أن رديف "المواطن الصالح" أي المخبر يمكن ايجاده هذه الأيام عند رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ميشال عون، وإميل لحود وجميل السيد، لأنهم ينتمون لنفس المدرسة الفكرية.
في تلك المرحلة كان السوريون يلعبون لعبة مزدوجة، من جهة يحرّضون على رفيق الحريري ومن جهة أخرى يربّحونه الجميل بأنهم يحمون رموزه. هذه اللعبة كانت أساسية في سياسة فرّق تسد، كما كان العمل يومها من أجل تبديل صورة لبنان وتحويل مؤسساته الى مؤسسات شبيهة بسوريا حيث السيطرة لرجل الأمن على كل مفاصل الحياة، واليوم يقومون بمحاولة لتبديل صورة البلد وتحويله إلى ما يشبه النظام السوري بصيغته الحالية، لا يهمهم تحسين الوضع الاقتصادي ولا بناء المؤسسات والدولة ولا زيادة حجم النمو، المهم هو السيطرة السياسية الأمنية وتسيير البلد حسب رؤيتهم".
"بروفا"
ويلفت إلى أن كل إبداعات المخابرات التي نشهدها اليوم في سوريا مُورست سابقاً وتدربوا عليها وعملوا لها "بروفا" في لبنان ما بين 1998 2000 و7 آب 2001 وصولاً إلى العام 2005 حيث لم ينجحوا في التغيير بالقوة وضبط الأمور يومها فلجأوا الى الاغتيال السياسي.
في نهاية القرن الماضي لم يكن شبح الاغتيالات السياسية قد أطل على البلد، كان العمل يتم بالتهديد بالسجن والتشهير، هناك محطات شبيهة بالمحطة التي سبقت اغتياله، كقصة قانون الانتخاب، قصة القضاء على الحريري عندما لم يستطيعوا أن يقضوا عليه سياسياً وانتخابياً فقتلوه في الـ2005، في تلك الفترة (1998 2000) حاولوا تحييده وتعطيله سياسياً ليقضوا عليه انتخابياً، كان جزءاً من المجلس النيابي بيد سوريا والمعركة البارزة كانت بيروت. ويؤكد حمادة بأن" مشكلة المرحلة الراهنة تكمن في أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يقوم بتغطية الأمور، فإميل لحود غطى قصة المادة 53 التي اخترعها النائب السابق ايلي الفرزلي، وسليمان اجّل الاستشارات لمدة أسبوع، حتى نجح الانقلاب، يعني هناك محطات شبيهة في الانقلابات من تلك المرحلة ومن الوقت الحالي".
الفرزلي يحذّر..
ويتذكر حمادة قانون أصول المحاكمات: "كان قانوناً حضارياً يحدد أصول المحاكمات الجزائية في لبنان، ويحد من سلطة الشرطة والقضاء بإبقاء الناس موقوفين، ونجح بأغلبية ساحقة في المجلس النيابي، فاحتج مدعي عام التمييز عدنان عضوم لدى السوريين، وأتى ايلي الفرزلي إلى رئاسة المجلس وقال: يا نبيه بيطيروك من رئاسة المجلس إذا ما بتغيروا القانون"، وتم تبليغ الرسالة الى رفيق الحريري الذي اجتمع مع بري وقال له "لا تقع بالفخ ونعدل". الحريري وافق على التعديل ليحمي البرلمان وليتفادى أزمة ساخنة بالبلد لأنه كان هناك هجوم فظيع على بري والحريري وجنبلاط الذين كانوا اجتمعوا للتو في كليمنصو لينهوا مشكلة اتحاد كرة القدم، وتم حلها، اشتكى اميل لحود لسوريا يومها ومنعوا من أي اجتماع أو لقاء يجمع الثلاثي معاً. ويربط حمادة خوف لحود يومها بزيارة نبيه بري الى بكركي بعد نداء المطارنة وإعلانه موقفاً مؤيداً لبكركي، إضافة الى عدم ثقتهم بالرئيس رفيق الحريري، فيما كان جنبلاط حليفاً معهما إضافة إلى دوره في طرح تطبيق الطائف والانسحاب السوري من لبنان". يوضح: "حاول الحريري أن يقوم بحملة لمواجهة التنصت الذي كان يحصل على كل السياسيين في أمورهم العامة والخاصة، فما ينتج عن التنصت من تقارير كان يجب أن يأتي لرئيسي الجمهورية والوزراء ووزيري الدفاع والداخلية، أما ما كان يأتي لرفيق الحريري فهو الفتات أي قصص الوزير الفلاني أو النائب الفلاني الخاصة، مقابل ذهاب التنصت السياسي الى لحود الذي كان يقضي وقته على "البيسين" يتسلى بالسباحة وقراءة نصوص التنصت على الناس". ويضيف، رفيق الحريري كان في تلك المرحلة مرتاحاً لدور "قرنة شهوان" في الدفع بموضوع المطالبة بالانسحاب السوري من لبنان، وهو انتظر الفرصة السانحة في العام 2004 ليتحالف معها ومع "اللقاء الديموقراطي" والقوى الاستقلالية لتحقيق استقلال لبنان، هذا الدور الذي لعبته "القرنة" يومها تلعبه اليوم الأمانة العامة لقوى 14 آذار في دفع لبنان إلى التخلص من هيمنة "حزب الله" والنظام السوري مجدداً.
