عاشت الأمة الآرامية بجميع طوائفها حرة أبية
 

بقلم: نينوس صوما اسعد
سويد ستوكهولم


 الموسيقا السريانية الكنسية (الجزء الثاني)

توضيحات لبعض المصطلحات الموسيقية الهامة

قبل أن أعالج موضوع الموسيقا السريانية الكنسية سأقف بإختصار عند بعض التعابير والمصطلحات الموسيقية  لأشرحها للقارىء الكريم ليتجهز بها عند قراءة الموضوع.

السلم الموسيقي:

يتكون السلم الموسيقي من سبع درجات موسيقية، هي: Do, Re, Mi, Fa, Sol, La, Si.

ومع إستعمال الدرجة الثامنةDo   والتي هي تكرار للدرجة الأولى وتسمى الجواب، يكتمل السلم الموسيقي ويسمى بالعربية الديوان، ويعرف عالمياً بالاوكتافOctavus  ، ويتكون الأوكتاف من ثمان درجات موسيقية، تقسم الى أنصاف درجات عددها 13 نصف درجة موسيقية، ويسمى بالسلم الملون أو السلم الكروماتي.


المسافة الصوتية أو البُعد الصوتي:

تتكون المسافة الصوتية من الصوت المحصور بين درجتين موسيقيتين، أي هي الفارق الصوتي الناتج من الإنتقال بين درجتين موسيقيتين صعوداً أو هبوطاً، كالإنتقال بين درجتي Do و Re، وتسمى هذه المسافة "بالبُعد الصوتي" أو "البُعد الطنيني"، وتقاس مسافته بعدد معين من الذبذبات الصوتية، وهذا البُعد الصوتي هو اليوم مقدار واحد في كل موسيقات العالم.

ويتكون السلم الموسيقي (الاوكتاف أو الديوان) من سبع مسافات صوتية متسلسة مختلفة الأبعاد، وتكون في السلم الموسيقي الغربي الكبير على نحو: (بُعد، بُعد، نصف بُعد، بُعد، بُعد، بُعد، نصف بُعد). والسلم الملون الكروماتي يتكون من 12 وحدة متساوية من أنصاف الأبعاد الصوتية.

علامات التحويل الموسيقية:

إن علامات التحويل الموسيقية مهمتها تحويل المسافات الصوت الكاملة الى أنصافها وتوضع هذه العلامات على المدرج الموسيقي بجانب مفتاح وميزان المدرج.  

وعلامات التحويل هي:

1- علامة " دييز , الرافعة" ومهمتها رفع العلامة الصوتية الى نصف درجة. ( مثل: دو دييز اي درجة دو مرفوعة نصف درجة ).

 2- علامة "بيمول , الخافضة" فمهمتها خفض الدرجة الصوتية الى نصفها. ( مثل: ري بيمول اي درجة ري منخفضة نصف درجة ).

3- علامتا التحويل الشرقية وهي: "نصف دييز" الرافعة ربع درجة صوتية و "نصف بيمول" الخافضة ربع درجة صوتية. ومهمتاهما هي الخفض او الرفع من قيمة الدرجة الصوتية ربع صوت لنحصل على مسافة الثلاثة أرباع الصوت الموجودة في سلالم المقامات الشرقية.

4- علامة "بيكار" مهمتها إعادة الدرجة المتأثرة بإحدى علامات التحويل إلى طبيعتها الصوتية السابقة.

الكوما الموسيقية:

يُقسم البُعد الصوتي الكامل الى تسعة أجزاء صغيرة يسمى الجزء الواحد منه "كوما"، ويقسم البُعد إلى نصفين، ونصف البُعد هذا يرتكز على الكوما الخامسة، ثم يقسم نصف البعد إلى ربعين، ويرتكز ربع الصوت الخافض على الكوما الثالثة، وبذلك نحصل على ثلاثة أرباع الصوت التي تتميز به الموسيقا الشرقية، (إذا كان الفرق الطبيعي بين العلامتين نصف بُعد صوتي، مثل البعُد الصوتي بين Mi, Fa)، والذي يقال له خطأ "ربع الصوت".

ويرتكز ثلاثة أرباع الصوت المرتفع على الكوما السابعة، (إذا كان الفرق الطبيعي بين العلامتين بُعد صوتي كامل، مثل البُعد الصوتي بين La, Si).

وكوما واحدة زائدة أو ناقصة لها أهمية كبرى في إضافة مذاق خاص ونكهة معينة في الموسيقا الشرقية، وتعطي لموسيقا شعب ما أو منطقة ما، هوية موسيقية مميزة عن غيرها.

