الكلدان الآشوريون السريان شعب واحد  يسمى بالشعب الآرامي

 

اقرأ المزيد...

"تاجر بالعروبة والقضية الفلسطينية واغتال خصومه"

"عكاظ" السعودية: النظام السوري أدار التناقضات اللبنانية وفجّرها خدمة لمخطط السيطرة

 الخميس 23 آب 2007

 

نشرت صحيفة "عكاظ" السعودية في عددها الصادر أمس، تقريرا خاصا من بيروت تحدث عن دور النظام السوري في لبنان منذ العام 1975 وملاحقات ما سمته "فرق الموت" التابعة لما وصفته بـ"نظام التصفيات والمذابح" بهدف استعادة سيطرته على لبنان بعدما أُجبر على سحب جيشه من لبنان في أواخر ابريل. وفي ما يلي نص التقرير:
هل سوريا هي العقدة والحل معاً؟ ما هو الوضع الأفضل للبنان أن يكون مستقلاً عن سوريا ومهدداً في امنه ومعاشه ام يكون تابعاً لها فيحظى بالهدوء، ولو كان خادعاً؟
ليس هذا هو سؤال التاريخ بل هو رهان الحاضر بل الخيار الذي فرضه النظام البعثي على كل اللبنانيين موالاة ومعارضة، منذ أن صدر القرار 1559 في عام 2004 والذي طالب الجيش السوري بالانسحاب الفوري من لبنان، فكانت الرسالة الاولى تمديد ولاية الرئيس إميل لحود ثم محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة لابعاد رفيق الحريري عن رئاسة الحكومة الجديدة، ثم كان اغتيال الحريري نفسه في 14 فبراير 2005، عندما تأكد لدمشق ان الرجل ليس بوارد تكرار تجربة انتخابات 2000.
ملاحقات فرق الموت
ومنذ ذلك الوقت، وفرق الموت تلاحق خصوم النظام السوري في لبنان، فتقتلهم واحداً تلو الآخر، في تواقيت حاسمة ولأهداف واضحة، لكن القاسم المشترك بينها هو المنافع التكتيكية الصغيرة مثل اسكات قلم الصحافي الجريء سمير قصير أو إزاحة اليساري القديم جورج حاوي او محاولة إلغاء الوزير الياس المر من المعادلة او محاولة ترهيب (أل. بي. سي) وهي مؤسسة تلفزيونية رائدة باستهداف وجه إعلامي فيها مي شدياق، ثم قتل النائب جبران تويني مدير عام "النهار" الجريدة الأولى في لبنان، ثم اغتيال الوزير بيار الجميل بعملية خاصة لاسقاط الحكومة التي يرأسها فؤاد السنيورة وأخيراً قتل النائب وليد عيدو لاثبات أن المحكمة الدولية لا تحمي لبنان.
أُجبرت سوريا على سحب جيشها من لبنان في أواخر ابريل 2005 بعد التظاهرة التي لم يشهد لبنان لها مثيلاً في 14 مارس من العام نفسه، ولكن ديدنها منذ ذلك الوقت كان اثبات نفوذها القوي في هذا البلد، للبنانيين كما لسواهم، بمعنى ان لا خلاص من سوريا إلا بها وعبرها وليس بعيداً عنها او دونها. ان الصدمة الهائلة من جراء اغتيال الحريري لم يستوعبها النظام السورى الذي اعتاد قتل زعماء لبنان بشكل منهجي منذ ثلاثين عاماً بدءاً بالزعيم الدرزي كمال جنبلاط، من دون أن يكون للفعل نفسه أي ارتدادات على دمشق، بل هزات داخلية بين الطوائف، تصب بمجملها في تعزيز الدور السوري، الخصم والحَكَم في آن.
ولأن الهدف هو السيطرة على لبنان فلم يكن للهوية الطائفية دور أساسي في الاغتيال، فتناوب الموت على زعماء من كل الطوائف، فبعد جنبلاط، قتل بشير الجميل العام 1982 بعد انتخابه رئيساً، وسقط مفتي الجمهورية حسن خالد العام 1989، وقبله كان دور العلامة الشيخ صبحي الصالح، ثم اغتيل الرئيس رينيه معوض بعيد إنجاز الطائف. وبعد انقطاع طويل، بسبب احكام السيطرة على الحكم اللبناني منذ العام 1990، اغتيل الوزير السابق ايلي حبيقة العام 2002 عندما هدد بكشف أوراق مذبحة صبرا وشاتيلا للعام 1982، حتى احداث الحرب الأهلية، ومقدماتها وممهداتها والفاعلين الأساسيين فيها والمسؤولين عن المجازر فيها، باتت وضع مساءلة من النقطة صفر، ومع كل يوم يتضح لأعداء الأمس حلفاء اليوم، والذين يجمعهم الآن اسم 14 آذار، ان عملاء النظام السوري كانوا يتوزعون في كل المعسكرات المتقابلة، وأن هؤلاء كانوا مسؤولين عن كل تجاوز او انتهاك أو خرق لوقف النار بهدف ابقاء النار متقدة، إلى حين ينضج لبنان فيسقط في يد دمشق، أو يعود الفرع إلى الأصل.
شرارة الحرب الاهلية
