الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

عندما صار الكتاب البرتقالي.. قشوراً-3

يقظان التقي

ذلك الكتاب البرتقالي..
أصلاً البرتقالي لا يُعتبر لوناً رئيساً بين الألوان الضوئية لأنه مزيج بين الأحمر والأصفر، وبلا جدوى. لونٌ محمول على مجهول لا يعرفه أحد ويأتي من مجهول الأشياء. لا يُنهي مسافة. اللون البرتقالي لا يقطع مسافة ولا يلغي مسافة.
كأنها مفاجآت الكتب التي تُسّمى بأسماء اصحابها. "الكتاب الأخضر" الذي عمّر طويلاً مع قذافي الدم، والأحمر التروتسكي والستاليني وملايين القتلى، والأصفر في لون الحرب الباردة بين الكوريتين والآسيويتين ومن ينساهما! إلى البرتقالي. كأنّ ظلاً يجاري لون الجنرال والكل يخرج علينا بنشيد وآخر.
كتاب الجنرال عشية الانتخابات، وإلى أقصى ما في قلب "التيار"، لم يعد له مكان، تهزهزه ورقاً أصفر ضمناً، من كثرة التقلبات والأخطاء والأهواء القاتلة والتزلف والحضيض السياسي ورعاية العنف والسلاح وطأطأة الرأس، وأدبيات يعرضها. لكن لم نعد نعرفها. كأنّ الجنرال عون كان وهماً، بلا قضية اصلاً وما زال، ومسار لظاهرة صوتية أكثر، تمددت إلى شريحة مبهمة، وفي متنها حجم كبير من فراغ وشعور بالخواء، بلا خجل ولا هوية ولا انتماء. كما لو ان الشجرة ترمي أوراقها في "خريف الكافرات".
وثيقة من مبادئ وتفاهمات بلا حواس وبأوجاع كثيرة في الرأس والوجه واليدين والمفاصل، أقرب إلى الحكم المبرم على تيار شبابي حيوي لم يكن طائفياً، واستعجل الجنرال عون إلى خنقه ودق رأسه بفوضوية صاعقة وبنشوة انتصار مبهمة امام حائط رئاسة تهدم كل ما حوله بإيقاع غير بنّاء.
طارت الرئاسة الأولى من الجنرال، من عينيه ويديه وطوله وجسده، ومن كل المسافات التي حققها بخطوات متعثرة ومفرقعة بين قصر المهاجرين في الشام وبين قصر مزعوم لدى "حزب الله" وقلب أمينه العام السيد حسن نصرالله، وضاع كتاب الجنرال عون بين "القصرين"، بين الحليفين. وطالت غضبة الجنرال سدى سياسياً زائفاً، سيقود بالنهاية إلى نفاد الأحوال.
الكتاب البرتقالي اليوم من دون أرض. نجح الجنرال في استنفاد الوقت، لم يهمل شيئاً قاده إلى العدم ما خلا وزارات بلا قسمة ولا خروج، وإلى أفول ولا شيء يذكر. كان جزءاً من الخارج من جيوبوليتيك الخارج دائماً وما يزال على حساب الداخل الوطني وعلى حساب الرفاق، يطوي أوراقه ويفتحها على مساحة من العبث والتناقض ونافذة على مكان لا يُقبل بالسياسة كفنّ إخراج ولن يعود منه.
هو اللون البرتقالي بلا لون إذن، من الوجه إلى الوجه. عينه على الكرسي وحده. ذاكرة مفتوحة على هواء خاسر برتقالي من دون تاريخ وفي زمن فارغ. مرة جديدة الجنرال يقوده كتابه إلى الحائط، إلى الجدار، إلى الفن السياسي الهابط، وإلى الأسف وإلى ما بعد الأسف إلى ثوب سياسي يسقط إلى نقطة السقوط. لا بل الأوراق البرتقالية لا تُقبل ولا تعود، لا تبقى ولا تسقط، لعلاقة مع المجتمع في فراغ سياسي وهزال ولجنرال مثل الباب المغلق ينسى كلامه والهواء.
حتى الكتاب البرتقالي لم يفتحه ولم يلمسه، ربما، ولم يرد على ما جاء فيه لصالح الوجه الجامد، والوجه المشدد بماكياج الرئاسة. الوجه سلّم لونه وعينه إلى الكرسي، مسرحة ديكور سياسي يمدّ صوته وشعره، صراخه إلى تلك الاشياء غير الآتية ويتكرر زمن الكرسي الفارغ والشاحب.
