صدر عن حزب حراس الأرز- حركة القومية
اللبنانية، البيان التالي:
من قتل وسام الحسن
في ٢٢ تشرين الأول
٢٠١۲.
لا
نضيف على الواقع شيئاً جديداً إذا اكتفينا بالقول بأن جريمة اغتيال
وسام الحسن تحمل بصمات النظام السوري وأتباعه البلديين، فهذه حقيقة
دامغة طالما جاهرنا بها منذ اغتيال كمال جنبلاط العام ١٩٧٦ ودفعنا
ثمنها غالياً وما زلنا حتى الساعة يوم كان الكل غافلاً أو ساكتاً
أو خائفاً أو متواطئاً. كما وان هذه البصمات تنسحب على كل الجرائم
التي طالت شهداء لبنان منذ ذلك التاريخ إلى اليوم وليس فقط منذ
العام ٢٠٠٥ كما يعتقد الكثيرون.
هذا الكلام يمثل نصف الحقيقة أو بالأحرى الجزء الظاهر منها، بينما
الحقيقة الكاملة تشير إلى ان هناك مجرمين آخرين اشتركوا في اغتيال
شهدائنا، ولو بطريقة غير مباشرة، من خلال اغتيال لبنان وتحويله إلى
مشاع يسرح ويمرح فيه القتلة والسفاحون من كل حدبٍ وصوب، وإلى مكبٍّ
للنفايات البشرية تعجّ فيه العصابات المسلحة والمنظمات الإرهابية
على أنواعها.
لقد بدأوا باغتيال لبنان عندما عمدوا إلى تزوير هويته القوميّة
وزجّه في أتون العروبة الحارق، وإقحامه في معمعة الصراعات العربية
ـ العربية، والعربية ـ الإسرائيلية، والعربية ـ الفارسية ، وهي
صراعات لا دخل لنا فيها ولا شأن ولم نحصد منها سوى المآسي والخراب.
واغتالوا لبنان عندما فتحوا حدوده أمام جحافل الفلسطينيين عام ١٩٤٨
وسمحوا لها بالإقامة في ربوعه بأعدادٍ هائلة لا طاقة له على
احتمالها، ما أدّى إلى أوخم العواقب والمصائب.
واغتالوه عندما سمحوا للمنظمات الفلسطينية باستعمال أرضه لمقاتلة
إسرائيل بينما كان هدفها الحقيقي إقامة وطنٍ بديل تحت شعار: طريق
فلسطين تمُرّ في جونيه.
واغتالوه عندما وافقوا على دخول الجيش السوري إلى البلاد متستراً
بشعارٍ خادع إسمه "قوّات الردع العربية"، فأوقعوا لبنان تحت نير
احتلال مجرم هو الأخطر في تاريخه، عِلماً ان جميع سياسيي لبنان ـ
ما عدا نحن ـ تسابقوا على الترحيب به وتغطية إحتلاله عِبرَ مقولةٍ
عاهرة: الوجود السوري، لاحظ وجود، شرعي وضروري ومؤقت، فراحت دمشق
تعيّن رؤساء الجمهورية وتمدّد لهم وتشكّل الحكومات والمجالس
النيابية المتعاقبة وتدير سياسة الدولة الداخلية والخارجية على
هواها.
واغتالوه عندما أسقطوا المناطق الشرقية الحُرّة التي كانت عاصية
على الإحتلال السوري، وسلّموها إليه على طبق من ذهب، ثمّ باعوا
سلاح المقاومة اللبنانية وقبِلوا باتفاق الطائف المشؤوم الذي ضرب
رأس الدولة وحوّلها إلى دويلاتٍ طائفية ومذهبية متناحرة، ومربّعاتٍ
أمنية يديرها التحالف السوري ـ الإيراني.
واغتالوه عندما تسابقوا على دعم منظمة ما يسمّى "بحزب الله"
واحتضانها وإضفاء الشرعية على سلاحها من خلال بدعةٍ إعتمدوها في
بياناتهم الوزارية عنوانها: الشعب والجيش والمقاومة، وهكذا
استبدلوا الإحتلال السوري بالإحتلال الإيراني.
إن هذه الجرائم السياسية مجتمعةً هي التي قتلت لبنان وأدّت إلى
اغتيال شعبه ورموزه، وعملية إغتيال وسام الحسن ما هي إلا نتيجة
حتميّة لهذا المسار السياسي القاتل، ومسلسل الإغتيالات لن يتوقف
طالما بقيت هذه الدولة الكسيحة على حالها، يقودها هذا الصنف العاطل
من السياسيين التافهين.
نداؤنا إلى الشباب اللبناني التائق إلى التغيير أن يعي هذه الحقائق
ويتدارك هذه الأخطاء الموروثة والمتراكمة منذ عقود، وأن يعمل على
تصحيحها إذا ما أراد بناء مجتمع سليم ودولة سالمة تلبّي أحلامهم
وطموحاتهم... اما الإكتفاء بالمطالبة بتغيير حكومةٍ واستبدالها
بأخرى فهو أمر لا يقدّم ولا يؤخّر في مجريات الأحداث الراهنة،
باعتبار ان التغيير أما أن يكون شاملاً وجذرياً أو لا يكون.
لبَّـيك لبـنان
اتيان صقر ـ أبو أرز
|