يروي سياسيون مخضرمون عايشوا تلك المرحلة أن ما فجّر الحرب الأهلية العام 1975 حين أطلقت النار على مركز لـ"حزب الكتائب" في عين الرمانة، هو تجاوزات فصائل فلسطينية موالية لسوريا، فهي التي كانت تنصب الحواجز والسيطرات خارج حدود المخيمات الفلسطينية القائمة شرق بيروت وهي التي تعتدي على المواطنين اللبنانيين ما دفع المسيحيين خاصة، إلى حمل السلاح وانشاء الميليشيات. وبسبب الانقسام الطائفي بين المسلمين و المسيحيين على صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنية، انحاز المسلمون إلى منظمة التحرير الفلسطينية واعتبروا الفلسطينيين جيش المسلمين، وفي خضم ما سمّي بحرب السنتين بين العامين 1975 و1976 وقعت مذابح في المخيمات الفلسطينية في المناطق المسيحية، قامت الفصائل الموالية لدمشق بمذابح مضادة في مناطق مسيحية معزولة. ولما اشتد الخطر أرسلت سوريا وحدات جيش التحرير الفلسطيني إلى لبنان تحت لافتة حماية الثورة الفلسطينية، ولما مالت الكفة إلى المعسكر اليساري تدخلت سوريا لمصلحة المسيحيين تحت عنوان حمايتهم من المذبحة.
والمفارقة أن بعض أعتى المتورطين المسيحيين في مذابح المسلمين باتوا اليوم من أشد حلفاء دمشق وضد القوى المسيحية السياسية التي خاضت الحرب ضد المسلمين، وبعض هؤلاء معروف بعمالته السابقة لإسرائيل، بل إن العماد ميشال عون الذي خاض "حرب التحرير" العام 1988 ضد سوريا وكان رئيس الحكومة الانتقالية، بات اليوم يدافع عن دمشق ويبرّئها من الجرائم السياسية، والحالة نفسها تنسحب على إسلاميين خطفوا وسجنوا في أقبية الاستخبارات السورية قبل عقود وعادوا اليوم ليكونوا أبواقاً لمصالحها، مثل فتحي يكن الأمين العام السابق لـ"الجماعة الإسلامية"، وهاشم منقارة قائد جناح في "حركة التوحيد الإسلامي" التي قاتلت الجيش السوري والاحزاب الموالية لدمشق في طرابلس مطلع الثمانينات من القرن الفائت.
نظام التصفيات والمذابح
لقد برع الرئيس حافظ الأسد في قتال خصومه وفي استيعابهم في آن، وتجنيدهم في مرحلة لاحقة، فجيشه قاتل أنصار "حركة التوحيد" في طرابلس موقعاً بهم مذبحة كبرى، فعاد بعض السجناء السابقين إلى العمل السياسي، موالين لسوريا. وهو الذي أوعز لحركة "أمل" الشيعية بتصفية حركة "المرابطون" السنية في بيروت بحجة تحالفها مع ياسر عرفات، وعادت الاجهزة السورية اخيراً ترعى قيام بقايا "المرابطون" بوجه النائب سعد الحريري. حتى "حزب الله" الحليف الأوثق والأقوى كان في الثمانينات عدواً لدوداً لدمشق، وقد حثت حليفها نبيه بري آنذاك على تصفية هذا الحزب وكان ما يزال طري العود حتى لا تنافسه إيران على الإمساك بالورقة اللبنانية رغم التحالف بينهما، وسقط المئات من أبناء الطائفة الشيعية في حرب مميتة استمرت لسنوات قبل أن تنتهي ليصبح "حزب الله" في موقع ما كان بريئاً قبل ذلك.
والتناقض بين الخطاب والممارسة لدى النظام البعثي في سوريا، وصل إلى الذروة منتصف الثمانينات، فهذا النظام الذي يتاجر بالعروبة وقضية فلسطين رعى مذبحة الفلسطينيين في مخيمات لبنان من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تارة تحت ستار "فتح الانتفاضة" حتى يقتل الفتحاويون الفتحاويين كرمى لعين حكام دمشق، وتارة بحجة "مكافحة العرفاتية" التي تولتها حركة "أمل" في أماكن نفوذها، في بيروت والجنوب، فكانت الحصيلة أضعاف ما فعلته إسرائيل في اجتياح بيروت عام 1982، ثم كانت حرب الحلفاء في بيروت العام 1987 ذريعة لعودة الوحدات العسكرية السورية إلى العاصمة بدعوة من القوى البيروتية لتخليص المدينة من الدمار الذي أحدثه الحلفاء آنذاك.
وحين بدأت اجتماعات الطائف للخروج من الحرب المدمرة، قبلت سوريا على مضض ببند الانسحاب إلى البقاع خلال سنتين لكنها عقدت العزم على نقضه في أول مناسبة. وكان اجتياح العراق للكويت فقرّر الأسد الأب المشاركة الرمزية في الحرب مقابل إطلاق يده في لبنان وكان له ما أراد، فاجتاح الجيش السوري قصر بعبدا، مخرجاً منه ميشال عون ثم وضعت دمشق يدها على كل مقدرات لبنان لتعيد بناء مؤسساته كما تشتهي، ولتطبق اتفاق الطائف حسب قراءتها الخاصة.

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها