العونيون والغباء السياسي
رد على رد
السيد جورج شمالي المعنون "أغبياء سياسة أم تطاول عليها"
نشرت الصفحة الرسمية للتيار
الوطني الحر مقالا للسيد جورج شمالي بتاريخ 16 أيار 2006 عنوانها "أغبياء
سياسة أم تطاول عليها" يقول فيها أنها رد على مقالة للسيد طوني حنا
(التنظيم الآرامي الديمقراطي) بعنوان "ميشال عون رئيسا للجمهورية
الإسلامية"، ولكن رد السيد شمالي بالفعل يتهجم على التنظيم الآرامي
الديمقراطي من خلال الإشارة الى موقعنا الالكتروني. وهنا نرغب في الرد لا
على السيد جورج شمالي فقط، بغض النظر عن دوره في ماكينة "التيار"، بل نرد
على بعض النواحي الفكرية المستوحاة من مقالته والتي يتبناها العونيون،
لعلنا بذلك نفيد العونيين وغيرهم ممن يريد.
أولا ننطلق من استعمال
السيد شمالي تعبير "أغبياء سياسة أم تطاول عليها" لنعلن للعونيين ولغيرهم
من القراء الكرام أننا نوافق إلى حد بعيد على أن السياسة ليست للأغبياء،
خاصة إذا كانوا من شاكلة الذين نراهم اليوم في مواقع زعامية رغم أنهم كلفوا
الوطن والمواطن أعدادا هائلة من الضحايا البشرية والخسائر والخراب دون
إحراز أي تقدم في المطلب القومي أو الوطني، كما أننا نهيب بالشعب أن يتجنب
الغباء والأغبياء، فلا يعيد الانتماء لجمعياتهم أو تأييدهم سياسيا لأن من
جرّب مجرّبا (مرارا) كان عقله مخرّبا (تكرارا). ومن هذا الباب فكل مواطن لم
يتسبب رأيه السياسي في خراب البلد هو في نظرنا في المبدأ افضل من أي زعيم
جرّبنا غباءه.
ولكننا، من جهة أخرى، وبكل
صراحة، لا نوافق السيد شمالي على موضوع ما يسميه "التطاول" على السياسة.
لأنه من غير المسموح به في عصرنا الديمقراطي أن يكون في السياسة ابن ست
وابن جارية. وإذا كنت، ايها السيد شمالي، لا تحب العودة بالنظام اللبناني
"الى زمن الشدياق والأمير والبيك" كما كتبت، فعليك إذن أن تفهم حقنا وحق كل
انسان في المشاركة في القرارات المصيرية، وهذا حق يعترف به لبنان تبعا
لشرعة حقوق الإنسان، فلا أنت ولا أي زعيم (رغم وزنه...) بإمكانه انتزاعه
منا إلا بالصلبطة (و الصلبطة كلمة لبنانية مؤلفة من صباط ولبط). والصلبطة
نحن لا نحبها بغض النظر عن مصدرها. وبذلك نكون أجبناك عن سؤالك عن المدرسة
السياسية التي في رأيك يجب على المواطن ان يتخرج منها قبل أن تسمح له بأن
يبدي رأيه في أمور تمس مصيره ومستقبله.