وتتميز ألحان الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية بشكل عام بإستعمال الكوما المرتفعة في سلالمها الموسيقية الشرقية، مما يعطيها هذا الأمر جزءا هاماً من هويتها وشخصيتها وخصوصيتها، ويميزها عن موسيقات شرقية أخرى بعيدة عنها كالموسيقا المصرية المعاصرة التي تستعمل كوما منخفضة في سلالمها الموسيقية مما تكسبها نكهة وهوية مختلفة في ألحانها الشرقية الخاصة بها.

الجنس الموسيقي:

يتكون الجنس الموسيقي من أربع درجات موسيقية تحصر فيما بينها ثلاث مسافات صوتية متوالية ومتوافقة ومختلفة الأبعاد، لكنها لا تتعدى البعدين والنصف، أمثلة:

-  جنس بياتي يتكون من: بُعد ذو ثلاثة أرباع الصوت+ بُعد ذو ثلاثة أرباع الصوت+ بُعد صوتي كامل.

-  جنس نهوند يتكون من: بُعد كامل + نصف بُعد + بُعد.

-  جنس حجاز يتكون من: نصف بُعد + بعد ونُصف + نُصف بُعد.

ونلاحظ بأن مجموع المسافات في جميع الأجناس السابقة هي متساوية الأبعاد الصوتية ومقدارها بُعدين ونصف.  وهناك أجناس كثيرة في الموسيقا الشرقية منها: جنس راست، جنس عجم، جنس كرد ...... والخ .

أما إذا نقص الجنس عن البُعدين والنصف فيصبح جنساً ناقصاً، مثل جنس الصبا الذي يتكون من: بُعد ذو ثلاثة أرباع + بُعد ذو ثلاثة أرباع + نصف بُعد، ومجموعها فقط بُعدين.

وإن بعض ألحان الكنيسة السريانية الأرثوذوكسية تحوي أجناساً من هذا النوع.
وإذا زاد الجنس عن البُعدين والنصف وأصبح جنساً ذو خمس درجات موسيقية تنتج أربع مسافات صوتية سمي جنساً زائداً أو عقد موسيقياً، مثل عقد "نوى أثر" أو عقد "نكريز" الذي يتكون من: بُعد + نصف بُعد + بُعد ونصف + نصف بُعد. ومجموعها ثلاثة أبعاد ونصف.

وأما السلم الموسيقي (الديوان او الأوكتاف) فيتكون من جنسين موسيقيين، هما الجنس اﻷدنى والجنس الأعلى، وكل جنس يتكون من أربع درجات موسيقية، أي من بُعدين ونصف، ويفصل الجنسين مسافة صوتية تسمى فاصل طنيني، ومجموع أبعاد الجنسين مع الفاصل الطنيني (أي الأوكتاف) هي سبعة أبعاد صوتية غير متساوية المسافات.
المقام الموسيقي:

إن الصعود والهبوط على سلم الدرجات الموسيقية الثمانية العدد، والتي تحصر فيما بينها سبعة أبعاد صوتية متتالية ومختلفة المسافات، تصدر لحناً ميلودياً معيناً له نغمة خاصة تسمى بالمقام. وهناك مقامات عديدة وكل مقام له اسمه الخاص الذي يعرف به، وأسلوبه المتميز في سير العمل فيه، وملامحه الموسيقية، وشخصيته الخاصة، مما يميزه عن بقية المقامات الأخرى.

وبتبديل ترتيب الأبعاد الصوتية على السلم الموسيقي، يتبدل اللحن أو النغمة الميلودية ويتبدل المقام أيضاً، مثل مقام الراست ومقام البيات ومقام النهوند ومقام العجم وغيرها.

ويتكون المقام عادة من جنسين موسيقيين، أدنى وأعلى، وأحيانا أكثر من جنسين، فكلما يتوسع اللحن بتكوينه السلمي ويتنوع بنغماته يزداد عدد أجناسه الموسيقية، وربما تصل إلى أربعة أجناس صوتية متداخلة ومتوافقة من حيث التركيب والسمع. وهذا مثل توضيحي في كيفية بناء نغمات مقام الراست فقط من جنسين:

جنس راست أدنى ذو أربع درجات يرتكز على درجة Do.  أي ( دو- ري- مي هابطة ربع – فا )  ويحصر ثلاثة أبعاد مختلفة هي بُعد كامل+    ثلاثة أرباع البُعد   ثلاثة أرباع البُعد.

وجنس راست آخر أعلى ذو أربع درجات يرتكز على درجة Sol.  أي  ( صول- لا- سي هابطة ربع- دو )  ويحصر ثلاثة أبعاد مختلفة هي: بُعد كامل   ثلاثة أرباع البُعد   ثلاثة أرباع البُعد،  ويفصل الجنسين فاصل طنيني (بُعد كامل) بين درجتي Fa   وSol .  وبتبدل نوع أو نغمة الجنس الأعلى يتبدل إسم المقام أيضا، ويكون في هذه الحالة من تفرعات المقام. 

ومن المقامات المعروفة والغير المعروفة:

مقام اليكاه، مقام فرحفزا، مقام شت عربان، مقام عجم عشيران، مقام شوق إفزا، مقام حسيني عشيران، مقام سوزدل، مقام العراق، مقام راحة الأرواح، مقام فرحناك، مقام كوشت، مقام الرست، مقام سوزناك، مقام سازكار، مقام حجاز، مقام حجازكار، مقام نكريز، مقام حجازكاركرد، مقام نهوند، مقام نوروز، مقام زنجران، مقام البياتي، مقام أصفهان، مقام عشاق مصري، مقام صبا، مقام عرضبار، مقام السيكاه، مقام نيشابور، مقام جهاركاه، مقام النوى، مقام الحسيني، مقام الأوج، مقام الماهور. وهناك المئات من المقامات وتفرعاتها. 

ملاحظة:

تختلف بعض البلدان في أسماء المقامات رغم تطابق سلالمها الموسيقية، وليس بالضرورة أن تتفق جميع البلاد على مسميات مقاماتها، وقد تختلف أيضاً في سير عملها الذي يكسب موسيقاها روحاً مغايرة عن بلاد أخرى، لتتميز بهوية مقامية مستقلة عن غيرها مثل المقامات العراقية.   

السلم الموسيقي السباعي:

إن السلم الموسيقي (الديوان) يتكون من ثمان درجات موسيقية، أو من سبعة أبعاد صوتية متسلسة ومختلفة المسافات، لكنها متوافقة في تنظيمها السمعي وغير متنافرة، سميت بالسلم السباعي الأبعاد.

إن معظم الأمم والشعوب التي تستعمل السلم السباعي، تختلف سلالمها السباعية عن بعضها بسبب إختلاف في مسافات أبعادها الصوتية. لإختلاف هذه الشعوب عن بعضها بعاداتها وتقاليدها وبلغاتها ولهجاتها وأذواقها وظروف تطورها.

وهناك خلط كبير عند البعض بين مفهومي السلم السباعي والسلم الموسيقي (الديوان)، ورغم إرتباطهما ببعضهما، فالسلم الموسيقي (الديوان) هو تتابع الدرجات الموسيقية الثمان، وأما السلم السباعي فهو سلسة الأبعاد الصوتية السبعة المتوافقة التي يحصرها السلم الموسيقي بين درجاته.


السلم الموسيقي الخماسي:

يتميز السلم الخماسي بأنه يتكون من خمس درجات موسيقية تتضمن أربع مسافات صوتية مختلفة الأبعاد، وأهم هذه المسافات التي توضح معالم هذا السلم هي المسافة ذات البُعدين الكاملين.

إن ترتيب المسافات الصوتية الأربع المختلفة الأبعاد ينتج نغمة جميلة ورائعة لها ميزاتها وهويتها ونكهتها وخواصها الموسيقية.

إن البعض من الشعوب يستعملون إلى جانب السلم الخماسي الأساسي ذي الأبعاد الصوتية الأربعة، سلم خماسي آخر ذي أبعاد صوتية خمسة، وهذا السلم الأخير يتكون من ست درجات موسيقية تحوي على خمس مسافات صوتية مختلفة الأبعاد، وأهمها المسافة الصوتية ذات البُعدين الكاملين ويستعمل هذا السلم في موسيقا السودان إلى جانب السلم الخماسي، وكذلك يستعمل اليوم للمزج والإنتقال بين السلمين الخماسي والسباعي لأنه يحوي النكهتين.
وبشكل عام تستعمل السلم الخماسي العديد من الشعوب الافريقية، منها السودان وأثيوبيا واريتريا والصومال وغيرها، وكذلك بعض الشعوب الآسيوية مثل الصين واليابان وكوريا وفيتنام وغيرها.

 لكم كل المحبة

 الجزء الثالث

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها 

المقالات التي ننشرها تعبر عن آراء أصحابها ولا نتحمل مسؤولية مضمونها