عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

                         

                      صبري يوسف

                       كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم

 


الأرجح ضمّ فريق عمل جديد من ذوي الطاقات الخلاقة إلى سوريويو سات

تشكّلت كينونتي لأسباب عديدة على التمرّد، على الوقوف في وجهِ الأغلاطِ، وتمرّدي هو على الخطأ الذي أراه، لأنني من المستحيل أن أسكت على خطأ يتماوج أمامي، خاصَّة إذا كان وقوع الخطأ في موقع ذات أهمية، وأصلاً ما كنتُ سأطرح نفسي كاتباً وشاعراً لولا أنني أجد في نفسي هذا التوق العميق إلى تفنيد الخطأ وإيجاد البديلِ الأصوب، والمرء لا يتطوّر ما لم يكتشف أخطاءه، لهذا على كل مَن يتابعني، ومن يشاطرني رؤاي ومن يقف على النقيض من بعض رؤاي، أن يعلم أنني أحترم البشر كل البشر، لكني لا أحترم سلوك وممارسات بعض البشر، خاصة عندما أرى عدوانية وديكتاتورية في سلوك البشر، فممكن أن يكون هذا البشر سياسياً أو مدير موقع أو أباً أو أخاً أو صديقاً أو حاكماً، أو كاتباً، أو كائناً من كان، ونادراً ما أستخدم أسلوب المديح لأن ما هو جيد هو جيد ولا داعي التركيز على جودته لأن جودته هي التي تقدِّمه جيداً، سواء مدحته أو لم أمدحه، ولا بأس من اعطائه حقه عبر كلمة أو موقف ما، لكن شريطة أن لا يكون الموقف مبالغاً في المديح كي لا يتحوّل إلى نوعٍ من التملّق! وربما لاحظ بعضكم أو أكثركم انني أنتقد مؤسَّساتنا المهلهلة وبعض برامج وممارسات وطريقة قيادة الفضائيات فضائياتنا، فأنا أنقدها بهدف تقويمها وتصويبها إلى الأفضل والأصوب وليس نقدها نقداً تهديمياً لأن هدف النقد في الحياة هو التقويم والتحليل السليم للوصول إلى حالة أفضل مما هي عليه، لهذا فكل نقد بنّاء هدفه التطوير، لكن على ما يبدو أن كل من افتتح موقعاُ أو فضائية أو جريدة أو حزباً أو نادياً أو تجمعاً ما، ينتظر منّا أن نكيل له/لها المدائح، أنا لا أنكر بعض عطاءات وفوائد المواقع والفضائيات والأندية والأحزاب ولكن لا أنسى أيضاً أخطاءهم الجسيمة، ولن أغضّ النظر عن أخطائهم ومنزلقاتهم المريرة حرصاً عليهم، نعم حرصاً عليهم! لهذا أضع يدي على الجرح كي يتم معالجة هذا الجرح، لا أن أتركه يستفحل وينتقل إلى من يتاخمه ويجاوره، فأتذكر جيّداً كتبت منذ بضعة شهور عن الحالة المهلهلة التي تمرّ بها فضائياتنا السريانية، وقبل أن أدخل في تفاصيل الفكرة أودُّ الاشارة إلى أن التسميات المتصارعة تغيظني كثيراً (السريانية، الآشورية، الكلدانية، الآرامية، الآثورية .. الخ) تغيظني لأن هناك الكثيرين ممن يستخدمها بطريقة تقودنا إلى المزيد من التفرقة، فمن جهتي احترم كل هذه التسميات، وأعتبر نفسي من كلّ هذه الأصول، مع أني لم ولن انتسب إلى أي تنظيم أو تجمع من هذه التنظيمات، لأني أريدني كاتباً وشاعراً حرّاً، غير مقيّد بهذا التيار أو ذاك، وأريد التطوير والتحديث والنجاح والتوفيق لكل مؤسّساتنا وأحزابنا وفضائياتنا، .. أعود إلى ما كتبته منذ بضعة شهور عن حالة الركاكة والهشاشة التي تمرّ بها فضائياتنا وقد توقّفت مليّاً آنذاك عند فضائية سوريويو سات، حيث كنتُ على الأساس من الذين سيعملون في القسم العربي وذلكَ بناء على دعوةِ أحد أهم موسِّسي سوريويو سات، ولكن بطريقة أو بأخرى أصبحنا خارج دائرة أسرة الفضائية!