ثم ان السيد شمالي يريد من
كل واحد، قبل أن يسأل أسئلة جديدة عن المستقبل، ان يدرس "هيغل وماركس وكانت
ونيتشه وكليمنصو وتشرشل وبسمارك وميشال عون (هكذا!)". نحن، الناس العاديون،
نستطيع ان نتصور كيف يفكر بعض "المجذوبين بزعيمهم" فيعتبرونه في مصاف
"الآلهة" ولكن أليس في "التيار" من يستطيع أن يلجم هذه الهلوسات؟ على الأقل
على صفحتهم الرسمية؟ إننا فعلا لا نتمنى لقيادي أن يدافع عنه بأسلوب جورج
شمالي (مع كونه سريانيا كما يقول) لئلا تتعذر عليه رؤية أخطائه. نحن نقبل
أن نكون على خطأ إذا تبين فيما بعد أن مناهج الفلسفة (في العالم المتقدم
طبعا) أدرجت مادة اسمها "فلسفة ميشال عون" في جامعاتها. عندئذ فقط نقدم
اعتذاراتنا القلبية للسيد شمالي. أما عن كليمنصو وتشرشل وبسمارك فان ميشال
عون بنفسه لم يتبجح بشرف إنقاذ بلاده من المحتل مثلما فعلوا، لأنه يعرف
أكثر من غيره كيف ترك ضباطه يحترقون ويعدمون في وزارة الدفاع في اليرزة تحت
نيران حلفائه العرب وكيف ترك شعبه يسقط تحت الإحتلال البعثي ما يزيد على 15
عاما لئلا يضطر للتحالف مع :أعدائه اليهود" كما فعل القائد الشهيد بشير
الجميل. بينما اختار هو اللجوء الى فرنسا. ولم يكتف بذلك، فهو أكد وكرر
مرارا براءته من القرار 1559 الذي نؤيده نحن واللوبي اللبناني الأمريكي
الذي سعى لإقراره، والذي لولاه ولولا ثورة الأرز لما تحرر لبنان. فميشال
عون هو في الحقيقة النقيض الأقصى لهؤلاء القادة الأبطال.
وحسنا قلت ايها السيد شمالي
بأن ميشال عون ليس طائفيا ولا ينادي بالدولة السريانية فهذا واضح للجميع،
ولكن ذلك ليس خاصية لعون وحده، بل هو من الشروط العامة والمفروضة على كل
ذمّي يسعى الى السلطة. لمعلوماتك يا سيد شمالي، إن الشرق منذ احتله العرب
المسلمون، فرضوا عليه شرعية تتعارض مع حقوقنا القومية، مما أدى الى تجريدنا
من حقنا بهويتنا القومية الآرامية السريانية وما يستتبع ذلك من حقوق. وما
نكران السلطات الحالية لهويتنا إلا استكمال لإلغائنا وإلغاء حقوقنا من
أوطاننا. نحن، أيها السيد شمالي، من دعاة سيادة شعبنا الآرامي السرياني على
أرضنا التاريخية، ونرى ذلك أهم من الخريطة ومن الجمهورية إذا كانت تتعارض
معه، ولسنا مثل غيرنا من المعقدين لكي نمارس العقلية الذمية ونخجل من
المطالبة بحقنا المشروع، خاصة وأنه حق معترف به دوليا. وحق الشعوب بتقرير
مصيرها لا يجب أن يتعارض مع الخريطة، فالخريطة يجب أن تعكس الحقوق
التاريخية.إنما الغريب بالمقابل إنك، مثل بعض الزعماء الذميين، تظن أن
تنازلك عن حقوقك وحقوق شعبك القومية هو مدعاة افتخار. وهذا في نظرنا قمة
الغباء (أو قمة الخيانة، ونترك لك الخيار في التحديد).
أما في مجال تحليل السيد
شمالي للاتفاق بين "التيار" و"حزب الله" فلن نعلق على شيء لأن كل الوارد في
مقاله هو تفسيره للاتفاق وليس نص الاتفاق. فهو لم يورد تعبيرا واحدا من نص
الاتفاق، لذلك فلا قيمة لما كتبه عدا عن كونه مفهومه الخاص وليس اتفاق
الموقعين. وهنا نكتفي بالتعليق على خلطه الخطير بين الطائفة الشيعية ومؤسسة
"حزب الله"، فالأولى هي مكوّن طائفي ذو حقوق في الجمهورية اللبنانية بينما
الثانية مؤسسة إرهابية ملاحقة بموجب القانون الدولي. وعليه فتعليقنا هو إن
سروره باعتراف المنظمة الإرهابية بترسيم حدود وغير ذلك لهو أمر مضحك، لأننا
لسنا بحاجة لاعتراف المنظمة الإرهابية بشرعية الحدود فهذا امر دولي، ولكن
هي التي استفادت عندما انتزعت الاعتراف بها كمحاور من فريق شرعي يريد
تبييضها وهي تحاول درء العقاب الدولي الداهم. فاحكم بنفسك في موضوع الغباء
ومن يمارسه.
