تدمير سوريا.. إلى متى؟
English
20120911
تزداد عمليات المعارك العسكرية بين فصائل
الجيش السوري الحر و كتائب النظام البعثفاشي في سوريا ضراوة و عنفاً و
وحشية. فالثورة التي بدأت على شكل مظاهرات سلمية مطالبة بالإصلاح و الحرية
و وقف الهدر و النهب المنظم لخيرات البلد، ما لبثت أن "تعسكرت" نتيجة همجية
النظام و رد فعله القمعي الإجرامي بحق المتظاهرين المسالمين، بواسطة قناصيه
و شبيحته و عناصر مخابراته و الحرس الخميني الإيراني و حزبلله، طوال الأشهر
الستة الأولى من عمر الثورة السلمية.
و اليوم و بعد مضيّ العام على انطلاق الجيش السوري الحرّ في عملياته لإسقاط
النظام و سيطرة مختلف ألويته على ما تتراوح نسبته بين الـ 60 – 70% من
الأراضي السورية، يجري الحديث عن سيناريوهات متعددة لسوريا الجديدة. إلا
أننا لسنا بصدد البحث في الإحتمالات المفتوحة في هذه العجالة، بل نود
التنبيه إلى أمر في غاية الخطورة.
غنيّ عن البيان بأن عسكرة الحِراك السوري لم يتمّ إلا بسبب تقاعس المجتمع
الدولي و عجزه الفاضحين عن إيقاف آلة القتل الأسدية بحق المتظاهرين العزّل.
و لكن الخطر يكمن في "أسلمة" الثورة متمثلاً، على سبيل المثال لا الحصر،
بألوية "الفاروق" و "أحفاد الرسول" و "خالد بن الوليد" و "مجلس الشورى
الإسلامي" و "جبهة النصرة" و المتبنية سياسة طائفية بغيضة. كما بات من
المؤكد تماماً أن عناصر إرهابية منتمية إلى تنظيمات إسلامية مختلفة مشبّعة
بفكر إقصائي إلغائي، و في مقدمتها القاعدة، و قوافل من المرتزقة
"الجهاديين" من مختلف الجنسيات، قد انضمت إلى بعض كتائب الثورة و قامت
بعمليات قتل منظمة ما أثار الذعر و الرعب و تهجير العديد من المدنيين و
خاصة من الآراميين المسيحيين.
إن الخطاب الإسلامي المتطرف و تغلغل المرتزقة و القوى السلفية و "الجهادية"
لا يخدم القضية، بل إنه على العكس، يوقع بها ضرراً شديداً بها و يجعل القوى
العلمانية و بنات و أبناء الأقليات يبتعدون و ينأون بنفسهم عنها، حتى و لو
كانوا من أشد المناوئين للحاكم الطاغية في دمشق. لقد جعل بشار الأسد سوريا
مطيّة و ألعوبة في أيدي ملالي إيران يستعملونها ورقة في مشاريعهم النووية
الخمينية الجهنمية. فلمصلحة من تُجَيّر الثورة السورية لقيادات الفكر
المتطرف الإقصائي المتحجر؟ و لمصلحة من تُدمّر سوريا بمثل هذا الجنون
المطبق و يُقتلع المواطن من دياره و تسيل الدماء و تُزهق الأنفس البريئة
قرابين على مذابح الصراعات المذهبية و الإقليمية السقيمة المقيتة؟
إن الأوضاع في سوريا تسير من سيئ إلى أسوأ، و أقل ما يمكن أن يُقال عنها
أنها فظيعة كارثية، نتيجة النهج الأرعن التدميري الذي سار عليه نظام
البعثفاشي في دمشق بتعامله مع الحراك منذ بدايته و حتى الآن أولاً، و لترك
دول العالم الحر و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوربي
الساحة مفتوحة لرعاة التطرف الإسلامي يملون شروطهم و يفرضون خطابهم
الإلغائي ثانياً، ناهيك عن موقفي روسيا و الصين السلبيين في مجلس الأمن
ثالثاً.
لقد وقف التنظيم الآرامي الديمقراطي منذ تأسيسه ضد الديكتاتوريات و الأنظمة
الشمولية القمعية، و دعم بالقول و الفعل ثورات الشعوب المتطلعة إلى الحرية.
و عليه فقد كنا من السباقين في تأييد حركات ما سمي "بالربيع العربي"، و
التي انطلقت مدنية علمانية مبنية على المواطنة في مبادئها و رؤيتها و فهمها
للكيان و الدولة أولاً. إلا أن تطورات الأوضاع، و خاصة في مصر و تونس، لا
توحي بالخير، بل تثير التشاؤم و القلق، حيث صادرت و سَطت القوى الإسلامية
المتطرفة على الثورة و استولت على مقاليد السلطة هناك في سعي محموم
"لتطهير" البلاد من كل مظاهر العلمانية و ما تبقى من قوانين و أنظمة عدل و
مساواة و حضارة،.
إن الديكتاتورية الدينية، و خاصة الإسلامية منها، لأشنع و أفظع تأثيراً على
حياة الشعوب، و التخلص منها أصعب بكثير من سائر أنواع الديكتاتوريات،
لاستنادها و تبرير وجودها "بالنصوص المقدسة" و محاكاتها و مخاطبتها الغرائز
و العصبيات. أما الحل في سوريا فيكمن باستعادة دول العالم الحر زمام
المبادرة و التدخل العسكري لإنهاء حكم البعث دون العودة إلى مجلس الأمن،
تجنباً للفيتو الروسي و الصيني، و تمركز قوات الناتو في سوريا و إعادة
إعمارها و تأهيلها لبناء الدولة التعددية المدنية العلمانية الديمقراطية
على غرار ما فعله الحلفاء في المانيا و اليابان بعد الحرب العالمية
الثانية، قبل ان تؤول المقاليد إلى يد القوى الاسلامية الاصولية المتطرفة،
ما يشكل ضربة صاعقة للثورة و خيانة لدماء شهدائها الابطال و لكل المناضلين
من أجل الحرية و الديمقراطية و الذين وقفوا ضد الأسد الطاغية منذ البداية.
التنظيم الآرامي الديمقراطي
|