استبدل الجنرال البرتقالي المساحة الاستقلالية الوطنية اللبنانية والمسيحية بالمساحة الصفراء. كما استبدل النافذة المفتوحة الإسلامية المسيحية على أساس المناصفة بإعادة تأويل الطائف لصالح التحالف مع طرف ثالث يرفض الطائف بحجّة أن ما قبل الطائف هو غير ما بعد الطائف مع يقظة ولاية الفقيه الثيوقراطية. ثم ان المنطق المسيحي الذي يقول بدور المسيحيين التاريخي والنهضوي بوجه اضطهاد أي طائفة لطائفة أخرى أو لطوائف أخرى، وعلى أساس الحرية والديموقراطية ذهب مع الريح الايديولوجية لصالح شمولية مسلحة غير ديموقراطية وغير ليبرالية وطائفية.
ثم المنطق الذي يقول بمراجعة تاريخية لفكرة الحروب كنهاية لزمن العنف والميليشيات ولشيء من السلم الأهلي، تحوّل إلى منطق آخر، وشيء آخر تماماً بالدفاع عن "حزب السلاح"، الذي يستميت بالدفاع عنه، ومن موقع الحليف للدولة ضمن الدولة والتهاون مع منطق الاستقواء على الجيش والمؤسسات والنسيج الوطني وكل ما يصب في تحالف الأولويات.
"مرشد" الثورة البرتقالية هو مَن احرق كتبه بالخضوع التام لمنطق "الغيتو" والسكوت على الظلم والعنف والقمع والإرهاب وقضم الأراضي والملكيات وابتلاع حياة الناس وخرق وبعثرة الفسيفساء اللبنانية الإيجابية والجميلة كهوية ميثاقية وتحويلها إلى هوية ذمّية وفقاً لفلسفة التدمير والإلغاء وفلسفة فن "التفرقع السياسي" وبلا جدوى ولا مبالاة.
الغريب أن اللون البرتقالي هو لون الحب الأقصى، وهو لون زيّ الرهبان المعروف بالماندارين، حوّله الجنرال بعصبيّته إلى لون آخر، زهايمر عصبي لوني، مفتاح ذاكرة لمدى التزام "التيار الوطني الحر" بكتابه وبرنامجه، من مثل دعواته إلى حصر العلاقات الخارجية بالدولة اللبنانية ورفض منطق الأحلاف بين الأحزاب والطوائف والدول والإفساح أمام الجيل الطالع والمثقفين للانخراط في العمل السياسي ولا نرى إلا الصهر جبران باسيل يطلع من الكتاب في حكاية ألف ليلة وليلة والتيار: روميو وجولييت التيار الوطني الحر في آن ولا قصة حب أخرى. أما حكاية تطوير القضاء اللبناني وتفعيله ليصبح بمستوى التحدي والإصلاح والتغيير فتذهب إلى الأقصى بمحاولة إسقاط القضاء في دفاع التيار عن العميد العميل فايز كرم وعن أسماء أخرى لو كُشف عنها لانهارت مؤسسات كبرى في البلاد. أما تسهيل عودة المهجرين والمبعدين والمعتقلين والكشف عن مصير المخطوفين في السجون السورية عند "الأشقاء"، وتحديد الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا وإلغاء المجلس الأعلى اللبناني السوري والاتفاقيات المجحفة بين البلدين. كل ذلك أضاف إليه الجنرال تسهيلاً آخر لتهجير كل المسيحيين في لبنان والمنطقة بأهواء الجنرال المنحازة إلى نظام الطغاة الأقلّوي في المنطقة وبالتسرّب السياسي الكبير بإدارة السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم علي.
هذا هو اللون البرتقالي والكتاب البرتقالي الذي عرفناه. قد نظلمه. ولكن لا يعطينا ذلك الانطباع الشيء الذي فقدناه، والشباب العوني الذي قيّد إلى فراغ سياسي عابث وطائش وفشل سياسي فظيع بسبب السقوط في شرك الأخطاء وغياب الرؤية الاستراتيجية والظنون والتوهمات والربحية التكتيكية الزائلة. هكذا قرر الجنرال بعد عودته أن ينتقم منّا ومن رفاقه في فضاء عدواني مغلق. فكّر كثيراً في خطة الانتقام والثأر والتملص من 14 آذار، ومن كتاب رفاق الأمس. فخدع الجميع والشعب العظيم ومكث في منفاه كل السنوات التي قضاها إلى الآن بعد عودته من منفاه.