أما عن حقوق الطوائف، فنحن
في التنظيم الآرامي الديمقراطي نحترم تعددية الطوائف ولا نعتبرها مرضا كما
يعتبرها بعض السياسيين الذين لم يقرأوا الكتب الواردة في اللائحة التي ينصح
السيد شمالي بقراءتها. نحن نحترم تعددية الطوائف لأنها ناتج تاريخي تحترمه
شرعة حقوق الإنسان، خلافا للعقلية العروبية البعثية التوتاليتارية
الطغيانية، التي تستعمل في كل بلد لغة مناسبة للمراوغة ولكنها تنفذ مشروعا
واحدا وهو تعريب قسري لمن هم غير عرب. لكننا في التنظيم نميز بين الإنتماء
الطائفي والإنتماء القومي أو الحضاري. فكلامك عن تقليص صلاحيات رئيس
الجمهورية في سياق تهميش السريان الارثوذكس والكاثوليك في لبنان يدل على
خلطك في المفاهيم. نحن في التنظيم لا نرى سلبية في تقليص صلاحية رئيس
سرياني (ماروني) على شعب مسلم (أكان شيعيا أم سنيا)، كما أننا لا نرى سلبية
في تقليص صلاحية رئيس مسلم على شعب مسيحي (بغض النظر عن الطائفة). نحن نرى،
على عكس ذلك، حقا لكل مجموعة حضارية ان تقرر مصيرها السياسي بما في ذلك
اختيار قيادييها ومحاسبتهم.
أما وقد أشرت الى برنامج
يدعو الى العلمنة والغاء الطائفية وحكومة ظل تحاسب "كما في السويد" فإننا
نرسل لك تحيات أعضاء تنظيمنا من السويد وهم يحتلون مراكز سياسية قيادية لا
تحلم بمثلها في لبنان ونقول لك وللقراء أن النظام في السويد لايتخفى ولا
يتذرّع بحجة إلغاء الطائفية (كما يطرح العونيون) ليلغي سكان البلاد
الأصليين وحقوقهم، بل هو يؤسس لإنشاء حكم ذاتي للسكان الأصليين في مناطق
شاسعة واسعة في مناطقهم في شمال البلاد من خلال تشجيعهم وتمويلهم في إنشاء
برلمان مستقل وهيئات مدنية (مدارس وجامعات للغاتهم) وغير ذلك في مشروع
معروف البداية و"مجهول" النهاية وكل ذلك في جو ديمقراطي لم يتسبب في "ضربة
كف" على قولة البعض ... وهذا، لمعلوماتك، أمر عادي في أوروبا فكل المجتمعات
الحضارية في أوروبا تتحرر اليوم وتشكل وحدات متزايدة الاستقلال مفضلة
الحدود الحضارية على الحدود الدولتية التقليدية. فإن المشروع العوني الذي
تعتبره أنت نموذجا جديدا للشرق لا يتعدى كونه محاولة جديدة لتعريب غير
العرب وإخضاع المسيحيين للأكثرية الاسلامية في بلدان تمعن في التخلف
والتزمّت الديني ويزيد فيها عدد الأميين على المتعلمين.
لذلك اسمح لنا يا سيد شمالي
أن ندلي برأينا على تواضع مستوانا العلمي وقصره عن الفلاسفة الذين ذكرتهم،
فنحن لم ندّع كوننا فلاسفة كما تريد لنا أن نكون، ولكن لنا (ولغيرنا) من
الخبرة والعلم عن تاريخنا وتاريخ معاناة شعوبنا المسيحية في الشرق ما يكفي
لأن نرفض الوقوع في الشرك نفسه مرارا وتكرارا. نحن الآن خارج السلطة
وكلامنا يستند الى المبادئ والثوابت المختبرة عندنا وعند غيرنا، ولكننا
نعدك أن مبادئنا عندما نكون في السلطة يوما لا تسمح لنا ان نقع في أخطاء من
نوع عدم التمييز بين الحليف والعدو كما في أيام حلفاء بشير و أعدائهم حلفاء
أمين، وهما إبنا عائلة واحدة وحزب واحد! ولا أن نخلق حروبا داخلية لأسباب
خارجية (غبائية؟) كما في أيام ميشال وسمير وكلاهما يدعي التخطيط للمشروع
نفسه.
التنظيم الآرامي الديمقراطي
|