 آثرت في حينها أن ألتفتَ إلي قلمي تاركاً إدارة الفضائية تخطِّط كما تحلو لها، وقلبت صفحة العمل معهم، لأن أصحاب القرار لم يتابعون التواصل معي، جميلة عبارة أصحاب القرار، تضحكني هذه العبارة، حقيقة عبارة أصحاب القرار تضحكني، لأنهم لا يعرفون كيفية صياغة القرار، وعندما يصيغونه يتشكَّل معهم على شاكلة المثل القائل: "هات إيدك والحقني" وأنا لا ألحق قراراً بهذه الشاكلة، والغريب بالأمر أنهم أطاحوا بمن دعاني على أمل العمل، فتاه الأمل عندما أطاحوا بأهم مؤسِّس للفضائية، وكنتُ وما أزال أرشّحه بكل جدارة أن يكون مديراً للفضائية وهو الملفونو سيمون جورج، العقل المدبّر لكتلا الفضائيتين، ولكن بعض الجهلاء اعتبروه العقل المدمِّر، وقد نسى هؤلاء أنه كان يعمل أحياناً 18 ساعة في اليوم، هل كل هذه الجهود ستذهب في مهب الرّيح، لنترك الريح جانباً ونترك جهوده جانباً الآن، ونطلق سؤلاً افتراضياً، أليس من المرجَّح أن يكون حال الفضائية أفضل حالاً مما نحن عليه، لو تمَّ تعيين الملفونو سيمون جورج مديراً للفضائية في أوانها، أو رئيساً لقسم البرامج؟!  انّي توسّمت فيه الخير والعطاء الوفير، وكان لديه الكثير مما يمكن أن يعطيه في مجال تخصصه، سواء في التكنيك أو في مجالات أخرى، ولكن وبكل أسف عوامل عديدة دخلت على الخط، أحالت دون متابعة العقل المدبر تدبير الأمر، وهكذا وجدنا أنفسنا أمام إدارة غير قادرة على قيادة هكذا صرح كبير، ومنبر هام، لأن فاقد الشئ يا أعزّائي لا يعطيه، ومَن أداروا ويديروا الفضائية ليسوا من ذوي الخبرة في هذا المجال، فلم يستطعوا أن يعطي للفضائية ما هو مطلوب لأنهم لا يعرفون أصلاً ما هو المطلوب، لهذا عليهم وعلى مَن لا يعرف ما هو المطلوب أن يتركوا غيرهم يقدِّمون أبهى ما هو مطلوب!! ولا بأس أن يظلّوا يعلموا في الفضائية، في القسم الاقتصادي، لأن لديهم مالاً وفيراً، ولابأس أن يشتغلوا في مجالات تخصُّصهم لأننا نحتاج بكل تأكيد إلى طاقاتهم وغمكانياتهم أيضاً، لكن إدارة التلفزيون، وإبداع البرامج وكيفية انتقاء مدراء البرامج وذوي الكفاءات والخبرة، كلّ هذا يحتاج مخيلة وخبرة وتخصصاً وثقافة عميقة ونيّرة وباعاً كبيراً في هذا المجال!  

