الحرب على لبنان في فصل جديد..
20110124
ما يجري اليوم في لبنان تحت عنوان استقالة بعض الوزراء و بالتالي إسقاط
الحكومة اللبنانية و جعل ما تبقى منها حكومة تصريف أعمال بانتظار تشكيل
الحكومة العتيدة الجديدة، ما هو إلا عملية انقلاب بامتياز بإيعاز من نظام
الحكم في دمشق وتنفيذ المرتبطين به من جماعات حزبلله و أمل و ميشال عون و
سليمان فرنجية و سائر التنظيمات و الأحزاب السائرة في فلكه. كل هذا على
الرغم من أن العديد من الدلائل كانت تشير إلى تجاوب السيد سعد الحريري،
رئيس حكومة تصريف الأعمال، مع أغلب نقاط الاتفاق بين ما اصطلح مجرم الحرب و
رئيس المجلس النيابي نبيه برّي تسميته بـ "س - س" أي سوريا و السعودية!
إلا أن نظام دمشق يبدو و أنه قد أحس - أو أن مصادر ما سرّت له، بأن الحبل
سيطاله أيضاً، على الرغم من "التنازلات و الخدمات" التي قدمها، و من بينها
اغتيال الإرهابي عماد مغنية في قلب دمشق، و أنّ تعيين الرئيس باراك أوباما
سفيراً جديداً لواشنطن في دمشق بعد سنوات من الإنقطاع و العزلة ما هي إلا
محاولة لذرّ الغبار في العيون و جعل النظام يعيش في جو من الراحة النفسية
الوهمية.
و لعلّ إحدى إيجابيات خروج وزراء حزبلله و أذنابه من الحكومة، تكمن في أن
ماتبقى من حكومة قد تتمكن فعلاً من تصريف الأعمال الأساسية و القيام بأبسط
واجباتها تجاه شعب و مواطني البلد من ركود اقتصادي و أزمات كهرباء و مياه و
محروقات ناهيك عن الغلاء الفاحش و هجرة الأدمغة و الطاقات الشابة.
إلا أن المخاطر و علامات الإستفهام، و خاصة في ضوء "استدعاء" حاكم دمشق
لقائد الجيش اللبناني جان قهوجي مؤخراً، و حشود عناصر حزبلله المسلحة و
انتشارهم في مناطق متعددة من لبنان توحي و كأن عملية انقلاب يعدّ لها الحزب
و ملحقاته لم تعد إلا مسألة وقت، خاصة و أن سجل الجيش اللبناني في الدفاع
عن أبناء شعبه، و بشكل أساسي المسيحيين منهم ، مما لا يشرّف و لا يوحي
بالطمأنينة.
و من الثابت و المؤكد أيضاً أن الأحزاب اللبنانية المنضوية تحت لواء تجمع
14 آذار غير قادرة على الصمود و الانتصار في معركة عسكرية مُفترضة غير
متكافئة مع هذه المنظمة الإرهابية، في ضوء تاريخ الجيش اللبناني المتخاذل،
كما اسلفنا، و اختراقه من عناصر تدين بالولاء لإيران و البعثفاشي و ولاية
الفقيه.
إن الموضوع لا ينحصر بقضية رئيس الحكومة الجديدة، على الرغم من أهميته، بل
بالانقلاب الكامل على النظام اللبناني الحالي، لإخضاع لبنان بأكمله و ربطه
نهائياً بمحور الشر الإيراني و البعثفاشي. و يبدو أن الأطراف "المسيحية"
الدائرة في فلك محور الشر و الجريمة هذا، و المتمثلة أساساً بميشال عون و
سليمان فرنجية و "شلتيهما" ليسوا في وارد العودة إلى جادّة الحق و الصواب
لتكوين جبهة مسيحية عريضة مع مختلف الشخصيات و الاطراف المسيحية المخلصة
كالقوات اللبنانية و الكتائب و الأحرار و حراس الأرز و جبهة الحرية و
الكتلة الوطنية و غيرها، تحت مظلة بكركي و رأس الكنيسة السريانية
المارونية، غبطة البطريرك - البطل - مار نصر الله بطرس صفير، للاتفاق حول
مشروع و استراتيجية بعيدَي المدى، واضحَي الأهداف و الملامح، يعيد
للمسيحيين مجدهم و يحفظ حقوقهم و يعزز وجودهم و يوقف هجرتهم و يشكل سداً
منيعاً أمام الهجمة الفارسية الحاقدة و المتجسدة أخيراً، وليس آخراً،
بالاستيلاء على أراض شاسعة و عقارات عديدة في مناطق مسيحية من لبنان بواسطة
سماسرة مسيحيي الهوية، باعوا شرفهم و مسسيحهم لقاء حفنة من المال "الطاهر
الحلال"!
إن لبنان هو القلعة الوحيدة الباقية في الشرق و التي يمكن للمسيحي فيها
التنفس و التعبير بحرية و كرامة. و إن سقوط هذه القلعة، لا سمح الله، لا
يعني خسارة مسيحية مشرقية رهيبة فحسب، بل خسارة حضارية للعالم بأكمله - إذ
يشكّل انتصاراً للعتمة على النور و نصراً للهمجية و الديجور على الخير و
الجمال.
أما الحلّ فبتدويل القضية بمختلف تفاصيلها و تفرعاتها، و تحمّل دول العالم
الحرّ مسؤولياتها، و دعوة مجلس الأمن للإنعقاد لوضع لبنان في "غرفة العناية
القصوى" لإنقاذه من براثن عصابات الإرهاب و ملحقاتها وذلك بـ:
1. العمل على تنفيذ القرارين 1559 و 1701 بحذافيرهما خصوصاً فيما يتعلق
بتجريد عصابات حزبلله و أمل و باقي الميليشيات من فلسطينية و غيرها من
السلاح.
2. منح القوات الدولية في الجنوب اللبناني كافة الصلاحيات و تعزيز تسليحها
لمكافحة إرهاب جماعات حزبلله و أمل، و نشر قوات دولية على طول الحدود
السورية اللبنانية منعاً لتدفق السلاح و الإرهابيين، و منحها كامل
الصلاحيات عملاً بالبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
3. السير بالمحكمة الدولية مهما كانت التطورات و دعمها و تأمين الحماية
المطلوبة لقضاتها و ممثلي الإدعاء و الاستمرار في تمويلها، حتى و إن تراجعت
الحكومة اللبنانية عن ذلك.
4. امتناع قوى 14 آذار، و خاصة المسيحية منها،
بالإشتراك بأي حكومة يتولّى أحد أذناب حزبلله و دماه المتحركة ،أمثال
نجيب ميقاتي أو عمر كرامي، رئاستها.
أما واجباتنا نحن كمسيحيين في بلاد الشتات فهو تكثيف الجهود و رسم خطة عمل
مشترك و الاتفاق على استراتيجية تمكّننا من تفعيل الحضور المسيحي الآرامي،
خاصة في دول العالم الحر، لإنقاذ القلعة الآرامية المسيحية الحرة الأخيرة
في الشرق، ففي ضياعها، لا سمح الله، ضياع لمسيحيي المشرق جميعهم!