هي حكاية الجذب الصوفي إلى ولاية الفقيه إلى القائد والعسكري والمرشد وبطل الحروب العابثة والنهاية إلى رجل اللاشيء، لدرجة لم يعد يعرف الرفاق أي لون برتقالي هو هذا الذي يلبسه الجنرال؟ ينهار اللون البرتقالي بلا مبالاة.. بلا مبالاة وحيث لا تُربح المعارك بالصراخ الدونكيشوتي الذي ينطلق مع كل هواء واجتماع لتكتل "الإصلاح والتغيير".
يوم الاثنين أصبح يوماً مرعباً!
جيد الالتفات إلى الكتاب البرتقالي للتأكيد على أي عتبة يقف الجنرال، وحيث لا جدواها والانجازات غير المكتملة، إلا إذا كانت محاربة الفساد بجبران باسيل، الصهر "المتبرجز الصغير" الذي يشتري البيوت والعقارات بأموال "الابداعية السياسية" ومن أين له تلك الثروات البرتقالية؟
هذا خير دليل على تناقضات الكتاب العوني بين القول والفعل إلا إذا البعض قد أصيب بالزهايمر الأخاذ.. أهو المنفى الباريسي وقد استنزف كل نكساته وهزائمه وخزائن الدولة، أم هي هزيمته مرة جديدة وهو يحاول تغيير الواقع والعالم فيسقط بالضربة القاضية مع أسياده الطغاة والشموليين والايديولوجيين الراحلين مطلقاً؟
هكذا تنتهي حكاية وثيقة التفاهم إلى نوع من العبث الذي كان، والاستهتار بدماء الناس واللامبالاة والاستسلام للأقوياء بإرادة واعية. ولا تعود القراءة مهمّة داخل الأوراق وخارج الأوراق. وهي رواية اللون البرتقالي وحكاية الجنرال الذي لم يعرف لنفسه لوناً ولا وصفاً ولا غاية. وحاول بقسوة السيطرة على كل شيء لأجل كرسي مستعصٍ، ولم يجد إليه طريقاً فسقط من علو الرابية شخصية متأزمة، سيزيقية، من دون كينونة حقيقية ولا أمل للهروب من الظلام بالجري في الظلام.

ميشال عون من الأسد الأب الى الأسد الابن-3
أول لقاء بينهما كان في تونس في منزل السفير اللبناني.. لكن من دون علمه
جنرال "التحرير" لجأ إلى أبو عمّار فطلب منه وقف "حرب الإلغاء"

20111020

ما إن أصبح العماد عون رئيساً للحكومة الانتقالية حتى صار همّه الوحيد الحفاظ على هذه "الغنيمة" كجسر عبور إلى رئاسة الجمهورية. قَطَع علاقته بالنظام السوري آنذاك، فبات وحيداً يحتاج إلى علاقة أخرى تحميه. فلم يجد سوى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ليكون بوابته إلى العالم العربي.
سانده "الختيار" بلا حدود. أبلغه في لقائهما الأول في تونس ما حرفيتّه: "سنسلّمك البندقية الفلسطينية في لبنان، وسنتولّى دعمك والدفاع عنك في المحافل العربية"، قبل أن يصبح أبو عمار "عرّاب" علاقة عون بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حيث دخل الجنرال في لعبة الصراع الفلسطيني السوري ومن ثم الصراع العراقي - السوري، وعينه على أن يُطيح أبو عمار وصدام بحافظ الأسد ليصبح رئيساً للجمهورية. لكن رهانه خاب كالعادة كان الناشط السياسي فايز قزي عراّب علاقة عون بـ"أبو عمّار"، إذ رأى فور انقطاع علاقة الجنرال بالنظام السوري أن عون صار في حاجة إلى مظلة عربية أخرى، تعوّض حال القطيعة مع سوريا. نظّر لهذه الفكرة وأقنع عون بها، ثم ترجمها على أرض الواقع.
كانت البداية في تونس، حيث كانت "اللجنة السداسية العربية" تسعى إلى "صيغة حل" بين حكومة ميشال عون وحكومة سليم الحص، لكن السوريين لم يتعاونوا معها. يقول قزي "ذهبت مع الجنرال إلى هناك، وكنت قد رتّبت له موعداً مسبقاً مع أبو عمّار، بعد أن أقنعته بأنه يفتقد إلى بوابة عربية، ولا يجوز أن يكون رئيساً للحكومة وليس لديه علاقات عربية، وأن المفتاح الأساسي لهذه العلاقات هو الفلسطيني، وأبو عمّار بالذات".
