والآراميّون شعب ذكره التاريخ ابتداء من
الألف الثاني قبل الميلا
تقاس أهمية اللغات الحية بمقدار ما يتكلم ويكتب بها الناس وبالدور الذي
تؤديه كونها لسان الأمم ودليل صفاتها وميزاتها ومرآة كنوزها ويقاس ثراؤها
وغناها بأهمية ما خلفه أصحابها من علماء وكتاب وشعراء وموسيقيون وغيرهم وما
منحوه من معرفة وعلوم للمجتمع البشري الذي منحهم القيمة والاعتبار.
من هنا يتضح ما للغة من أهمية بارزة في حياة المجمعات فترتقي بأممها لمراكز
عالية استناداً الى قوتها، التي تتقدم من العالم بصفات ومميزات معروفة بها.
والآراميّون شعب ذكره التاريخ ابتداء من الألف الثاني قبل الميلاد، وهم
ينسب إلى (آرام بن سام).
لكنهم يعتزون بأن لغتهم الآرامية _السريانية بما لها من فرادة وخصائص، كانت
يوماً لغة العالم المتمدن من شرق المتوسط حتى مشارف الهند وامتدت على مدى
ثلاثة عشر قرناً من الزمان وتميزت عن سواها وصارت لها أهمية خاصة عندما نطق
بها ربنا يسوع المسيح، وفيها نزل جانب مهم من كتابات الكتاب المقدس
واستعملها الرسل والقديسون وصارت بعد أن تلألأت بالعلوم بما فيها المعاصرة
اليوم _صارت لغة الأيمان والصلاة في الكنيسة، واللغة الطقسية لمعظم كنائسنا
المشرقية كا لسريان والموارنة والآشوريين والكدان الى اليوم.
ولكن ما نجده في الآونة الأخيرة هو تراجعها المخيف من صلواتنا لتحل محلها
لغات دخيلة عليها أو تأثرت بها بحكم الجوار فأزاحتها من مكانها في معظم هذه
الكنائس وفرضت هذه اللغات الجديدة نفسها في طقوسنا كاللغة العربية والتركية
والكردية وغيرها وهو أمر محزن للغاية وبالتالي قاتل لما بقي من خصوصية
الهوية والوجدان.
فيا حبذا أن نبدأ بتغير هذا الوضع المفروض علينا واعادة مجد لغتنا ابتداءً
من كنائسنا، وبتر كل لغة دخيلة الى طقوسنا والتمسك بلغة ربنا عندما نخاطبه
في بيوته، وكفانا تعريباً وتتريكاً وتكريداً لهذه الصلوات المقدسة
والاكتفاء بلغتنا المباركة_ اللغة الآرامية_ لتزيدنا فخراً واعتزازاً
بانتمائنا لها.
إنه طلب نفرده أمام رجال ديننا الإجلاء، ودعوة لهذا الشعب المتميز، أن نشمر
عن السواعد ونجّد في الاهتمام بلغتنا واتخاذ القرارات اللازمة وحتى الصارمة
لإحلال لساننا في حياتنا اليومية انطلاقاً من كنائسناً، وعدم الاهتمام
بالمصالح الآنية على حساب القضايا المصيرية، لأن اقل ما يمكن أن نقدمه
للغتنا هو عدم أهما لها وبالتالي حرمانها لاعز ميراث تركه لكم آباؤكم
إكراما، واودعوا فيها كنوز حكمتهم وعلومهم السامية.
انه طلب نقدمه لحكومات الشرق. فكما تحافظون على لغة بلدكم بالدعم المادي
والمعنوي الكبير، خصصوا جزءاً من هذا من الدعم للحافظة على لغة بلادكم
الأصلية لانه بقراركم هذا يجعلكم في مصاف الدول التي تحافظ على كنوزها من
الضياع والتمسك بأصالتها وتعكس مدى نظرتكم الديمقراطية لابنائكم واحترامكم
لأجدادكم.