الإبراهيمي على خطى كوفي أنان.
في ۳٠ أيلول ٢٠١۲.
منذ تعيينه موفداً أممياً إلى سوريا والإبراهيمي يردّد ان مهمته
شبه مستحيلة والوضع في غاية السوء والأزمة تتفاقم والخطر يهدّد
الشعب السوري وشعوب المنطقة والعالم.
لم يأتِ الإبراهيمي بشيء جديد لا يعرفه الناس، فالكل يدرك خطورة
هذه الأزمة وتداعياتها الإقليمية والدولية المحتملة نظراً لموقع
سوريا الستراتيجي على الخارطة الجيوـ سياسية في هذه المنطقة من
العالم. إنما ترداد هذا الكلام في كل مناسبة يجعلنا نعتقد ان هذا
الرجُل يحاول استباق الأمور والتملّص سلفاً من مسؤولية فشل مهمته
على طريقة: اللهم إشهد اني بلّغت.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا لماذا فشلت المبادرة العربية وتلتها
المبادرة الأممية الأولى وقد تليها الثانية؟ والجواب بنظرنا، بصرف
النظر عن الإنقسام العامودي الحاصل في مجلس الأمن وميوعة الموقف
الغربي، هو التشخيص الخاطىء لطبيعة الأزمة السورية وتوصيفها على
انها نزاع على السُلطة بين النظام والمعارضة، وان الحل يكمن في
الحوار بينهما توصلاً إلى صيغةٍ معينة يقبل بها الطرفان.
ان
هذا التشخيص الخاطىء قاد إلى العلاج الخاطىء وبالتالي إلى الفشل
المحتوم لتلك المبادرات.
لقد أحجم الموفدون العرب والدوليون عن توصيف الأزمة السورية
توصيفاً واقعياً وصحيحاً إما عن قصد إرضاءً لروسيا والصين، وإما عن
جهل، ورفضوا الإقرار بأنها ثورة شعب ضُدّ نظامه بكل ما تعنيه كلمة
ثورة من معنى، أي انها ليست حركة تمرّد من قِبَل فئة أو مجموعات
إرهابية كما يصفها النظام، وليست حرباً أهلية كما يصفها البعض
الآخر.
والثورة بمفهومها العِلمي هي حركة شعبية عارمة هدفها الأول الإطاحة
بالنظام القائم، والثاني استبداله بنظام آخر يتفق عليه الشعب في
مرحلة ما بعد الإطاحة.
اما الأخطاء التي ارتكبها الموفدون نتيجة تشخيصهم المغلوط للأزمة
السورية فهي عديدة أهمّها: الأول، انهم وضعوا خطة من ست نقاط بدلاً
من نقطةٍ واحدة عنوانها تنحّي نظام الأسد عن السُلطة كما حصل مع
الثورتين الليبية والمصرية. والثاني، انهم اعتبروا الأسد جزءاً من
الحل فيما هو لُبّ المشكلة فوضعوا المراقبين العرب والدوليين تحت
تصرّفه وراحوا يتملقونه للقبول بوقف إطلاق النار والعدول عن خياره
العسكري فخذلهم وبَدوْا كمن يتملق الذئب لثنيه عن افتراس القطيع.
والثالث، انهم بدأوا البحث في مرحلة ما بعد سقوط الأسد قبل سقوطه
مما جعل هذا الأخير يستشرس في قمع المدن والقرى الثائرة ويتفنن في
تدميرها على رؤوس أصحابها بوحشية غير مسبوقة. والرابع، انهم طلبوا
من المعارضة محاورة النظام خلافاً لمبدأ الثورة القائم على إسقاط
الأنظمة وليس التفاوض معها. والخامس، انهم ما زالوا حتى الساعة
يبحثون عن حلٍ سياسي مع طاغية لا يفهم إلا لغة القوّة، ويهزأ بكل
الحلول السياسية طالما خياره العسكري ما زال ممكناً، والأمثال في
تارخ الطغاة كثيرة آخرها معمّر القذافي.
من كل ما تقدّم نستنتج ان مهمة الإبراهيمي آيلة إلى الفشل إذا ما
سارت على خطى كوفي أنان، وان الكلمة الفصل هي للثوّار الموجودين
على أرض المعركة، وعلى سواعدهم يتوقف مستقبل سوريا ومستقبل لبنان
أيضاً بعدما يتحرّر بدوره من قبضة هذا الطاغية الذي تحكّم بمصيره
أكثر من أربعة عقود متواصلة.
لبَّـيك لبـنان
اتيان صقر ـ أبو أرز
|