  تابعت الشاشة الصغيرة يوماً بعد يوم، تذرّعت إدارة التلفزيون في بادئ الأمر أن سبب تأخر البث هو بسبب فلان وفلان وعندما تم استبعاد فلان وعلان، لم يتم البث إلا بعد شهور وعندما تم البث التجريبي، تلقَّينا وعوداً بأن البث التجريبي سينتهي في غضون شهر أو أكثر وإذ بنا أمام بث تجريبي غريب وعجيب، شريط تمّ تسجيله بطريقة هواة غير مناسب المستوى لتصوير شرّيط حفلة عماد عابرة، فكيف سيتم تصويره لفضائية يشاهدها الملايين، وهكذا بدأوا يبثون بعض الأشرطة التسجيلية شهوراً، مرفقة ببعض الأغاني التي كان بعضها يشنفر الآذان، بكل ثقة أقول لو كان لديّ فقط مصّور مخضرم مثل الفنان شكري لازار والتقني البارع الملفونو سيمون جورج، ومحاور متمكّن باللغة السريانية، ومهندس الصوت جان قس كوّو، كنا سنقدّم وبما هو متاح لدى سوريويو سات، أفضل مما تمّ تقديمه حتى الآن من قبل كل فريق العمل، على أن يتركوننا نشكّل فريق عمل يضم الأقسام المتنوعة كقسم الأخبار وقسم برامج الموسيقى والغناء والرياضة والحوارات والريبورتاجات وتغطية الفعاليات الفنّية والثقافية والشعرية والخ، لأن إدارة الفضائية ليس لديها خبرة في كيفية إدارة العمل، كل ما لديها هو الحماس الكبير، لكن الحماس الكبير والمال الكثير وحدهما لا يكفي لقيادة هكذا منير، قد يجوز الهيئات الإدارية المتعاقبة تفهم أكثر منّي ومن غيري في مسألة جمع المال وشراء الفضائية والمقر والتجهيزات والخ ولكن مسألة قيادة وإدارة الفضائية لإعداد وإبداع برامج متنوعة ومفيدة وخلاقة تهم جالياتنا ومشاهدي شعبنا الموزّع في أرجاء المعمورة، واجراء حوارات تستحق أن تُشاهد من قبل ملايين المشاهدين، كل هذا بعيد كل البعيد عما أراه على الشاشة، خاصة في المرحلة الأولى، لهذا انتقدت هذا التراخي والتهلهل الذي حصل عبر سير الفضائية البطيء وكأننا في عصر السلاحف وليس عصر الفضائيات!

 قلت وما زلت أقول، انا لست ضد فضائية سوريويو سات ولا ضد فضائية سورويو تي في، لكني ضدّ ما هو غير قويم وضد ما هو غير جيد، ضد الأخطاء والاغلاط والهنّات التي تقع في البرامج، وضد الاستمرار في الخطأ يوماً بعد يوم، لهذا قلت في إحدى لقاءاتي مع بعض أعضاء الهيئة الإدارية في سوريويو سات، على الأساس كانت أشبه ما تكون بمقابلة معي من أجل العمل في الفضائية والطريف بالأمر وبعد دردشة استغرقت طويلاً وأكدّت لهم أن الفضائية تحتاج إلى كادر عمل، إلى متخصصين أو موهوبين وقادرين على العمل وعلى تطوير أنفسهم وبالتالي تطوير برامجهم، لأن فريق العمل الذي كان وما يزال كائناً في الغمام، كان فريق غير متكامل، فلا يوجد فريق عمل كافٍ للقسم العربي، فكل ما تمّ تقديمه أقرب من الفشل منه إلى النجاح، باستثناء بعض الريبورتاجات والحوارات الخفيفة التي قدمها الأستاذ العزيز غسان بغدو، ولكن بشكل عام القسم العربي كان فاشلاً لأنه كان وما يزال يفتقر إلى متفرغين للعمل، بحيث أن يكون المتفرغ قادراً على تغطية برنامج مسند إليه بشكل طبيعي وضمن شروط وظروف غير ارهاقية، فمثلاً بدا لنا عزيزنا د. ألياس أفرام مديراً لبرنامج ديني وبرنامج طبي وبرنامج باللغة الانكليزية، ومقدما برامجه بالسريانية والعربية، هذا اسمه تعجيز، فهل من المعقول اسناد كل هذا العمل لشخص واحد دفعة واحدة، لشخص ذات إمكانيات عادية، وعادية جدّاً فهو وبكل بساطة أقول غير قادر على قيادة حوار باللغة الانكليزية لأن انكليزيَّته أقل من عادية ونحن لسنا بصدد مشاهد برنامج لهاوٍ في الانكليزية، فلماذا لا يتم اعفاء عزيزنا الدكتور من هذه المهمة واسناد ما هو قادر عليه وهو تخصصه كطبيب؟ أو كمدير برنامج في القسم السرياني، كونه ملم بالسريانية ولكي لا يوزّع طاقاته على أكثر من برنامج فيبدّد ما يستطيعه أيضاً لضيق الوقت؟ الجواب هو أن الإدارة لها عبقريتها في قيادة العمل لهذا تسند العمل لكل مَن تراه مناسباً حتى ولو لم يكن مناسباً وإن اعتذر عن استلام العمل ربما يتعرّض لاعفائه من العمل، وهكذا مرغمٌ أخاك لا بطل، من جهتي لو أكون في موقع عزيزنا الدكتور سأرفض ما لا أجيده، وهكذا أحمّل المسؤولية للإدارة وللعاملين أيضاً لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الإدارة، وبكل صراحة بحسب ما شاهدته على شاشة الفضائية، استوقفني برنامج الشاعر العزيز زكي شو، وهذا البرنامج على ما يبدو جيّد وممكن تطويره في حال يتم التخطيط للبرنامج ويتم تقديم ضيوف ذو وزن ثقيل، لأن مدير البرنامج مهما كان ناجحاً ولديه ضيوف عاديين أو هواة فإن برنامجه سيكون معرّضاً للفشل، لهذت فإن أصعب ما يخطر على بال أي مدير برنامج هو الضيف، الضيف المناسب القادر على تبييض وجهه وتقديم ما هو مفيد ومتألق للمشاهد، لهذا أنصح مدراء البرامج في سوريويو سات أن يكونوا ذات رؤية انفراجية، لا أن يتوقّفوا عند زوايا ضيقة ويقولوا هذا الفنان أو الكاتب مع فلان وهذا الفنان مع علان وبالتالي يخسروا طاقات إبداعية هم بأمس الحاجة إليها لتقديمها للمشاهد الكريم، فما هو ذنب المشاهد إذا كان توجّه الفضائية ضد فلان من الفنانين أو ضد المؤسسة الفلانية وضد الحزب الفلاني وضد الشريحة الفلانية، لأن الفضائية هي منبر ثقافي فني مفتوح على الجميع وللجميع، ويجب أن تكون الرؤى متنوعة وعديدة كي يكون العمل شاملاً ورحباً، وإنَّ هذا التنوّع سيقونا إلى النجاح والتطوير أكثر، وليس من الضروري أن يكون كل ضيف من أنصار وتطلعات إدارة الفضائية أو متفقاً مع توجهات وآراء مدراء البرامج، كما انَّ هناك برنامج يتم تقديمه للأطفال، هذه المقدمة لبرنامج الأطفال لم أعد أتذكر اسمها لها إمكانيات جيدة وممكن تطويرها لأن حضورها جميل ويتناسب مع عالم الطفولة، كما أن للعزيز سليمان بعض الحضور في تقديم برامجه، وممكن أن يتطوّر نحو الأفضل رويداً رويداً، وأما أغلب ماتبقى من البرامج هي غير ناجحة، ولا يتم تقديمها بحرفية، بقدر ما يتم تغطية بعض المواضيع والأغاني وبعض الاسكيتشات والحوارات والحفلات والمهرجانات بطريقة رفع العتب أو بطريقة هاوية، لهذا يحتاج أغلب العاملين في الفضائية إلى مَن يمد لهم يد العون لأنهم بأمس الحاجة إلى الارتقاء بخصوصية وحرفية العمل خطوة خطوة وعلى أكثر من صعيد!

 لفت انتباهي برنامج حواري قدمته العزيزة مايا مع أحد رجالات الدين الانكليز، كان الحوار بالانكليزية، لا شك أن للأستاذة مايا الكثير من المواهب والإمكانيات، لكنها لا تسخَّرها على ما يبدو في مكانها المناسب عبر فضائية سوريويو سات، فقد اندهشت مصدوماً عندما شاهدت هذا البرنامج، متسائلاً نفسي ألا يكفينا مئات البرامج التي تم تقديمها مع رجالات الدين بالسريانية والعربية ومئات الصلوات والبرامج الدينية، فقد تكرّموا علينا ببرنامج حواري ديني بالانكليزية؟ لهذا تساءلت ألا يوجد في أمتنا بكل طوائفها سوى بعض القساوسة والمطارين ورجالات الدين وبعض الأغاني والمهرجانات والحفلات؟ أين هي الحوارات الفنية، والأدبية والثقافية حول الأدب الروائي والتاريخ والشعر والصحافة والموسيقى والرقص الشعبي والمسرح والسينما والتراث والرياضة والفن التشكيلي والنحت والقائمة طويلة؟ أين هي البرامج التي قدمتها فضائية سوريويو سات مع مبدعين محترفين في هذه المجالات؟!

 أغلب الحوارات والأغاني التي تمّ تقديمها في سوريويو سات كانت لمطربين هواة، ونادراً ما تجد حرفية عالية، ولا بأس أن يتم استضافة كافة المستويات لكن بطريقة مستساغة ومقبولة بحيث يتقبلها المتلقي، يهضمها المشاهد، لأن المشاهد متعطّش لبرامج يفتخر فيها على أنها برامج تبث من فضائياته لا برامج مهلهلة.