تفاهم نيسان:
من الحدود الى الداخل
في العام 1998 كانت الجلسات الصباحية بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري واميل لحود في الحمام العسكري، وهي تشبه الجلسات التي حصلت في تشرين الأول 2004 بعد التمديد لإميل لحود. كان المطلوب من الحريري ان يأتي مطواعاً ومستسلماً أو يرحل.
رفيق الحريري نجح في ملف الاقتصاد والإعمار ودفع لبنان إلى مكانة جيدة بين الدول نسبة للوضع الذي كان فيه، وهو أعطى تغطية دولية لحافظ الأسد وكذلك للمقاومة في لبنان وقد أبلى بلاء حسناً في ذلك، و"تفاهم نيسان" إحدى تلك المحطات التي أنقذت لبنان من الضربات الإسرائيلية مقابل تحرير أراضي الجنوب. ما حصل في تلك الفترة أنهم أرادوا سحب المهمة المكلف بها أي حماية لبنان، ثم قرروا انتزاع الملف الاقتصادي منه وليس فقط عدم الاقتراب من الملف السياسي.
في "تفاهم نيسان" أعطى الحريري حصانة ومناعة كاملة للأرض اللبنانية وللمواطنين اللبنانيين، فكانت هي المظلة التي استعملها "حزب الله" للانتقال من السلاح المقاوم الفعلي الذي كان قبل العام 2000 الى السلاح الذي أصبح سلاح الهيمنة على البلد بعد الـ2000. ففترة السنتين كانت الثغرة التي غيّرت دور السلاح، فتفاهم نيسان كانت الغاية منه استكمال التحرير وحماية المدنيين بأقل كلفة ممكنة للبنان. استكمل التحرير وبقيت غايات ما بعد التحرير وهي السيطرة على البلد.
جنبلاط للحريري:
النظام السوري لا يحبّك
ويضيف حمادة: اما نصيب النائب وليد جنبلاط فكان كبيراً من تلك الضغوط. كانت تتوالى على الحريري التهديدات بوسائل مختلفة، وكان وليد جنبلاط يردد له دائماً إن "النظام في دمشق لا يحبك" وكان يحذره منهم في كل اجتماع. كان جنبلاط محط حملات القمع في تلك الفترة، وذلك من خلال أمور رمزية، مثل إخراج تمثال والده الشهيد كمال جنبلاط من قصر بيت الدين، وإغلاق متحف كمال جنبلاط. وتغييبه كلياً عن الحكومة والإتيان بوزراء يعتبرون أخصامه آنذاك كعصام نعمان وأنور الخليل، وبدأوا يفتشون في ملف المهجرين وحاولوا سجن مقربين له.
فتحوا ملف المهجرين وبدأوا يبحثون عن قصص يستطيعون بها سجن المقربين من جنبلاط، لم يجدوا شيئاً يستطيعون منه التسلل إليه، لاحقاً تحولوا إلى الكلام عن الإخلاءات، وتبين بالإحصاءات اللاحقة أن "الحزب الحاكم" اليوم هو المستفيد الأول من كل الإخلاءات في وزارة المهجرين في كل مكان. كما أتوا بجورج قرم وزيراً للمال الذي حاول يومها المشاركة في حملة "الساحرات"، مثلما حاول عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب ابراهيم كنعان مع وزيرة المال ريا الحسن.
في العام 1996 أبعد مروان حمادة عن الحكومة إثر تقارير من "الأمن والأجهزة المشتركة" في بيروت وصلت إلى دمشق تنقل عنه قوله إنه "حان الوقت لكي تخف الهيمنة السورية عن لبنان"، وقتها بدأ الكثير من اللبنانيين التعبير عن رأيهم بضرورة انسحاب السوريين لكي يتم تطبيق الطائف، لأن وجودهم يمنع هذا الأمر. المطالبة بالانسحاب السوري تبلورت في العام 2000 مع بيان المطارنة الموارنة من بكركي وكلام النائب جنبلاط في المجلس النيابي الذي جرّ عليه غضب النظام الأمني المشترك لسنوات طويلة.
في تلك المرحلة حاول السوريون إبعاد حمادة عن لائحة جنبلاط في الشوف وفرض اسم درزي غيره، وكذلك حاولوا فرض اسم زاهر الخطيب ليكون مرشحاً على تلك اللائحة، كما بدأ التحضير لسليمان فرنجية ليتسلم وزارة الداخلية ومن بعدها محاولة ترشيحه إلى الرئاسة، إضافة إلى دخول البعض مجلس الوزراء بعد أن أنجبت بشرى الأسد طفلاً فأتى الدكتور كرم كرم وزيراً لمر.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها