عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
  

و أخيراً... أبي نصر يمنح الجنسية اللبنانية لمار مارون!

 6 / 12/ 2011

النائب في كتلة الجنرال ميشال عون في مجلس النواب اللبناني، نعمة الله أبي نصر، يهلل هذه الأيام، فرحاً بقيام "الدولة اللبنانية" بنزع الجنسية اللبنانية عن "الحاصلين عليها بغير استحقاق". و نحن بالطبع لا ننكر على السيد أبي نصر حقه في التهليل و الزغردة و الهرج و المرج بهذا الإنتصار، كيف لا وهو البطل الأغرّ والنائب الغضنفر صاحب اقتراح هذا  المشروع منذ عدة سنوات! حيث يشير في معرض تعليقه على القرار إلى ان "الخطأ الكبير الذي ارتكبته الدولة في مسألة قرار سحب الجنسية اللبنانية من غير مستحقيها في وجه حق، أنها تأخرت ثماني سنوات في تصحيحه".

و يتابع النائب الكريم قائلاً: "المادة 6 من الدستور تنصّ على ان طريقة اكتساب الجنسية اللبنانية وحفظها وفقدانها تحدّد بقانون وليس بمرسوم، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية حاولت خلال السنوات الثماني منذ صدور قرار مجلس شورى الدولة، سحب الجنسية من الكثيرين من غير مستحقيها، ولكن رئاسة الحكومة كانت ترد مشاريع المراسيم، فمثلا ثمة مشروع مرسوم تقدم به الوزير السابق الياس المر قضى بسحب الجنسية من 1940 شخصاً، ولكن تمّ رده من قبل رئاسة الحكومة". ورأى أن "توقيع هذا المرسوم أتى تنفيذاً لوعد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في خطاب القسم، بسحب الجنسية من غير المستحقين وإعطائها إلى مستحقيها".

كل هذا جميل رائع يردّ الروح و يشيع البهجة في النفس! فالرابطة المارونية كانت أول من أثار موضوع الخلل المتعمد فيما يتعلق بهذا الموضوع بالذات، والنائب أبي نصر كان من أشهر من حمل لوائه، إذ تم منح الجنسية اللبنانية لأعداد غفيرة مضاعفة من مختلف الطوائف الإسلامية عن مثيلتها المسيحية مما شكل تحولاً جذرياً في وضع لبنان الديموغرافي لمصلحة المسلمين إمعاناً في تهميش المسيحيين في حقبة الإحتلال العربية السورية. فالغاية من تقديم الإقتراح كانت إذاً إصلاح الخلل وسحب الجنسية من غير مستحقيها، وأغلبيتهم الساحقة من المسلمين، و استعادة بعض التوازن ورفع الغبن الواقع على المسيحيين المستحقين ممن لم يحصلوا على الجنسية اللبنانية.

ولكن التنفيذ، بعد حوالي العشرين عاماً من التقدم بالإقتراح، أتى بعكس ما قصدته الرابطة المارونية! إذ تم نزع الجنسيات من أصحابها المسيحيين، بنسب مضاعفة، تجلى الغبن والظلم المقصود أكثر بسحب الجنسية من 24 عائلة آرامية سريانية في زحلة ممن تجذروا في ترابها والبقاع ولبنان.

و تعليقاً على تنفيذ القرار، اعتبر السيد أبي نصر أن "باب الطعن مفتوح لمن يجد نفسه مظلوما وذلك من خلال مجلس شورى الدولة شرط أن تكون أوراقه سليمة وغير مزورة"، مشيراً إلى "أن مار مارون اذا كان قد حصل على الجنسية اللبنانية في ظل أخطاء ومخالفات فإننا سنسحب منه الجنسية ونعيده الى سوريا"!

 

في الحقيقة لم يأت تنفيذ القرار بهذا الشكل المجحف مفاجأة لنا. فماذا يتوقع المرء من سلطة خاضعة لسلطة حزبلله الإرهابي غير الإمعان في  كسر شوكة المسيحيين والعمل للقضاء على وجودهم تدريجياً. و كذلك لا نعجب من تحوّل لهجة أبي نصر اليوم، فماذا يمكن أن ننتظر من عضو في كتلة ميشال عون المتنكر لمسيحيته وقضية الوجود المسيحي؟.. ماذا نتوقع ممن باع قضية عودة العائلات الآرامية السريانية المارونية اللاجئة إلى اسرائيل هرباً من إرهاب عصابات حزبلله في جنوب لبنان؟ وفيما يتعلق بمار مارون، نقول للسيد أبي نصر: فعلاً اللي استحوا ماتو! مار مارون، الراهب الناسك السرياني الآرامي، ليس بحاجة إلى شهادة حسن سلوك و"بطاقة هوية" يمنحه إياها أمثالك. بل كان حريّاً بك يا سعادة النائب الألمعي، أن تطالب في الندوة البرلمانية، و أن تعمل و تسعى، مثلاً، لسنّ قانون يؤكد التعددية الإثنية و الثقافية في لبنان و اعتماد اللغة الآرامية، لغة مار مارون و الكنيسة السريانية المارونية و لغة الموارنة و لبنان الأصلية، لغة رسمية في لبنان تُدرس في المدارس لجميع من يرغب بتعلمها من أبناء و بنات الكنائس المسيحية المتحدرة من الدوحة الآرامية.   

إن الإمعان في تهميش المسيحيين في لبنان، والذي يشكل منع عودة أهالينا النازحين من جنوبه إلى اسرائيل وسحب الجنسية مؤخراً من تلك العائلات السريانية الآرامية في زحلة  بعضاً من تجلياته، ليس إلا مجرد حلقة في سلسلة ضرب الوجود المسيحي في الشرق وخاصة في لبنان. ولم يتجرأ أصحاب القرار على هذا لولا غياب المشروع المسيحي وتشرذم وانقسام وانشغال القيادات المسيحية بالتناحر على المراكز و الكراسي و المناصب. و لا يسعنا، في هذا الصدد، إلا القول بأن تنفيذ قرار سحب الجنسية اللبنانية بهذا الشكل التعسفي الظالم هو وصمة عار على جبين "الدولة اللبنانية"، وخاصة المتسلطين فيها من مسيحي الهوية كرئيس الجمهورية وقائد الجيش ووزراء ونواب و غيرهم من الذين على شاكلة السيد أبي نصر، و الذين لا رجاء و لا أمل بعودتهم إلى ضمائرهم وتحررهم من عبوديتهم الطوعية وذميتهم الذميمة المقيتة.

و أخيراً لا بد من التذكير بأن الحفاظ على المسيحية في الشرق أمانة في عنق كل شخص مسيحي مسؤول. كما أن الحفاظ على المسيحية في لبنان، القلعة المسيحية الحرة الأخيرة في الشرق، أمانة في اعناق كل المسيحيين فيه. و عليه فإن عودتهم إلى جذورهم الآرامية و انتماءهم الآرامي المسيحي المشرّف – هويتهم الصحيحة، هي واجب الوجوب و الحقيقة التي يجب ان يرثها عنهم أبنائهم و بناتهم، لتكون لهم، تماماً كما كانت لأجدادنا، مصدر فخر وقوة و صمود.

التنظيم الآرامي الديمقراطي

المكتب السياسي

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها