في ١٣
حزيران ۲۰۰٨
كل
الدلائل تشير إلى ان جرعة المسكنات التي أعطيت للبنان في مؤتمر
الدوحة قد شارف مفعولها على الإنتهاء، وان الأجواء السياسية والأمنية
سائرة نحو التصعيد، ما ينذر بعودتها إلى ما كانت عليه قبل إنعقاد
المؤتمر المذكور، كما وان إنهيار الهدنة الإعلامية وتعثر ولادة
الحكومة الجديدة وإنحسار موجة التفاؤل عند الناس، كل ذلك يؤكد على ان
إتفاق الدوحة كان مجرّد هدنة، وانه إكتفى بمعالجة قشور الأزمة دون
الجذور.
نحن
من القائلين ان أزمة لبنان، أو بالأحرى أزماته، هي داخلية بإمتياز،
إذ ان القوى الخارجية ما كانت لتستطيع التدخل في شؤون هذا البلد
والتحكّم بمصيره لو كان الداخل اللبناني محصّناً ومتماسكاً، والوسط
السياسي غير قابل للإختراق. لذلك نحن نتهم الطبقة السياسية بالتواطؤ
مع الخارج ضدّ مصلحة لبنان العليا، ونحمّلها كامل المسؤولية عمّا آلت
إليه البلاد من خراب سياسي ومادي وأخلاقي.
كما
ونعتبر ان الخطأ الكبير الذي وقعت فيه المبادرات الدولية والعربية
حيال الأزمة اللبنانية هو انها راحت تبحث عن الحل عند الذين إفتعلوا
الأزمة، وحاولت إنقاذ لبنان على أيدي الذين باعوه بثلاثين من فضة
وصلبوه وإقترعوا على ثيابه.
ونحن
من القائلين أيضاً ان العمل على تشكيل حكومة "وحدة وطنية" هو حقّ
يراد به باطل، إضافة إلى انه هدرٌ للوقت وهرطقة سياسية وإستنزاف
مبكّر للعهد، إذ ان الجمع بين الموالاة والمعارضة في حكومة واحدة
يشبه الجمع بين الماء والنار، وان تقاسم المغانم الوزارية بينهما
سيكون حتماً على حساب الشعب والوطن.
وبناءً على ما تقدّم نقترح على المهتمّين بالشأن اللبناني القيام
بمبادرة أخيرة عنوانها إطلاق يد رئيس الجمهورية في تشكيل حكومة جديدة
من التكنوقراط لا تنتمي إلى أي فريق سياسي، يختار هو رئيسها
وأعضاءَها، وتتولى تنفيذ بنود خطاب القسم بدءاً بمعالجة هموم الناس
الإقتصادية والمعيشية، وإنتهاءً بالإشراف على الإنتخابات النيابية
المقبلة...
وإلا
فالمخاض الحكومي سيبقى متعثراً ومتعسّراً، ومَن يحاول إرضاء الجميع
ينتهي بإغضاب الجميع.
أبو أرز
|