أنا لست ضد المطربين الهواة والمطربين أنصاف الهواة والمطربين الجيدين وما فوق الجيدين، أنا بصدد نقطة جوهرية أين هم أصحاب الخامات الإبداعية الموسيقية وأين هو فريق العمل الخاص بالموسيقى كي يقيّم الأصوات ضمن الأصول الموسيقية لأنه من البديهي أن يكون هناك لجنة مؤلَّفة من عدة متخصصين بالموسيقى والغناء بحيث تستطيع اللجنة أن تهيّئ المطرب وتقدّمه عبر مراحل تسبق اللقاء به بحيث يتم إختيار الأغاني التي تناسب صوته وبالتالي يتم تقديمه بشكل جيد وناجح، لأن اللجنة تستطيع أن تختبر الهواة وتنصحهم وترشدهم إلى نقاط ضعفهم وقوتهم وبالتالي يتم تطوير أصحاب المواهب بشكل مدروس تحت اشراف متخصصين وموهوهبين ومبدعين في مجال الموسيقى والغناء، لا أن نترك كل من هبَّ ودب يصعد خشبة المسرح ويغني وكأنه مطرب زمانه ونترك المبدعين في بيوتهم وكأنهم ليسوا من ملّتنا ولا من جنسنا ولا تهمّهم انحسار موسيقانا؟!

 ما هذا التناقض الذي نحن فيه؟!

إلى متى ستبقى مجموعة من المتحمسين العقلاء على إيقاعٍ آخر، تقودنا إلى مرابعِ الفشل الذريع، صدقوني أنا أحترم حتى الهيئات الفاشلة التي تقود الفضائيات، أحترمها لأنها على الأقل طرحت نفسها أن تؤسس فضائية وهذه الرؤية بحد ذاتها خطوة جيدة ورائعة لكن الأجود من هذا أن تترك المجال لذوي الخبرة يأخذون مواقعهم! وعلى الإدارة أن تتجدّد بين حينٍ وآخر، لأنها تحتاج دماء وأفكاراً جديدة، ونحنُ وبكل بساطة أقول أنَّ من أهم أسباب تخلفنا وتخلف الشرق، ونحن مجتمع شرقي من حيث مفهوم الرؤية وقراءة المستقبل حتى ولو عشنا في الغرب، لأن الرؤية الشرقبية القمعية الالغائية الاقصائية العشائرية مهيمنة على أغلبنا، ناهيك عن تشرّب روح السيطرة والديكتاتورية لدى الكثير ممن يقع في موقع المسؤولية، فنادراً ما نجد لإداراتنا قيادياً يفسخ المجال لغيره حتى ولو كان هذا الغير أجدر منه ألف مرة، فهو يجد نفسه عبقري عصره لمجرد أنه ذات عائلة وعشيرة كبيرة وذات مال كبير وذات وذات وذات! نحترم هذه الذات التي لديه لكن لماذا لا يتضامن غيره من ذوي الشأن حتى ولو كان من أفقر الفقراء ومن أصغر العائلات، فقد ولّى زمن العشائرية ذات الصيت الفارغ، خاصة إذا كان من ينتمي إلى عشرة أو عائلة مرموقة هو غير مرموق، فأنا لست ضد العائلات والعشائر كحالة متقدمة وحضارية ومتطورة لكني ضد أن يتّخذ سين أو صاد موقعاً له في فضائية ما أو تنظيم ما لمجرّد كونه غني جدّاً ومن العشيرة الفلانية وقادر على الحصول على أصوات تسنده، نحن نحتاجه ونحتاج ماله وأصوات من ينتخبوه لانتخاب شخص آخر له قدرات وخبرات وإمكانيات أكثر منه، هكذا أجدني إزاء حالة متشرذمة ومهلهلة تحتاج إلى تجميع طاقاتنا المبدعة والحكيمة بحيث نضع الإنسان المناسب في الموقع المناسب، وكفانا نزحف على بطوننا، فنحن يا أحبائي في بداية ألفية جديدة، ودول العالم تخطط وتنفّذ معرفة جغرافية القمر والكواكب الأخرى ونحن حتّى الآن لا نعرف كيف نخطّط لاعداد مطرب وإعداد برنامج حواري فيما إذا هو مفيد للمشاهد أم لا؟!

هل وصلَ المرسال؟!

ستوكهولم: 7 ـ 5 ـ 2007

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها