الديمقراطية هي التي تحمي الجمهورية، لا
العكس
071121
بما أن
الموعد الأخير لانتخابات الرئاسة اللبنانية لم يكفِ لتوعية النواب
المسيحيين وغيرهم من النواب الديمقراطيين على الاستحقاق الرئاسي المصيري،
لا يسع التنظيم الآرامي الديمقراطي في السويد إلا أن ينبّه للأخطار الداهمة
من خلال النقاط التالية:
1-
إن نوّاب الأمّة
هم المسؤولون النهائيون، لا البطريركية المارونية، عن استمرار الكيان
اللبناني على شكله الحاليّ أو عن انهياره. نعم إن البطريركية هي المؤسسة
الركيزة التي لعبت الدور التاريخي الحاسم في إنشاء الكيان، ولكن بعد إنشاء
هذا الكيان بمؤسساته الدستورية، انتقلت المسؤولية الدستورية والقانونية الى
تلك المؤسسات، وعلى رأسها المجلس النيابي. فليكفّ النواب (وغيرهم) عن
التذرع بالبطريركية لتبرئة فشلهم في تحمّل المسؤولية السياسية الوطنية
والقومية. من الطبيعي والبديهي أن تقود البطريركية الآرامية السريانية
المارونية الفكر الوطني لما لها من دور تاريخي وسلطة فكرية، ولكن هذا لا
ينزع حرية القرار ولا المسؤولية عمن كلـّفهم الشعب بحماية الدستور قانونيا،
في أقدم ديمقراطية حديثة في الشرق.
2-
إن نواب الأكثرية، ما دام النظام غير فدراليّ،
يحملون تفويض الشعب اللبناني بكامله بانتخاب رئيس للجمهورية وليس لهم الحق
بالتفريط بهذا التفويض لأسباب، أقل ما يقال فيها إنها واهية، ومن النوع
الذي يتخذه البعض للتهرب من المسؤولية والنزول عند شروط الإرهاب الحزبللاوي
وغيره الذي يفرض نظامه الذمّي على الديمقراطيين. نواب الأكثرية مطالبون
الآن باتخاذ كل الإجراءات الأمنية، ليس فقط المحلّية بل والدوليّة أيضا، من
أجل إيصال خيار الأكثرية الى السلطة، لأن هذا الخيار يمثّل كل الوطن. من
غير المقبول أن يتركوا التحايل الإرهابي "يأكل" رأس الحرية والكرامة. فلا
فرق من يكون المسؤول عن "العرقلة" بعد "خراب البصرة".
3-
المطلوب من نواب
الأكثرية، ولهدف إنقاذ ما تبقى من كرامة الوطن، أن يلجأوا الى كل ما في
إمكانهم، من أجل وضع حدّ للإبتزاز الإرهابي. الكل يعرف أن مقولة "المرشّح
التوافقي" ليست إلا للتحايل على المبدأ الديمقراطي الذي يعيد الحق الى
نصابه. إن من يريد التوافق فعلاً لا يهدد باغتصاب نصف مساحة البلاد في حال
عدم الرضوخ لمطالبه تحت تهديد السلاح المأجور. فما هي حجة البعض (من
المتآمرين؟) من الذين يريدون تمرير الكذبة الصارخة التي عنوانها "المرشح
التوافقي"؟ المرشّح التوافقي هو من تنتخبه الأكثرية.
4-
ما نعنيه في
عبارة لجوء النواب الى "كل ما في إمكانهم من أجل وضع حدّ للإبتزاز
الإرهابي" هو أن نواب الأكثرية الممثلة بخط 14 آذار عندهم، ولأول مرة منذ
عقود، الإمكانية في تحرير البلاد والعباد من الاستبداد. فبإمكانهم تأمين
النصاب القانوني (ليس بالضرورة تحت خطر قطاع الطرق)، وبإمكانهم اللجوء الى
القوى والدول القادرة على مساعدتهم على إيصال صوت الشعب الى سدة الرئاسة،
خاصة وأن هذه القوى والدول تعرض عليهم كل أنواع الدعم، قولا وعملا. فلا حجة
عندهم ولا عذر في أن يتملـّقوا ويداعبوا الشيطان.
5-
إن خوفكم على
الجمهورية يجب أن يحفزكم على تحصينها من خلال تحقيق الديمقراطية وإضعاف
الإرهاب وقطع دابره بمساعدة المخلصين والأصدقاء، لا أن يرهبكم من خلال
الخضوع للتهديد بالمقاطعة. إن مقاطعة حزبلله وملالي ايران (والبعث السوري)
لكم هي وسام على صدركم وجواز مرور الى احترام المجتمع الدولي لدولة لبنان
الديمقراطي. فلا تدعوا
لبنان يظهر بمظهر المتردد بخياره بين الإرهاب والتمدّن.
6-
السخرية القصوى
هي الادعاء بأن أكثرية النصف زائدا واحدا ليست مقبولة. ما الذي يجعل هذه
الأكثرية مقبولة في كل ديمقراطيات العالم ما عدا ديمقراطية لبنان؟ أليس هذا
المنتوج من ابتكار "عبقرية" حزبلله، التي تترجم عقلية "الفاجر يأكل مال
التاجر"؟ أم أن توافقيـّة ال98% هي النموذج المفروض على لبنان؟
كلمتنا
الأخيرة لنواب الأمة الكرام: عبّروا عن صوت من انتخبكم، لا عن أصوات من
يهددكم. فعلى خبرتكم أن تذكركم بأن التهديد الذي يأتيكم الآن ليس إلا بداية
واستمرارا لما سبقه من أسلوب سياسي لا يؤدي الاّ الى المزيد من الغرق. فإما
أن تنتهزوا فرصة التحرّر الآن، عندما تدعمكم الأمم، وإما أن تتركوا البلاد
تغوص عقودا جديدة تحت الطغيان.