التقى قزي موفداً من جانب أبو عمّار، وتم الاتفاق على ترتيب اللقاء في تونس، حيث كان "الختيار" حريصاً على دعم عون أمام "اللجنة السداسية" التي كان يرأسها وزير خارجية الكويت آنذاك الشيخ صباح الأحمد الصباح. حاولت اللجنة، أن تنظّم لقاءً بين الحكومتين. وافق الجنرال. لكن الرئيسين حسين الحسيني وسليم الحص لم يحضرا، ما عَكَس ممانعة سورية لهذا اللقاء، فسجّل عون أمام "اللجنة السداسية" أن حكومة الحص لم تكن تستطيع التصرّف بحرية، بل كانت "رهينة" القرار السوري.
إعداد: جورج بكاسيني وعبد السلام موسى
الحكومة الانتقالية فتحت شهيّته على إقامة
"مصرف مركزي" في "الشرقية"
إده: أراد إقامة دولة يكون رئيساً عليها
طالما لا يستطيع أن يكون رئيساً لكل لبنان
"أبو أيمن" كان همزة الوصل بين الجنرال
وأبو عمّار فأقام في فندق "البستان"

ما حصل في تونس كان "انتصاراً معنوياً" للجنرال. نجح في خطب ودّ العرب الذين كانوا لا يرتاحون للأداء السوري في تلك المرحلة، خصوصاً في لبنان. عاد إلى بيروت منتشياً، بعد أن عزّز أسهمه مع الجانب الفلسطيني، عندما سلّمه أبو عمّار البندقية الفلسطينية في لبنان.
كيف حصل اللقاء الأول بين الرجلين؟
قبل أن يخوض قزي في تفاصيله، يشدد "حرصاً على التاريخ الذي زوّره بعض العونيين، على أنه هو من رتّب اللقاء بين عون وأبو عمّار من ألفه إلى يائه، من دون علم أي شخص من فريق عون، بمن فيهم المسؤول العسكري العقيد فؤاد الأشقر، وعلى وجه الخصوص يوسف الأندري الذي كان مسؤولاً إعلامياً، والذي يذكر الأرشيف الرسمي العوني أنه رتّب اللقاء مع أبو عمّار "وهذا كذب وتزوير للتاريخ" يقول قزي، ليسرد كيف تم اللقاء في تونس: "بعد نزول الوفد اللبناني برئاسة عون في فندق "هيلتون" ذهبت إلى مكتب أبو عمّار الذي استقبلني بالقول: "حدد الموعد الذي يريده الجنرال وأنا استقبله في مكتبي"، فرفضت ذلك، وقلت لأبو عمّار: "لا، لن يأتي عون الى المكتب، أريدك أن تذهب أنت اليه في الفندق، فهو جاء من لبنان، ويحتاج الى دعم، وحتى تستطيع أن تعزّز قوّته على خصومه، لا يجوز أن تستقبله في مكتبك".
اقتنع أبو عمّار بوجهة نظر قزي، وسأله: "هل تريد أن يتم اللقاء في السفارة الفلسطينية؟" فأجاب الأخير بالرفض أيضاً، فقال أبو عمّار: "أين تريده إذن؟" اقترح قزي أن يكون في فندق "هيلتون". لكن عرفات لم يوافق لكونه رئيس دولة، والبروتوكول لا يسمح له بالذهاب إلى فندق للقاء رئيس حكومة.
في نهاية المطاف، اتفق قزي مع أبو عمّار على أن يتم اللقاء في بيت السفير اللبناني لدى الجامعة العربية سليمان فرح، عند التاسعة والنصف صباحاً: "لم أبلغ فرح بموعد اللقاء، لاعتبارات أمنية تتعلق بعون وأبو عمّار، واعتبرت أن الأخير كفيل بإبلاغه بذلك إذا أراد. سَبَقنا أبو عمّار إلى بيت السفير بنحو خمس دقائق، فوجد المدخل مغلقاً. نادى حارس المنزل كي يفتح له، ثم دخل وجلس ينتظرنا، إلى أن وصل فرح بعد أن أبلغه الحارس أن أبو عمّار في المنزل، فجنّ جنونه، لأنني رتبت اللقاء من دون علمه".
أبلغ أبو عمّار عون في لقائهما الأول ما حرفيتّه: "سنسلّمك البندقية الفلسطينية في لبنان، وسنتولّى دعمك والدفاع عنك في المحافل العربية، وبخاصة مع اللجنة السداسية". أكثر من ذلك، عرض أبو عمّار على عون مساعدات عسكرية سخّية لم يُكشف النقاب عنها، كما لم يتجّرأ الجنرال على قبولها. حتى أن الرئيس الفلسطيني عرض على الجنرال قوة عسكرية لاحتلال المصرف المركزي في بيروت "الغربية"، لكن الجنرال تردّد خوفاً من ردود الفعل المسيحية واللبنانية وحتى ردود الفعل العربية الأخرى.
جاء عرض عرفات رداً على فكرة كانت تراود عون في ذلك الحين بإقامة مصرف مركزي في المنطقة "الشرقية"، لأنه كما يقول روجيه إده كان "يريد أن يقيم دولة في منطقته، هو رئيس عليها، طالما أنه لا يستطيع أن يكون رئيساً على كل لبنان. لم يكن همّه وحدة لبنان بقدر ما كان همّه أن يصبح رئيساً".
إذاً، نال عون ما يريده من أبو عمّار، "فقد كان يهمّنا أن يفتح أمامنا بوابة الخليج والعراق على الأقل"، وهذا ما حصل كما يضيف قزي، إذ عدنا الى بيروت، واستمرت العلاقة بين الجانبين بواسطة همزة وصل بينهما يدعى "أبو أيمن" كان يقيم في فندق "البستان" في برمانا.
[ عرفات عرض عليه
مساعدات عسكرية سخية
أما بوابة العراق فكانت مفتوحة أمام عون قبل علاقته بأبو عمّار الذي لعب دوراً كبيراً في تطوير هذه العلاقة التي تعززت أكثر وأكثر مع بداية "حرب التحرير"، وهذا ما يؤكده قزي وبعض المطلعين على هذا الملف: "حين بدأ الصراع بين "القوات" وعون في حرب "الإلغاء" طلب مني أبو عمّار في تونس العمل على وقف هذه الحرب، واقترح تأليف لجنة مشتركة للتفاوض، وهذا ما حصل فيما الحرب كانت لا تزال دائرة. حينها، أطلعت الجنرال على محضر اللقاء مع أبو عمّار، وأبلغته أنه يريد أن ترسل ممثلاً عنك إلى تونس، فقال: "ليس لدي من أرسله، وإذا أردت إذهب أنت"، فقلت له: "أنا لا أمثّلك، أنا صديقك، وهم يريدون شخصاً من فريقك". فرّد: "إذا لم تذهب أنت فلن أرسل أحداً".
رضخ قزي لإرادة عون انطلاقاً من حرصه على تحصين العلاقة التي بدأها مع أبو عمّار والعراق. ذهب إلى قبرص، ومنها استقّل الطائرة إلى تونس، حيث وجد إلى جانبه توفيق الهندي الذي كان مستشاراً لقائد "القوات اللبنانية"، ليتبين لاحقاً أنهما ذاهبان إلى الشخص نفسه، أي أبو عمّار الذي كان موكبه ينتظرهما في المطار.
عندما وصلا الى مكتب أبو عمّار، قال الأخير للهندي: "لماذا فعلتم ببعضكم هكذا يا توفيق". فرد "نحن لم نفعل شيئاً، نفّذنا خطة دفاع ويجب أن تسأل فايز". قال قزي: "مهلاً توفيق، ومن أوّل الطريق يجب أن يتم توضيح هذه المسائل. فكلمة أننا نفّذنا خطة دفاع، ممكن أن ترددها امام كل الناس وفي كل المحافل، إلا أمام أبو عمّار وفي حضوري أنا. الجيش الإسرائيلي سيحتلّ الوطن العربي كله، ولا يزال يسمّي نفسه جيش الدفاع الإسرائيلي. أنا أتيت لأقول لك إن لا مانع لدى الجنرال من الوصول إلى حل، ومن ثم يمكن معالجة بعض المسائل التفصيلية في موعد آخر. وبالفعل جرى تحديد موعد جديد في بغداد. أرسل عون الى هذا اللقاء العميد فؤاد عون، ومنذ ذلك الوقت أصبح قزي خارج دائرة هذا الملف الذي صار تحت إشراف المخابرات العراقية.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها